ج٧ص٣٤١
لتشفع لهم، وهو يؤول لما ذكرناه. قوله :) تشفع لهم عند اللّه ( يعني في دفع العذاب، وقيل في أمورهم الدنيوية والأخروية، وقوله أشخاص مقربون قد فسره بالتماثيل، وهي اوصنام فلا وجه لتفسيره بالملائكة، كما قيل وكذا ما قيل المراد البشر والملك فإن أساف ونائلة صورتان لبشرين. قوله :( لا يستطيع أحد شفاعة إلا بإذنه ) الملك معنى اللام، وكون كلها له من قوله جميعاً، ويجوز كون اللام للاختصاص، وفيه إيماء إلى وجود الشفاعة لأنّ الملك والاختصاص يقتضي الوجود، وقوله ولا يستقل بها لأنها ملكه والمملوك لا يتصزف فيه بدون إذن مالكه، وكذا المخصوص به فانه قريب منه، وهو كالتفسير لما قبله فلا يرد أنه يوهم تجويز مدخليتهم فيها بالانضمام، وهو مناف لمعنى اللام ولا احتمال للإذن لهم في الشفاعة لأنهم ليسوا ممن ارتضى لها، كما لا يخفى. قوله :( ثم قوّر ذلك ( أي كون أحد لا
يستطيع ذلك ولا يستقل به على ما قرّرناه، وقوله فإنه مالك الملك كله إشارة إلى أنّ السموات والأرض كناية عن كل ما سواه لأنه استئناف تعليلي لكون الشفاعة جميعا له، فلا يتم بدون تعميم ملكه كما توهم، ولذا صدره بالفاء. قوله :( لا يملك أحد الخ ( لأنه ملكه فلا يتصرّف فيه بدون إذنه ورضاه سواء كان ذلك في الدنيا أو في الآخرة وإنما ذكره هنا لظهوره للمخاطبين لا سيما منكري الحشر، وقوله ثم إليه ترجعون تكميل لهذا فلا يرد ما قيل إنه كان الظاهر تأخيره عن قوله ترجعون لدلالته على اختصاص مالكية الآخرة التي فيها تقع الشفاعة به. قوله :) ﴿ ثُمَّ إِلَيْهِ تُرْجَعُونَ ﴾ ) قدم إليه للفاصلة وللدلالة على الحصر إذ المعنى إليه لا إلى غيره وتركه المصنف لظهوره، وهو معطوف على قوله له الملك الخ أو على قوله لئه الشفاعة، وفي قوله يرجعون إشارة إلى انتطاع الملك الصوري عما سواه وتنويه له على أبلغ وجه. قوله تعالى :( ﴿ وَإِذَا ذُكِرَ اللَّهُ وَحْدَهُ ﴾ الخ ( أصل معنى الاشمئزاز انقباض يغير الجلد ونحوه، ثم شاع في النفرة من الشيء كما أشار إليه المصنف ووزنه افعلل كاقشعر، وقوله واذا ذكر الذين من دونه أي وحدها أو مع الله وفيه تهديد لمن يفرح بغير الله. قوله :) بين الغاية فيهما ( أي في الأمرين وهما التبجح بالدنيا، ونسيان حق الله حيث عبر في الأوّل بالاستبشار فإنه سرور يزيد حتى يظهر في بشرة الوجه وضده الاشمئزاز، وهو غمّ يظهر من القلب على ظاهره حتى ينقبض أديمه كما يشاهد في وجه العابس المحزون. قوله :( والعامل في إذا المفاجأة ( إذا الأولى شرطية محلها النصب على الظرفية، وعاملها الجواب ومن قال إنه الشرط يقول إنها غير مضافة للجملة بعدها والثانية فجائية فمن قال إنها حرف لا يبين لها عاملا ومن قال إنها ظرف مكان أو زمان يختص بالدخول على الجملة الاسمية لبيان أنّ مدلولها وقع من غير مهلة يقول ناصبها الخبر الملفوظ في نحو خرجت فإذا زيد جالس أو المقدر في نحو فإذا الأسد أي حاضر وإن جعلت هي خبرا فعاملها استقرار مقدر على ما فصله النحاة وذهب الزمخشري إلى أن عاملها فعل مقدر مشتق من لفظ المفاجأة تقديره فاجؤوا أو فاجأهم وقت الاستبشار فهي مفعول به، وتبعه المصنف وقال أبو حيان وابن هشام إنه لا يعرف لغيره وهو تحامل عليه فإنه لا يقلد غيره وما ذكر في إذا الثانية، وأمّا الأولى فمذهب النحاة فيها معلوم وعلى القول بأنّ العامل فيها الجواب يكون معمولا لفاجأ المقدر أيضاً، ولا يلزمه تعلق ظرفين بعامل واحد لأنّ الثاني ليس منصوباً على الظرفية كما عرفته. قوله :( التجئ الخ ) يعني أنه أمر بالدعاء وأمره بذلك مع أنه القادر على
تقليب قلوبهم أو تعجيل عذابهم المقصود منه بيان حالهم ووعيدهم، وتسلية حبيبه الأكرم وأن جدّ. وسعيه معلوم مشكور عنده تعالى وتعليم العباد الالتجاء إلى الله والدعاء بأسمائه العظمى ولله در الربيع بن خيثم فإنه لما سئل عن قتل الحسين تأوّه وتلا هذه الآية فإذا ذكر لك شيء مما جرى بين الصحابة ﴿ قُلِ اللَّهُمَّ فَاطِرَ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ عَالِمَ الْغَيْبِ وَالشَّهَادَةِ أَنتَ تَحْكُمُ بَيْنَ عِبَادِكَ فِي مَا كَانُوا فِيهِ يَخْتَلِفُونَ ﴾ فإنه من الآداب التي ينبغي أن تحفظ، وقوله شدة شكيمتهم قد مرّ أنه استعارة لشدّة العناد والمخالفة، وقوله فإنه القادر تعليل لأمره بالالتجاء، وقوله فأنت وحدك الخ إشارة إلى أنّ تقديم المسند إليه هنا يفيد الحصر، وانّ المقصود من ذكر الحكم بين العباد الحكم بينه وبين هؤلاء. قوله :( وعيد شديد وإقناط كلي لهم من الخلاص ( لأنه كما مرّ تمثيل للزوم العذاب لهم إذ لم يقصد إثبات الشرطية بل التمثيل لحالهم بحال من يحاول التخلص والفداء مما ذكر فلا يقبل منه، وهذه الجملة قيل :


الصفحة التالية
Icon