ج٧ص٣٢٨
بين الصلب والترائب. قوله :) هو المستحق لعبادتكم ) إشارة إلى أنّ ربكم خبر بعد خبر عن ذلكم لا بدل، وان كان محتملا لأنه لو كان إشارة إلى البدلية كما قيل لم يعطف، وأنّ الرب بمعنى المالك وبقي فيه احتمالات أخر وهي ظاهرة وقوله إذ لا يشاركه في الخلق غيره هو معنى قوله له الملك لأن معناه جميع المخلوقات مخصوصة به خلقاً وملكا كما مرّ فجملة لا إله إلا الله متفرّعة على ما قبلها، ولم يصزج فيه بالفاء التفريعية لظهوره اعتماداً على فهم السامع، وقوله عن إيمانكم سواء كان إشارة لتقدير المضاف أو بيانا لحاصل المعنى الدال عليه مقابلته بالكفر، وعطف قوله ولا يرضى لعباده الكفر هو الأوفق بالسياق فلا وجه لما قيل إنه لا حاجة إليه لأنّ الغني عن إيمانهم مترتب على الغني عنهم فإنه لو لم يتحقق الأوّل لم يتحقق الثاني. قوله تعالى :( ﴿ وَلَا يَرْضَى لِعِبَادِهِ الْكُفْرَ ﴾ ( اختلف العلماء في الكفر هل يرضاه الله أم لا فذهب بعض الأشعرية كالنووي في كتاب الأصول والضوابط إلى أنّ الكفر يرضاه، وقوله تعالى :﴿ وَلَا يَرْضَى لِعِبَادِهِ الْكُفْرَ ﴾ المراد بالعباد هنا المؤمنون المخلصون منهم والإضافة للتشريف كما نقله السخاوي وقال إنه وقع في عصره البحث فيه، وأنكره علماء الحنفية كالعيني ونقله ابن الهمام عن الأشعري وامام الحرمين والظاهر إنه دائر على تفسيره فمن قال الرضا والإرادة بمعنى فمقابله الكره ذهب إلى الأوّل وخص العباد هنا ومن فسره بالمحبة أو بالإرادة مع ترك الاعتراض، ويقابله السخط كما في شرح المسايرة ذهب إلى الثاني، وعمم العباد فاحفظه. قوله :( لاستضرارهم به رحمة عليهم ) تعليل لعدم الرضا والرحمة تعليل للمعلل، يعني أنه تعالى لما أرشد إلى الحق وهدد على الباطل إكمالاً لرحمته خاطب جميع العباد بقوله إن تكفروا الخ تنبيها على الغنى الذاتي وأنه لم يأمر وينه لانتفاعه أو تضرره بل رعاية لمنافعهم ودفعاً لمضارهم لرحمته، ولذا عدل فيه عن الخطاب تنبيها على أنّ عبوديتهم، وربوبيته تقتضي أن لا يرضاه لهم وأنهم إذا كفروا خرجوا عن رتبة العبودية ففيه من لطائف البلاغة ما لا يخفى، ثم إن الرضا يتعدى بنفسه وبالباء وعن وعلى ويتعلق بالعين والمعنى وإذا تعدى باللام تعدى بنفسه كقولك رضيت لك كذا والرضا حالة نفسانية تعقب حصول ملائم مع ابتهاج به، واكتفاء فهو غير الإرادة بالضرورة لتقدمها وهو في غير المستعمل باللام فإنه يكون قبله ومعنى رضيته
لك أنه مما يحق أن يرضى ويختار والرضا في حقه تعالى محال وهو مجاز عن اختياره، هذا محصل ما أفاده المدقق في الكشف. قوله : الأنه سبب فلاحكم ( فرضاه وعدم رضاه ليس إلا لنفع عباده فإنه غني عن العالمين وعن أعمالهم فشكرهم يزيدهم فلاحا وسعة وزيادة نعم، وقوله في رواية أي عن نافع فقط فإنه روي عنه أيضاً الاختلاس. قوله :( لأنها صارت بحذف الألف ) من يرضى التي هي قبل الضمير بعد متحرّك والقاعدة في إشباع الهاء وعدمه أنها إن سكن ما قبلها لم تشبع نحو عليه وإليه، وان تحرّك أشبعت نحوه به وغلامه وهنا قبلها ساكن تقديرا وهو الألف المحذوفة للجازم فإن جعلت موجودة حكماً لم يشبع وان قطع النظر عنها أشبع هذا هو الفصيح، وقد يشبع ويختلس في غير ذلك وقوله لغة فيها هي لغة بني عقيل وكلاب إجراء للوصل مجرى الوقف، وقوله ولا تزر الخ مرّ تحقيقه، وقوله بالمحاسبة الخ فالأنباء كناية أو مجاز عن المحاسبة والجزاء وذات الصدور والسرائر، وقوله فلا تخفى الخ إشارة إلى أنّ تخصيصه لأنه يعلم منه ما عداه بالأولى. قوله : الزوال ما ينازع العقل الخ ( مبدأ مصدر ميمي بمعنى البدء، وما ينازع العقل ويعارضه فيصرفه عن الحق والصواب من الاعتقاد الفاسد في الأصنام وأنها تنفع وتضر وهو ما يبغتهم من الشر الذي يذهلهم عنها فيرجعوا إلى ما ركز في الطبيعة من أن جميع الأمور ضراً ونفعا من الله لا ضارّ، ولا نافع سواه. قوله :) من الخول ( بفتحتين وهو تعهد الشيء أي الرجوع إليه مرة بعد أخرى، ومنه الحديث " كان ﷺ يتخوّلنا بالموعظة مخافة السآمة " قلما كان المعطي الكريم يتعهد من هو ربيب إحسانه وأسير امتنانه بتكرير العطاء عليه مرّة بعد أخرى قيل خؤله بمعنى أعطاه، أو لأنه كما قال الراغب أصله أعطاه خولاً بفتحتين أي عبيداً وخدما أو أعطاه ما يحتاج إلى تعهده والقيام عليه، ثم عم لمطلق العطاء كما سيأتي وقد فسره في الأنعام بتفضله عليه بالنعم، وليس بعيدا مما هنا كما توهم. قوله :( أو الخول ( بسكون الواو وهو


الصفحة التالية
Icon