ج٧ص٣٤٦
من الجسد، ثيم استعير للناحية التي تليه كما قيل يمين وشمال لما يليهما، وقوله في حقه يعني أنه أريد هنا أن التفريط واقع في حقه وهو ما يحق له، ويلزم وهو الطاعة، ثم أثبت استعماله بهذا المعنى في كلامهم فبيت سابق البربري، وهو من فصحاء العرب وشعراء الحماسة ومعناه إمّا تخافين من الله لما صدر منك في حقه والوامق المحب وجملة له الخ صفته وحرى تأنيث حران، وهو من اشتدت حرارة جوفه من العطش ونحوه وتقطع أصله تتقطع فحذفت إحدى تاءيه. قوله :( وهو كناية الخ ) يعني أنّ فيه مضاكا مقدراً لا بد من تقديره كما صرّج به في الكشاف أي في جنب طاعة الله والجنب بمعنى الجانب، والجهة والتفريط في جهة الطاعة كناية عن التفريط في الطاعة لأن من ضيع جهة ضيع ما فيها بالطريق الأولى الأبلغ لكونه بطريق برهاني كما لا يخفى وحق اللّه بمعنى طاعته لا مانع من أن يكون لها جهة بالتبعية للمطيع، كمكان السماحة في البيت المذكور قال في الكشاف : فإن قلت فمرجع كلامك إلى أنّ ذكر الجنب كلا ذكر سوى ما يعطي م!ن حسن الكناية وبلاغتها فكأنه فيل فرطت في اللّه فما فعناه قلت : لا بد من تقدير مضاف
محذوف سواء ذكر الجنب أو لم يذكر والمعنى فرطت في طاعة الله وعبادة الله وما أشبه ذلك ا هـ، والعجب إنه في الكشاف بعدما أطال في تقريره وتوضيحه لم يقف بعض أرباب الحواشي على مراده حتى نقل أنّ الإمام قال : لما حصلت المشابهة بين الجنب الذي هو العضو وما يكهون لازماً للشيء حسن إطلاق الجنب على الحق والطاعة، وزعم أنه مأخذ المصنف وأنّ كلامه تلخيص له لكنه يكون حينئذ استعارة تصريحية لا كناية كما زعمه المصنف، وإنما يكون كناية إذا أريد به الذات كما في الكشاف والمقابلة تمنع من الحمل عليه مع أنه يرد على الكشاف أنّ المعنى الحقيقي لا إمكان له لتنزهه سبحانه عن الجهة فكيف تصح الكناية، ثم تبعه من تبع وقال ما قال : وماذا بعد الحق إلا الضلال. قوله :( وقيل في ذاته ) يعني الجنب مجاز عن الذات كالجانب والمجلس يستعمل مجازا لربه فيكون المعنى فرطت في ذات الله ولا معنى للتفريط في الذأت فلذا قدر فيه مضافا أي في طاعة ذات الله ولا يخفى مغايرته لما قبله وان خفي على بعضهم ووجه تمريضه ظاهر لأنّ الجنب لا يليق إطلاقه هنا، ولو مجازاً وركاكته ظاهرة. قوله :( وقيل في قربه ) يعني أنّ الجنب يستعار للقرب أو يستعمل له مجازاً مرسلا كما في الصاحب بالجنب فإنّ المراد به القريب، وهذا وان تبادر من الطاعة ونحوها فهو بعد التجوّز عن هذا يحتاج إلى تجوّز آخر وهو وجه تضعيفه، وقوله إما تتقين الله الخ البيت من قصيدة لجميل بن معمر الشاعر المشهور أوّلها :
وهاجك أم لا بالمداخل مربع ودار بأجراع العذيرين بلقع
وقوله : إن السماحة الخ من قصيدة لزيادة الأعجم مدح بها ابن الحشرج أمير نيسابور فهو شاهد للكناية التي قصد بها إثبات تلك الصفات لممدوحه بطريق الكناية لجعلثا لمحل هو فيه، وهو أبلغ من وصفه بها. قوله تعالى :( ﴿ وَإِن كُنتُ لَمِنَ السَّاخِرِينَ ﴾ ( إن مخففة من الثقيلة واللام هي الفارقة، وقوله : بأهله أي أهل الله وهو شامل للأندجمياء عليهم الصلاة والسلام والمؤمنين وأهل القرآن فلذا اقتصر عليه المصنف لشموله لأقوال أخر ذكرها غيره، وقوله : بالإرشاد إلى الحق فالهداية بمعنى الدلالة الموصلة، ولم يفسره بخلق الاهتداء فيه وان كان سبباً للتقوى أيضاً لأنّ هذا أنسب بالشرطية، وهو المطابق للرد بقوله بلى والظاهر إنّ هذه المقالة في الآخرة. قوله تعالى :( ﴿ لَوْ أَنَّ لِي كَرَّةً ﴾ ) أي رجوعاً إلى الحياة الدنيا ولو للتمني ولذا نصب جوابها، وقوله : وأو الخ يعني إنها لمنع الخلوّ فيجوز اجتماع بعضها وكلها في بعضهم، وانما
أتى بمانعة الخلوّ لأنها تكفي في الداعي إلى الإنابة والاتباع والتخير في الجميع، والتعلل في الثاني كما سيصرّح به ويجوز أن يكون في الأخير. قوله :( ردّ من الله الخ ) جعله متضمنا للنفي لأنّ بلى لا تكون إلا بعد النفي لكنه لا يشترط فيه أن يكون صريحا كما أشار إليه المصنف. قوله :( وفصله عنه الخ ) دفع للسؤال المقدر، وهو أنه كان ينبغي أن لا يفصل بينهما فإن خشي من الفصل بين أقسام الترديد ورد عليه إنه لو أخر الثاني لم يلزمه محذور فأشار إلى أنّ فيه محذوراً آخر، وهو ثشويش الترتيب الطبيعي كما أشار إليه بقوله : لأنه يتحسر الخ وبيانه كما في شرح الكشاف : أنّ التحسر على التفريط في الطاعة عند تطاير الكتب والتعلل بفقد الهداية عند مشاهدة كرامة المتقين، وتمني الرجعة