ج٧ص٣١٦
وفيه نظر، وأنا ما قيل من أنه على تقدير هذا خبراً فهو من فصل الخطاب لا إذا قدر مبتدأ فقد رد بأنه منه على كليهما فهي تفرقة بلا فارق، وقوله إعرابه ما سبق ويجوز كونه منصوبا على شريطة التفسير، وقوله حال من جهنم أي من الضمير المستتر في قوله للطاغين الراجع لشر مآب المراد به جهنم ففيه ما مرّ من التسامح والحال مقدرة كما مرّ، والمهاد كالفراش لفظاً ومعنى وكذا المهد وقد يخص بمقرّ الطفل. قوله :( أي ليذوقوا الخ ) ذكر فيه ثلاثة أوجه أنّ هذا مبتدأ خبره حميم وجملة فليذوقوه معترضة كقولك زيد فافهم رجل صالح أو هو خبر مبتدأ محذوف، وجملة فليذوقوه مرتبة على الجملة الاً ولى قبلها فهي بمنزلة جزاء شرط محذوف، وحميم خبر مبتدأ محذوف أو هذا منصوب بمضمر يفسره فليذوقوه، والفاء زائدة كما في ﴿ وَرَبَّكَ فَكَبِّرْ ﴾ [ سورة المدثر، الآية : ٣ ] وقد تقدم الكلام في هذه الفاء في سورة النور، وفي كونها تفسيرية تعقيبية ودلالتها على أن يكون لهم إذاقة بعد إذاقة فتذكره وقوله وهو أي حميم على الوجهين الأوّلين في هذا فليذوقوه وهذا المقدر ضمير يعود لاسم الإشارة، وعلى هذا فالمشار إليه بهذا جنس ما أعدّ لشربهم فلا ينافي إفراد هذا تعدّده على بعض التقادير، وان جاز كون الغساق والحميم صفتي موصوف واحد إذ اسم الإشارة يشار به للمتعدد كما في عوان بين ذلك فنزل كلاَ من
حأشبة الثهاب / ج ٨ لم م ا ا
الوجوه فيما يليق به وغسق بمعنى سال كضرب، وسمع وغساق مخففا ومشددا اسم لما ذكر ويحتمل أنه وصف وهو في التشديد أظهر. قوله :( من مثل هذا المذوق الخ ) هذا وجه لأفراد الضمير مع أنّ الظاهر أن يثنى نظراً للحميم والغساق، والإتيان باسم الإشارة للإشارة إلى تقدم ذكره لا لأنه مبني على الوجه الأوّل كما قيل وان صح فيكون قوله أو العذاب مبنيا على الثاني، وقوله في الشدة متعلق بمثل لبيان وجه المماثلة بينهما، وقوله وتوحيد الخ جواب عن سؤال مرّ بيانه فإن كانا صفتين لشيء واحد فهو إشارة لذاته بقطع النظر عن صفته وقوله بالكسر أي كسر شين شكله وهي لغة فيه كمثل، وقوله أجناس إشارة إلى ما مرّ من أنّ الزوج يطلق على الذكر والأنثى وعلى كل متجانسين. قوله :( خبر لآخر ) إشارة إلى الوجوه المذكورة في إعرابه على القراءتين في آض مفردا وجمعا لأنهم قالوا أخر مبتدأ ومن شكله خبره وأزواج فاعل الظرف أو آخر مبتدأ أو من شكله خبر المبتدأ فلا يرد أنها خلت من الضمير أو من شكله نعت لآخر المبتدأ أو أزواج خبره أي وأخر من شكل المذوق أزواج أو من شكله نعت آخر المبتدأ وأزواج فاعله، والضمير لأخر والخبر مقدر أي لهم أنواع أخر من شكلها الأزواج أو الخبر مقدر وهو لهم ومن شكله أزواح صفتان لا آخر فالوجوه خمسة كما في الدرّ المصون، ولا محذور في الأخبار بأزواج على أفراد آخر لأن المراد به نوع آخر وكذ! إذا كان صفة له، وقوله أو للثلاثة أي صفة للثلاثة، وهي حميم وغساق وآخر وتقدير الخبر على الوجه الرابع. قوله :( حكاية ما يقال للرؤساء ) من أهل الضلال تقريعاً لهم وفيه إشارة إلى ارتباطه بما قبله بتقدير فيقال لهم عند الدخول هذا الخ، والقائل ملائكة العذاب أو بعضهم لبعض كما في الكشاف ولا حاجة على الثاني إلى أن يقال مقتحم معنا ولا مرحبا بكم دون بهم لا لأنه حكاية بحسب المعنى كما قيل بل لأنّ خطاب معكم من بعضهم أي الرؤساء لبعض منهم وضمير بهم للاتباع والدعاء عليهم من غير مواجهة لهم، وما ذكره بناء على الظاهر من تخاطب الاتباع والرؤساء لا من تخاطب بعض أحد الفريقين لآخرين منهم كما قيل. قوله :( واقتحمها معهم فوج تبعهم في الضلال ( ظاهره أنّ مع يجوز تعلقه باقتحم فيكون ظرفا له، وقد جوّز في معكم أن يكون نعتا ثانياً لفوج أو حالاً منه لأنه قد وصف أو من الضمير المستتر في مقتحم وقال أبو البقاء لا يجوز أن يكون ظرفا لفساد المعنى فقيل لم أدر من أيّ وجه يفسد والحالية، والصفة في المعنى كالظرفية ووافقه المدقق في الكشف فقال إن كان الفساد لإيتائه عن تزاحمهم في الدخول فليس بلازم فإنه مثلى ضربت معه زيداً للمشاركة في المضروبية مطلقاً فالمراد اشتراكهم في ركوب قحمتها ومقاساة شدّتها في زمان متقارب عرفا، ولو قيل هذا فوج معكم مقتحمون لم يفد أقتحام المخاطبين
ويفسد المعنى ولا فرق بينه وبين الحالية فقيل عليه إنه حال لا ظرف إذ ليس المراد أنهم اقتحموا في الصحبة ودخلوا فيها بل اقتحموا في النار مصاحبين لكم، ومقارنين إياكم فليس ما تقدّم وجه الفساد كما ظن وهو كلام فاسد لا محصل له لأنّ مدلول مع المعبر عنه بالصحبة معناه الاجتماع في التليس بمدلول