ج٧ص٢٩٠
تعبدوننا وعبدة جمع عابد ككتبة وفسقة، وقوله مقام معلوم في المعرفة أي مرتبة فهو مجاز ويحتمل بقاؤه على ظاهر. لأنّ محال عبادتهم متفاوتة كملائكة الأرض وكل سماء. قوله :( ثم استثنوا المخلصين ) ويتعين حينئذ الاستثناء من واو يصفون ومن جوّز الاحتمال الآخر فيه فقد تعسف، وقوله تبرئة لهم منه أي مما نسبوه له أو من العذاب إن جوّز الاحتمال الآخر فيه فقد تعسف، وقوله تبرئة لهم منه أي مما نسبوه له أو من العذاب إن جوّز الوجه الآخر، وقوله فيه كان الظاهر فيها أي العبودية، وقوله للشقاوة المقدرة لا جبر فيه كما توهم
وهو ردّ على الزمخشريّ في قوله إلا من كان مثلكم ممن علم الله بكفرهم لا لتقدير. ولم يتبعه أوّلاً حيث قال قبيله إلا من سبق في علمه كما قيل لأنه لم ينو التقدير فيه، وقد قال الطيبي رحمه اللّه إنه تفسير بالرأي حيث فرق بين علم الله وتقديره فالمقتضى لهذه الحوادث حكم الله بالسعادة والشقاوة وشماعده النظم فتدبر. قوله :( فحذف الموصوف الخ ) تبع فيه الزمخشريّ في أنّ منا خبر مقدم والمبتدأ محذوف للاكتفاء بصفته وهي جملة له مقام معلوم لجريه على القاعدة من أنه لا يحذف المنعوت بظرف أو جملة إلا إذا كان بعض ما قبله من مجرور بمن أوفى وما عداه ضرورة أو شاذ في المشهور، وقال أبو حيان ليس هذا من حذف الموصوف إقامة صفته مقامه لأن المحذوف مبتدأ فتقديره ما أحد منا وجملة له مقام الخ خبره إذ الفائدة لا تتم إلا به فلا ينعقد كلام من ما منا أحد فإن أريد أنّ إلا بمعنى غير وهي صفة لم يصح لأنه لا يجوز حذف موصوفها كما صرّحوا به، وقد تقدم هذا في سورة النساء، وأيضاً فهم منعوا التفريغ في الصفات وعلى هذا يكون واقعا فيها وما ذكره ظاهر الورود، وما قيل في دفعه بأنه ينعقد منه كلام مفيد مناسب للمقام إذ معناه ما منا أحد متصف بشيء من الصفات إلا بصفة أن يكون له مقام الخ لا يتجاوزه والمقصود بالحصر المبالغة في إثبات الوصف المذكور حتى كأنّ غيره عدم، أو هو صفة بل محذوف أي ما منا أحد إلا أحد له مقام الخ كما قاله ابن مالك : في دفع ما أورد على تفريغ الصفة من أنه لا يصح معنى إذ لا يخلو أحد من صفات متعددة، ثم إنّ أبا حيان رحمه الله قدر أحد مؤخراً عن منا أيضا فلا يظهر لقوله منا موقع من الإعراب لا يدفعه، ولا يلاقيه حتى يدفعه فإنه عني أنّ المقصود بالإفادة هذه الجملة وهو مما لا شبهة فيه وما هو المقصود بالإفادة يقع خبراً لأنه محط الفائدة فجعله تابعاً لموضوع القضية يقتضي أنه مفروغ عنه سيق هنا لإيضاح أو تخصيص، وأن كان به تصير الجملة كلاما متضمناً لمعنى مفيد، وما نقله عن ابن مالك ليس بشيء لأنّ حذف البدل والمبدل منه مما لا نظير له، وأمّا استشكال الحصر فأظهر من أن يذكر لأن الحصر فيه إضافي في كل مقام يحمل على ما يليق به فهنا الحصر في صفة العبودية لا المعبودية ولا مانع من التفريغ في الصفات كما يستثنى من أعمّ الأحوال، وقع في نسخة محرّفة له وإلا فهو صرّج بأن أحد مبتدأ أو مناصفته مع أنه يجوز أن يعتبره مقدما فيكون حالاً لأن صفة النكرة إذا تقدمت تصير حالاً بناء على رأى من يجوّزه من المبتدأ، وما اعترض! عليه به هم معترفون به، ولذا جعل الزمخشريّ ومن الناس من يقول آمنا حرف الجرّ فيه مبتدأ ميلاً مع المعنى كما مرّ فلا بد مما ارتكبه أبو حيان ليفيد الكلام مع كثرة التفريع في الأخبار فهو أسلم كما قال أو يقال القصد هنا ليس إفادة مضمون الخبر بل الرد عليهم، ولذا جعل الظرف خبراً وقدم فالمعنى ليس منا أحد يتجاوز مقام العبودية لغيرها بخلافكم أنتم فقد صدر منكم ما أخرجكم عن رتبة الطاعة فتدبر. قوله :( ولعل الأوّل الخ ) يعني كونهم صافين
أنفسهم، أو أقدامهم لوقوفهم في خدمة رلث العزة كناية عن الانقياد والطاعة وتسبيحهم لله تعالى تنزيهه عما لا يليق به كناية عن المعرفة بما يليق بجلاله، والاختصاص المذكور في الواقع لأنه لا يدوم عليه غيرهم لأنّ خواص البشر لا تخلو من الاشتغال بالمعاش مع ما فيه من التعريض الكفرة فلا خفاء في مناسبتة للمقام كما توهم، وقوله والمعنى الخ فيه الاحتمالان السابقان كما ذكره بعضهم. قوله :( كتاباً من الكتب التي نزلت عليهم ) أي من جنسها ومثلها في كونه من الله لا مثله لقوله فكفروا به، أو نفسه لأنّ الكفر بالقرآن كفر بغيره من الكتب السماوية، والمهيمن عليها أي الشاهد عليها المصدق لها كما ورد في الحديث وصفه بذلك وقوله وهو قوله الخ فيكون هذا تفسيراً أو بدلاً من كلمتنا، ويجوز أن يكون مستأنفاً والوعد ما في محل آخر من