ج٧ص٢٧٥
المعروف في أمثاله بالتقدير في الأوّل أو في الثاني كما ذكره فإن عبادتها إفك أي صرف للعبادة عن وجهها أو هو حال من فاعل تريدون، أو من المفعول بتقدير مأفوكة لكن وقوع المصدر حالاً غير مقيس. قوله :( بمن هو حقيق بالعبادة الخ ) فسر رب العالمين بالحقيق بالعبادة ليرتبط بما قبله من إنكار عبادة الأصنام، ولذا جعله حجة عليه فالمعنى أنّ استحقاقه للعبادة أظهر من أن يختلج عرق شبهة فيه فأنكر ظنهم الكائن في بيان استحقاقه للعبادة، وهو الذي حملهم على عبادة غيره، وقوله لكونه الخ يعني أنه أقيم فيه الدليل، والعلة مقام مدلوله ومعلوله لدلالته عليه. قوله :( حتى تركشم عبادته ) مع كونه المستحق لها وحده لكونه المالك الحقيقي وما سواه مملوك وقد قيل :
كل مايصلح للمولى على العبد حرام
وقوله وأشركتم الخ أي تركتم عبادته خاصة، وفي نسخة أو أشركتم وهو الأظهر فالمعنى
على الأوّل فما ظنكم به وهو حقيق بالعبادة أشككتم فيه حتى تركتم عبادته بالكلية، وعلى الثاني أعلمتم أفي شيء هو حتى جعلتم الأصنام شركاءه وعلى الثالث ما ظنكم بعقابه حتى اجترأتم على الإفك عليه، وفي كلامه لف ونشر وقوله والمعنى الخ يعني أنّ الاستفهام إنكاري والمراد من إنكار الظن إنكار ما يقتضيه، ويصد بالصاد المهملة بمعنى يمنع. قوله :( على طريقة الإلزام ) بناء على اعترافهم بأنه رب العالمين وجعله كالحجة دون أن يقول وهو حجة ملتزمة لأنه ليس صريحاً في الإلزام ولذا جعله على طريقته فتأمّل. قوله :( فرأى مواقعها الخ ( إنما فسر به لأنّ ما يستدل به على حدوث أمر ليس هو رؤية أجرامها ففط بل مع ما يستدل به من أحوالها كاتصال بعضها ببعض، وتقابلها وتقارنها ومواقعها مغاربها فالمراد بالنظر فيها التأمل في أحوالها، أو في علمها المشروح فيه ما شاهده من ذلك أو في كتب النجوم وأحكامها، ولذا عذاه بفي كما قيل :
هل من كتاب أوأخ أوفتى أنظر فيه أو له أو إليه
وقيل : لبعض الملوك ما تشتهي فقالط حبيب أنظر إليه ومحتاج أنظر له وكتاب أنظر فيه
فهو مجاز عما ذكر أو فيه مضاف مقدّر. قوله :( ولا منع منه ( أي كيف ينظر في النجوم، وهو نبيّ معصوم فأجاب بأنه ليس بممنوع شرعا وكون النجوم تدل على بعض الأمور لجعل اللّه لها علامة عليه جائز، وإنما الممتنع اعتقاد أنها مؤثرة بنفسها والجزم بكلمة أحكامها وقد ذكر الكرماني في مناسكة أنّ النبيي ﷺ قال لرجل أراد السفر في آخر الشهر :" أتريد أن تخسر صفقتك وتخيب سعيك اصبر حتى يهل الهلال " مع أنه لم ينظر فيها حققة بل أوهمهم ذلك لأنهم كانوا منجمين فأظهر لهم ذلك لئلا يحضر معهم في مجامع كفرهم. قوله :( سألوه أن يعيد معهم ) يقال عيد إذا حضر مع الناس في العيد كما يقال جمع إذا حضر الجمعة، وعرّف إذا حضر عرفة فلما سألوه الذهاب معهم لعيدهم، ومجمع كفرهم ذكر ذلك ليتخلف عنهم. قوله :( أراهم أنه استدد بها ) أي أوهمهم أنه استدل بالنجوم على سقمه، وقوله على أنه مشارف للسقم متعلق باستدل، ولئلا متعلق بأراهم ومعيد بضم الميم وفتح العين المهملة وتشديد الياء
المثناة التحتية محل عيدهم، وإنما أوّل سقيم بالمشارفة لأنه غير سقيم بالفعل كما شاهدوه والسقيم بالفعل لا يحتاج للنظر في النجوم لذلك، وظاهر عطف قوله أو أراد بأو كما في أكثر النسخ أن هذا تأويل مستقل فالتأويلات أربعة فالمراد أنه مستعد ل!سقام كما هو شأن كل أحد إذ المشارفة بمعناها المعروف غير موجودة فيؤول إلى الجواب الأخير، أو المراد بسقيم صدور الكذب منه وأنه جائز إذا تضمن مصلحة والظاهر هو العطف بأو على أنّ الوجوه ثلاثة، وسقم قلبه حزنه وغمه بجعل ذلك مرضاً على طريق التشبيه أو هو مجاز باستعماله في لازمه، وهو الخروح عن الاعتدال فإنّ الاعتدال الحقيقي غير موجود أو أراد أنه مستعدّ للموت استعداد المريض فهو استعارة أو مجاز مرسل، وإنما أوّلوه لأنه معصوم عن الكذب وتسميته كذبا في الأحاديث الصحيحة نظرا لظاهره، وجعله ذنبا في حديث الشفاعة لأنه خلاف الأولى إذ عدل عن التصريح إلى التعريض، ومن جوّز صدور الذنب عنهم لا يؤوله، وقول الإمام إسناد الكذب إلى راوي الحديث أهون من إسناده إلى إبراهيم لا يلتفت له وقد روي في الصحيحين. قوله :( ومنه المثل كفى بالسلامة داء ) هو حديث في مسند الفردوس فهو من الأمثال النبوية، ومعناه أنّ حياة المرء سبب لموته فهو


الصفحة التالية
Icon