ج٧ص٣٠٩
التعسفات لا يليق وأيضا اللزوم لا يتعدى بعن إلا إذا ضمن أو تجوّز به فما الفائدة في استعمال لغة وحشية من غير فائدة، وتضمين معنى مناسب مما يعدي بعن من أوّل الأمر ممكن، ولما رأى المصنف ما في الكشاف مختلا عدل عنه مشيرا إلى إصلاح ما نقل بأن ما ذكروه من اللزوم أرادوا به التقاعد، وهو الاحتباس المعوّق عن الأمر وهو يتعدى بعن من غير تضمين فقصر المسافة، وجعل أحب بمعنى تقاعد أي احتبس دفعاً لبعض ما أورد على ذلك القيل كما ذكره المدقق في كشفه وبعد اللتيا والتي فهذا الوجه ضعيف مردود. قوله :( مثل بعير السوء إذ أحبا ) رواه الجوهري :
ضرب بعير السوء إذا حبا
وهو من شعر وقبله :
كيف قريب شيخك الا زبا
وقيل :
تبا لمن بالهوى قدالبا
وبعير السوء بمعنى السيء لكنه غير مرضي له واجب بمعنى لزم مكانه كما فسر المصنف. قوله :( وحب الخير مفعول له ) أي على هذا الوجه فتقديره تقاعدت وتعوّقت عن ذكر ربي لأجل حب الخير وهذا بيان إذ ما قيل من أنّ قوله حب الخير يقتضي إن أحببت بمعناه المشهور لا بالمعنى المذكور وعلى الوجه السابق هو مفعول به أي آثرت حب الخير، أو مفعول مطلق ومفعوله محذوف، وهو الصافنات أو عرضها ويجوز حمل أحببت على ظاهره، وجعل عن متعلقة بمقدر كمعرضاً وبعيداً وكون عن تعليلية كسقاه عن العيمة بعيد، وقوله الخيل الخ حديث صحيح والناصية الرأس ومعنى عقده بها إنه لا يفارقها لما فيها من العز
وثواب الجهاد. قوله :( والمراد به الخ ( أي على تفسيري أحببت والخير على هذا من ذكر العام وإرادة الخاص وعلى الثاني من ذكر الشيء وارادة ملابسه، ويجوز إبقاؤه على معناه إذا كان مفعولاً مطلقا. قوله :( حتى توارث الخ ) متعلق بقوله أحببت وفيه استعارة تصريحية أو مكنية لتشبيه الشمس بامرأة حسناء أو ملك وباء بالحجاب للظرفية أو الاستعانة أو الملابسة. قوله :( لدلالة العشي عليه ) رد على الإمام وغيره ممن رجح كون الضمير للصافنات لما في هذا من تفكيك الضمائر والإضمار من غير سبق ذكر بأنه مذكور حكصاً لأنّ العشيّ وقت غروب الشمس فهو يدل عليها تضمناً أو التزاماً وتخالف الضمائر مع القرينة لا ضير فيه، وتوارى الخيل بالحجاب عبارة ركيكة والاعتراض بأنّ الاشتغال بها حتى تفوت الصلاة ذنب عظيم مشترك الإلزام لأنّ تواري الخيل في حجاب الليل يكون بعد العتمة مع أنّ النسيان لا يدخل تحت التكليف، وفوت الصلاة وكون تلك الصلاة كانت مفروضة عليه غير معلوم والاصشتغال بخيل الحهاد عبادة وقوله ردّوها الخ ليس تهورا وتجبراً كما توهم بل إبتهالاً حيثما ألهاه قربانا له وكان تقريب الخيل مشروعاً في دينه فهو طاعة كما قيل، وقيل على اشتراك الإلزام أنه غفلة عن قول الإمام إنّ المراد بتواريها التواري عن نظره لما أمر بإجرائها، ثم أمر الرائضين بردها لا لتواري بظلمة الليل، ورد بأنه لا غفلة فيه بل المراد أنه لا يتم ما لم يرد هذا فإن مجرّد تواريها عن نظره لا محذور فيه حتى يقتضي استقفاره وتوبته وقد روي أنّ الشمس غربت لاشتغاله بأمرها فالمعنى إنه إن أبقى على ظاهره خالف الرواية والدراية والأبقى المحذور، فتأمّل. قوله :( ردوها ) من مقول القول فلا حاجة لتقدير قول آخر كما في الكشاف، وكون السياق يقتضيه لأنه جواب عن سؤال تقديره فما قال غير مسلم ولذا لم يلتفت إليه المصنف، وقوله الضمير للصافنات هو المشهور وقيل إنه للشمس أيضاً وانها ردت له كما رد ليوشع ليصلي الصلاة في وقتها والخطاب للملائكة جمليهم الصلاة والسلام، وهو مرويّ عن علي كرم الله وجهه فإن قلت على هذا برد الشمس تصير الصلاة أداء أم قضاء قلت الظاهر إنها أداء وقد بحث فيه الفقهاء بحثاً طويلا ليس هذا محله. قوله تعالى :( ﴿ فَطَفِقَ ﴾ الخ ) هي من أفعال الشروع كما بينه النحاة، وقوله يمسح مسحا إشارة إلى أنه مفعول مطلق لفعل مقدر هو خبر طفق لا حال مؤوّل بماسحا كما توهم وليس هذا مما يسد الحال به مسذ الخبر، وقوله بسوقها الخ إشارة إلى أن التعريف للعهد أو أل قائمة مقام الضمير المضاف إليه، وقوله يقطعها تفسير ليمسح والعلاوة بكسر العين الرأس ما دامت على الجسد وقد يكون بمعنى ما يزاد على الحمل واستعمال المسح بمعنى ضرب العنق استعارة وقعت في كلامهم قديما. قوله :) وقيل الخ ( مرضه لأنه لا
يناسب السياق وردها لمجرّد المسح لا وجه له، والرواية على خلافه أيضا فلا وجه لترجيح الإمام له، وقوله على همز الواو أي الساكنة المضموم ما قبلها والقياس إبدال الواو همزة