ج٧ص٢٦٧
والخير في النفع بجارحة اليمين فاستعيرت لإحداها، وقوله ولذلك أي لما فيه من القوّة أو الشرف أو النفع سمي الجانب المعهود يميناً لما فيه من ذلك لأنّ اليمين في الأصل القوّة والبركة، وتيمنت الناس بالسانح لكونه يأتي من اليمين أو يتوجه إليها كما بيناه. قوله :) أو عن القوّة والقهر الخ ) معطوف على قوله عن أقوى الوجوه فيكون اليمين مجازاً عنه لا عن الوجه القوي والجهة، وبهذا فارق الأوّل وليس فيه حيحئذ مجاز على المجاز بل ولا استعارة لأنه مجاز مرسل إمّا بإطلاق المحل على الحال أو السبب على المسبب، ويجوز أن يكون استعارة بتشبيه القوّة بالجانب الأيمن في التقدم ونحوه والأوّل أولى، وقوله فتفسروننا الخ بيان للمراد منه على هذا، وقوله أو عن الحلف فتكون اليمين حقيقة بمعنى القسم ومعنى إتيانهم عنه أنهم يأتونهم مقسمين لهم على حقية ما هم عليه فالجار والمجرور حال، وعن بمعنى البأء كما في قوله :﴿ وَمَا يَنطِقُ عَنِ الْهَوَى ﴾ [ سورة النجم، الآية : ٣ ] أو هو ظرف لغو وتفسيره بالشهوة، والهوى لأنّ اليمين موضع الكبد كما في القاموس غويب جداً. قوله :( بل لم الخ ) إضراب عما قالوه، وقوله أجابهم الرؤساء إشارة إلى أنّ السابق من كلام الاتباع فقولهم لم تكونوا مؤمنين إنكار لإضلالهم لأنهم أضلوا أنفسهم بالكفر، وقولهم ما كان لنا الخ جواب آخر تسليمي على فرض! إضلالهم بأنهم لم يجبروهم عليه وإنما دعوهم له
فأجابوا له باختيارهم لموافقة ما دعوا له هواهم، وقيل إنه جواب واحد محصله أنكم اتصفتم بالكفر من غير جبر عليه. قوله :( ثم بينوا أنّ ضلال الفريقين ) أي الرؤساء واتباعهم، وقوله :﴿ كَانَ أَمْرًا مَّقْضِيًّا ﴾ [ سورة مريم، الآية : ٢١ ] أي بقضاء منه تعالى، وهذا معنى قوله :﴿ فَحَقَّ عَلَيْنَا قَوْلُ رَبِّنَا ﴾ أي وجب العذاب لجميعهم لقضائه تعالى بذلك، وقضاؤه تعالى سواء قلنا برجوعه إلى صفة العلم كما هو مذهب الماتريدية أو إلى الإرادة كما هو مذهب الأشاعرة لا يستلزم الجبر كما قرروه في الكلام فإنه لا ينافي الكسب باختيارهم وضملال الفريقين هو معنى قوله أغويناكم إنا كنا غاوين، ووقوعهم في العذاب معنى إنا لذائقون فما قيل من أنّ دلالة النظم عليه غير ظاهرة وأنه يجر إلى الجبر ظاهر الدفع أنه لو سلم الثاني يكون بياناً لمدعي هؤلاء الكفرة، وهو باطل مع أنّ قوله وأنّ غاية الخ صريح في خلافه، وقولن دعوهم إلى الغيّ معنى أغويناكم فليس المراد به حقيقته بل الحملى عليه. قوله :( لأنهم كانوا على الغئ الخ ( هو معنى قوله إنا كنا غاوين إشارة إلى أنها جملة مستأنفة لتعليل س قبلها، وقوله إيماء بأنّ الخ أي إشعار به ولذا عداه بالباء على عادته في التسامح في الصلات ووجه الإشعار أنهم لم يقولوا مغوين بصيغة المفعول لما فيه من الإشارة إلى أنّ غواية الاتباع ليست من الرؤساء كما بينه بقوله إذ لو كان كل غواية ناشئة من إغواء غاو آخر وتأثيره لكان لكل مغو مغو آخر وليس كذلك لأنّ أول غاو لا مغوى له، وهذا كما في حديث العدوى [ فمن أعدى الأوّل ] كما في البخاري وليس المراد أنه برهان قطعيّ فيما ذكر بل إنه أمر جار على ما عرف في العرف، والمحاورات فاندفع ما قيل عليه من أنه لا تلزم الكلية حتى يكون لهم مغو آخر أيضاً، وأنّ قوله لو كان كل غواية الخ لا وجه له فإنّ للغواية أسباباً منها الإغواء قليس بلازم بخصوصه، وبه سقط ما قيل إذا ئحققت غواية بلا إغواء يكون كل فرد كذلك لاتحاد الطبيعة إن اتحاد أفراد طبيعة في جميع الأمور غير لازم فتدبر. قوله :( بالمشركين لقوله الخ ) يعني تخصيصهم لأنّ ما بعده معين له،
وقوله لشاعر مجنون قيل إنه كالهذيان فإئا لشعر يقتضي عقلا تاما، وفيه نظر وقوله رد عليهم إشارة إلى أنّ الإضراب إبطاليّ، وفي قوله إنكم لذائقوا الخ التفات. قوله :( وقرئ بنصب العذاب الخ ) يعني أنه بتقدير لذائقون العذاب فأسقطت النون للتخفيف كما أسقط الشاعر التنوين مع نصبه المفعول، وعدم إضافته فيهما وقوله ولا ذاكر الله الخ هو شعر لأبي الأسود الدؤلي وأوّله :
فالفيته غير مستعتب
لا ذاكر الله الخ وذاكر روي بالجرّ وبالنصب بالعطف على غير أو مستعتب. قوله :( وهو ضعيف في غير المحلى ). قوله : أمّا ما كان صلة للألف واللام فورد حذفه كثيرا لاستطالة الصلة الداعية للتخفيف كما في قوله الحافظ وعورة العشيرة البيت، وقوله وهو على الأصل أي قرئ بالنصب مع إثبات النون على الأصل والقاعدة في عدم حذفها في نحوه، وقوله مثل ما عملتم لأنّ الجزاء من جنس العمل لا عينه. قوله :( استثناء منقطع ) فقوله أولئك الخ مستأنف لبيان حالهم والاتصال مع عموم الضمير بعيد لما فيه من تفكيك


الصفحة التالية
Icon