ج٧ص٢٩٧
بإضمار القول أي قائلين وهو أحسن من إضمار أن لأنه لا وجه لتقديره بل هذه دالة على زيادتها في الأخرى وفي قراءة يمشون الجملة حالية أو مستأنفة، والكلام في أن اصبروا كما في أن امشوا سواء تعلق بانطلق أو بما يليه. قوله :( ١ نّ هذا الأمر لشيء من ريب الزمان يراد بنا ) ذكر الزمخشري في تفسيره وجوهاً أوّلها أن هذا الأمر لشيء يريده اللّه ويحكم بإمضائه وما أراد اللّه كونه فلا مردّ له ولا ينفع فيه إلا الصبر، ولم يذكره المصنف مع جعل الزمخشري له أوجه الوجوه فقيل لما فيه من التناقض أو شبهه فإنّ كون أمر النبيّ ﷺ مراد الله ينافي كونه كذبا مختلفاً كما سيأتي فلذا لم يذكره، وقيل إنه غير وارد لأنّ كونه كذبا لا ينافي كونه مراد الله إذ يقال قد أراد الله أن يكذب، وهذا يصح لو أورده المصنف وأورد عليه ما أورد أما العلامة فلا لأنه لا يقول إنه يريد الكذب فلذا دفع الإشكال بما ذكره من أنّ قولهم أن هذا إلا اختلاق مخالف لاعتقادهم فيه دمانما هو ممن غلا به مرجل الحسد فلا منافاة ومن غفل عنه قال إنه لا يدفع شبه التناقض فلو سلم لانحسم الإشكال إذ قيل إنهم كانوا شاكين وهذا الجعل ينافيه، وقوله من ريب الزمان بناء على إسنادهم الحوادث والوقائع إلى الدهر، ولذا ورد " لا تسبوا الدهر " ( كما مرّ. قوله :) أو أنّ هذا الذي يدعيه الخ ( قوله يتمنى أي النبيّ ﷺ يتمنى التوحيد ولكنه لا يكون كل ما يتمنى فاصبروا راجع إلى الوجه
الأوّل، وقوله أو يريده كل أحد راجع إلى الثاني على اللف والنشر المرتب. قوله :( أو أنّ دينكم يطلب ليؤخذ منكم ) فالمشار له بهذا هو دينهم وفي الوجه السابق كان المشار إليه ما وقع من أمر النبيّ ﷺ، والمراد بأخذه منهم انتزاعه وطرحه ولو قدر مضاف وهو إبطال لكان أقرب أي يراد إبطاله وتعليل هذه الجملة لما قبلها ظاهر، وكون المراد أنّ دينهم مما يراد ويرغب فيه له وجه لكن لا يتوقف صحة التعليل ولا ظهوره عليه كما توهم. قوله :( أو في ملة عيسى عليه ا!لاة والسلام الخ ) هذا معنى قول الزمخشريّ لأنّ النصارى يدعونها وهم مثلثة غير موحدة، وفي الكشف إن قيل لا حاجة إلى التعليل فإنها كانت الآخرة قبل ظهور نبينا ﷺ وكانت قريش لا تسلم نبوّته فهي الملة الآخرة عند قريش أجيب بأنّ الإطلاق يقتضي أن يكون آخرا في نفس الأمر فلهذا احتاج إلى التعليل المذكور اهـ، يعني أنّ نبينا ﷺ خاتم الأنبياء عليهم الصلاة والسلام فملته آخر الملل فكيف تطلق الآخرة على ملة عيسى عليه الصلاة والسلام، فأجاب بأنهم لما لم يسلموا نبوّة نبينا ﷺ كانت آخرة بزعمهم فصح الإطلاق، وان لم تكن آخرة في نفس الأمر ولا عند النصارى فإنّ عيسى عليه الصلاة والسلام آمن بنبوّة محمد ﷺ فلا بلأع في التوصيف بشيء بحسب الاعتقاد أو الظن فما قيل إنه لا يدفع الإشكال غير صحيح، ثم إنّ فيه إشارة إلى أن المقصود من قولهم ما سمعنا بهذا إنا سمعنا خلافه وهو عدم التوحيد فهو كما زعمت النصارى إذ ملل الأنبياء عليهم الصلاة والسلام متفقة على التوحيد، ولذا عبر بالملة دون الشرع والدين فإنها تطلق على الكفر كما في الحديث " الكفر كله ملة واحدة " ففيه توجيه آخر لادّعاء أنّ عدم التوحيد ملة عيسى عليه الصلاة والسلام، وهو لا ينافي الأوّل كما توهم وترك المدقق له لظهوره ولأنّ الأوّل هو المقصود كما سنبينه. قوله :( ويجورّ أن يكون ( أي قوله في الملة الآخرة حالاً من اسم الإشارة وقد كان متعلقاً بسمعنا والإشارة إلى ما دعاهم إليه النبيّ ﷺ، وهذا توجيه آخر لكونها آخرة منه يعلم أنّ ما قبله المقصود منه توجيهها أيضا فالمعترض غافل عما سيق له الكلام فليس المراد ملة قريش ولا ملة عيسى ﷺ كما مرّ فيكون المراد ملة نبي مبعوث في آخر الزمان من غير تعيين كما كانت الكهان، واً هل الكتاب تبشر به ولكونها غير معينة كان المناسب تنكير ملة ولسبق التبشير بها كان لها نوع من العهدية فيجوز تعريفها، فما قيل إنّ التعريف فيه نبوة عن هذا نظراً إلى الأوّل لكنه غير متعين وهذا من كذبهم فإنه فيما يشير به إنه يكسر الأصنام ويدعو إلى التوحيد، ولدّا دلسوا وقالوا : ما سمعنا ظاهر فأفهم. قوله :
( كذب اختلقه ) أي افتراه من غير سبق مثل له، وقوله إنكار لاختصاصه بالوحي الباء داخلة على المقصود والاختصاص مستفاد من قوله من بينناً فهو من صريحه لا من تقديم عليه دهان صح، وكونه مثلهم أو دونهم من إنكار