ج٧ص٣٤٩
لليد التي تمسه أو تشير له مشتق من السلامي، وهو البنان أو من السلام بالكسر وهي الحجارة والدلائل ما في الآيات السابقة، وقوله لفرط غباوتهم متعلق بقوله أمروه عقيب ذلك. قوله :) بما دل عليه تأمروني أعبد الخ ) يعني أصله تأمروني أن أعبد فحذفت إن وارتفع الفعل ولما كان المقدر كالموجود وأن لا يعمل ما بعدها فيما قبلها لم يجر نصبه بأعبد حينئذ جعله منصوبا بمقدر دل عليه مجموع الكلام، وهو تعبدونني بالتشديد أي تصيرونني عابداً غير الله وهو مختار الزمخشريّ، وقد منعه غيره بأنه لا حاجة لهذا التكلف بل هو منصوب بأعبد واًن بعد الحذف يبطل حكمها المذكور، وفيه وجوه أخر في الإعراب. قوله :( ألا أيهذا الزاجري الخ ) تقدم الكلام عليه وأنّ أحضر يروى بالرفع والنصب، وقيل الفعل جزم بمعنى المصدر والوغى الحرب، وقوله : بحذف الثانية هو أحد قولين فيها لأنها التي حصل بها الثقل، وقيل : الأولى لأنها حرف إعراب عرضة للتغيير، وهو سهل، وهو بيت من معلقة طرفة بن العبد المشهورة وتمامه :
وأن أشهدا للذات هي أنت مخلدي
قوله :) كلام على سبيل الفرض الخ ( يعني أن تقتضي احتمال الوقوع، وهو هنا مقطوع بعدمه فكان الظاهر لو دون إن فأجاب بأنه يكفي احتماله، ولو فرضا ولا يلزم وقوعه، وهذا شأن أداة الشرط مطلقا فإنها لا تدل على وقوع المقدم، وهو مصحح له والمرجح إنه قصد به تهييجهم ونحوه مما ذكر، وقوله : والإشعار ضمنه معنى التنبيه، ولذا عداه بعلى وهذا الوجه لا يلزم اطراده حتى يعترض عليه بأنه لا يستقيم على الوجه الأوّل لإطلاق الإحباط كما قيل، ومن هذا علمت أن استدلاله في المواقف بهذه الآية على جواز صدور الكبائر من الأنبياء عليهم الصلاة والسلام لا وجه له. قوله :( وأفراد الخطاب ( في أشركت وكان الظاهر أشركتم، ولكنه بتأويل أوحى إلي كل واحد منهم مثل هذا أو قيل لكل واحد منهم : لئن أشركت الخ، ويجوز أن يكون فيه حذف والأصل أوحي إليك لئن أشرّكت الخ وإلى الذين من قبلك مثل ذلك، وهو
ظاهر ما في الكشاف. قوله :( واللام الأولى موطئة الخ ) الأولى لام لئن، والأخريان وفي نسخة الأخيرتان هما ما بعدهما وأمّا اللام الداخلة على لقد فقسمية من غير شبهة، ولما كانت المعطوفة كذلك سأل الزمخشري عن اللامين، وقيل إنه لم يقل والثانية كما في الكشاف لئلا يتوهم أنّ المراد بالأولى لام لقد ولعمري إنّ من يتوهم مثله لا يفهم الكشاف، ولا يليق به مطالعته. قوله :( وإطلاق الإحباط الخ ) يعني لم يقيد بالاستمرار عليه إلى الموت فإنه هو المحبط في الحقيقة إمّا لأنّ ردّة الأنبياء عليهم الصلاة والسلام محبطة مطلقاً لو وقعت، وان كانت مما لا يتصوّر فيهم صلوات الله وسلامه عليهم، أو لأنّ هذا القيد معلوم فلذا ترك التقييد به اعتمادا على التصريح به في آية أخرى وإنما يحتاج إلى هذا على مذهب الشافعي فإن الردة عنده لا تحبط العمل السابق عليها ما لم يستمر على الكفر إلى الموت فيحمل المطلق هنا على المقيد أمّا عندنا فهي مبطلة له مطلقاً لكنه لا يقضي منها غير الحج كما صرّج به الفقهاء، والحاصل أنّ الأعمال الصادرة حال الكفر محبطة بالاتفاق السابقة عليه أيضا عند الحنفية كما صرّح به في الكشف. قوله :) وعطف الخسران عليه الخ ) يعني إنه يحتمل أن يكون الخسران بسبب الحبوط لكنه كان الظاهر أن يقول فيكون من الخاسرين فترك الفاء، واعادة اللام معه تقتضي أنه خسران آخر غير حبوط العمل لكنه إنما عطف بالواو دون الفاء إشعاراً باستقلال كل منهما في الزجر عن الشرك فالمراد بالخسران على مذهبنا ما لزم من حبوط العمل لا الخلود في النار حتى يلزم التقييد بالموت كما هو عند الشافعي فالوجه الثاني، أوفق بمذهبه فكان عليه أن يذكره. توله تعالى :( ﴿ بَلِ اللَّهَ فَاعْبُدْ ﴾ ) في هذه الفاء وجوه ثلاثة فقيل : هي جزائية في جواب شرط مقدر أي إن كنت عابداً أو فاعلاً شيئاً فاعبد الله وهو مذهب الزجاج، وعند الفراء والكسائي : التقدير اعبد فأعبده فالفاء زائدة عندهما بين المؤكد، والمؤكد كما نقله الفاضل اليمني وقدر الفعل مؤخراً ليفيد الحصر، وحكى في الانتصاف عن سيبويه أنّ تقديره تنبه فاعبد الله فهي عاطفة وقدم المفعول لئلا تقع الفاء في صدر الكلام، وليفيد الحصر ويكون عوضا عن المحذوف هذا حاصل ما نقله شارح الكشاف هنا عن النحاة. قوله :( ردّ لما أمروه به ( من قولهم : استلم


الصفحة التالية
Icon