ج٧ص٣٣٤
مقامه، وعلى الثاني يصح نصبه على الحالية بتأويله بنابعا لكنه لا يخلو من الكدر لأنه لو قصد هذا كان حقه أن يقال من الأرض وفي الأرض على الوجهين صفة ينابيع، وقيل ينابيع مفعول ملك على الحذف والإيصال ! قوله :( أصنافه ) فإنّ اللون يكون بمعنى النوع، والصنف، ومنه ألوان الطعام، وإذا كان بمعنى
الكيفية المدركة بالبصر فهو بمعناه المتعارف، وقوله حان له أن يثور حان بمعنى قرب، وثار بمعنى انتشر وذهب، وهو توجيه لإطلاق الهيجان على تمام الجفاف، وظاهره أنه من مجاز المشارفة، وكلام الراغب على أنه حقيقة فيه، والفتات المتفتت أي المتكسر. قوله :( بأنه لا بد الخ ) فإن تنقله في أطواره يدل على أنّ له خالقاً حكيما، وإذا كان مثلاً للدنيا فهو كقوله :﴿ وَاضْرِبْ لَهُم مَّثَلَ الْحَيَاةِ الدُّنْيَا كَمَاء أَنزَلْنَاهُ مِنَ السَّمَاء فَاخْتَلَطَ بِهِ نَبَاتُ الْأَرْضِ فَأَصْبَحَ هَشِيمًا تَذْرُوهُ الرِّيَاحُ ﴾ [ سورة الكهف، الآية : ٤٥ ] ونحوه، وقوله إذ لا يتذكر الخ بيان لوجه التخصيص. قوله :( حتى تمكن ) أي استقرّ الإسلام والإيمان فيه بيسر أي بسهولة، وقوله عبر بالبناء للمفعول وفاعل خلق الله لأنه معلوم من السياق يعني أن انشراح الصدر أصله من الشرح بمعنى البسط، والمدّ للحم ونحوه يكنى به عن التوسيع ثم تجوّز به هنا عن خلقه مستعداً استعداداً تامّا لقبول الأمر الملقى إليه من غير امتناع، ولا توقف فيه كالمكان الواسع يقبل ما يجعلى فيه. قوله :) من حيث إن الصدر محل القلب الخ ) بيان للتجوّز والعلاقة فيه على أن شرح الله صدره استعارة تمثيلية أو الصدر مجاز عن النفس بعلاقة الحلول فإن الصدر محل القلب، وهو في تجويفه الأيسر بخار لطيف يتكوّن من صفوة الأغذية، وبه تتعلق النفس الناطقة، وبواسطته تتعلق بسائر البدن تعلق التدبير والتصرف، وتلك النفس هي القابلة للإيمان والإسلام فالروح في كلامه بمعنى الأبخرة المذكورة لأنها تسمى روحا، والمراد بالنفس النفس الناطقة والمتعلق بفتح اللام محل التعلق وللنفس باللام وفي نسخة المتعلق بالنفس بالباء على أنه اسم فاعل وهي صحيحة أيضاً لكن الأولى أحسن. قوله تعالى :( ﴿ فَهُوَ عَلَى نُورٍ مِّن رَّبِّهِ ﴾ ) عدل عن عنده أو له نور الظاهر للدلالة على استمراوه واستقرار فيه، والنور مستعار للهداية والمعرفة كما يستعار لضدّه الظلمة، وقوله وعته عليه الصلاة والسلام الحديث صحيح لكن في سنده ضعف كما صرحوا
به، والمراد بالنور فيه الهداية واليقين والإنابة الرجوع أريد بها مجازا الركون والميل لمقابلته بالتجافي الذي هو التباعد، ودار الغرور الدنيا والتأهب إحضار الأهبة، وهي ما لا بد منه للمسافر والخبر المحذوف تقديره كمن ليس كذلك، أو كمن قسا قلبه ليلائم ما بعده كما ذكره المصنف، فإن قلت أنّ مدلول النظم على تفسيره ترتب دخول النور على الانشراح، لأنه الاستعداد لقبوله، وما ذكر في الحديث عكسه، فكيف جعل ما في الحديث تفسيراً لها، قلت لا يخفى أنّ المعرفة والاهتداء له مراتب، بعضها مقدم وبعضها مؤخر، وانشراح صدره في الحديث ما يكون بعد التمكن، وفي الآية ما تقدمه، وقس عليه النور. قوله :( من أجل ذكره الخ ) يعني من فيه للتعليل والسببية، وفيها معنى الابتداء لنشئها عنه، ولذا قيل إنها ابتدائية وإذا قيل قسا منه فالمراد أنه سبب لقسوة نشأت منه، واذا قيل قسا عنه فالمعنى أن قسوته جعلته متباعداً عن قبوله، وبهما ورد استعماله، وقد قرئ بعن في الشواذ لكن الأوّل أبلغ، كما ذكره المصنف لأنّ قسوة القلب تقتضي عدم ذكر اللّه، وهو معناه إذا تعدّى بعن، وذكره تعالى مما يلين القلوب، فكونه سبباً للقسوة يدل على شدّة الكفر الذي جعل سبب الرقة سببا لقسوته، والتأبي الامتناع، وقوله ذكر شرح الصدر لأنّ توسعته وجعله محلا للإسلام دون القلب الذي فيه، يدل على شدّته وإفراط كثرته التي فاضت حتى ملأت الصدر فضلا عن قلبه، وإسناده إليه يقتضي أنه على أتم الوجوه لأنه فعل قادر حكيم، وقوله قابله بقساوة القلب، ومقتضى لتقابل أن يعبر بالضيق، لأنّ قسوته بكونه صخرة صماء تقتضي أر، لا يقبل شيئا، فإنّ الضيق يشعر بقبول شيء قليل منه، واسناده إلى القلوب دون اللّه للإشارة إلى أنه جبلة خلقوا عليه، وقيل المراد أنه أسند إلى ذكر الله المقتضى لكمال لينه، وهو مع بعده خلاف الظاهر، وضمير إليه للقلب لا للذكر، كما توهمه فإنه متعلقه لا مسند إليه، وان جاز حمل الإسناد على معناه اللغوي والضمير المستتر للقساوة، وذكره لأنه مؤوّل بأن والفعل أو


الصفحة التالية
Icon