ج٧ص٣٦
( لأنه لم يبعث به إلى فوعون ) بل لهلاكهم به وان تقدمه بيسير ومن عده يقول يكفي معاينتهم له في البعث به أو هو بعث به لمن آمن من قومه، ولمن تخلف من القبط ولم يؤمن، وقوله أو اذهب معطوف على قوله في جملتها فهو متعلق بمقدر مستأنف في بمعنى مع وقوله مبعوثا الخ إشارة إلى أنه حال، وقوله تعليل للإرسال أي مستأنف استئنافا بيانيا كأنه في جواب سؤال لم أرسلت إليهم بما ذكر، وهو على وجهي تعلق إلى فرعون لأ!ن المقصود من الأمر بالذهاب الإرسال. قوله :( بأن جاءهم موسى بها ) إشارة إلى أن الإسناد مجازي ما بينهما من الملايسة لكونها معجزة له، والنكتة في العدول عن الظاهر الإشارة إلى أنها خارجة عن طوقه كسائر المعجزات وأنه لم يكن تصرّف عاديّ في بعضها، وكونه معجزة له لإخباره به ووقوعه بدعائه ونحوه فلا يلزم حينئذ عدم اختصاصه به فلا يكون معجزة له كما توهم كيف، وكثير من المعجزات كذلك كشق القمر ونحوه ولا ينافي هذا الإسناد إليه لكونها جارية على يديه للإعجاز في نحوه :﴿ فَلَمَّا جَاءهُم مُّوسَى بِآيَاتِنَا ﴾ [ سورة القصص، الآية : ٣٦ ] في محلى آخر كما توهم، وقد بين بعضهم وجها لاختصاص كل منهما بمحله بأنّ ثمة ذكر مقاولته، ومحاولتهم معه فناسب الإسناد إليه وهنا لما لم يكن كذلك ناسب الإسناد إليها لأنّ المقصود بيان جحودهم لها فتدبر. قوله :( بينة ) هو محصل المعنى، وقوله أطلق للمفعول يعني استعمل بمعناه وهو إمّا
باستعماله بمعنى مفعول مجازاً أو على الإسناد المجازي، كما قيل لكن قوله إشعاراً الخ يقتضي أنّ في الآيات استعارة بالكناية بأن شبهت بشخص وقف على مرتفع لينظر الناس، وإثبات الأبصار له تخييل، وقوله : جاءتهم ترشيح ولذا عبر بالأشعار لأنه لا ملازمة بينهما إذ قد يرى نفسه من استتر عن العيون، ويرى الناس من لم يروه فسقط ما قيل من أنّ وجه الإشعار خفيّ، وقوله أو ذات تبصر يعني به أنه للنسب كلابن وتامر والتبصر بمعنى الأبصار فإن تبصر ورد بمعنى أبصر، وهذا الوجه لم يذكره في الكشاف. قوله :( من حيث أنها تهدي والعمي ) جمع أعمى كحمر جمع أحمر لا تهتدي بنفسها فضلاً عن أن تهدي غيرها يعني أنها سبب للهداية فيكون لها نسبة إلى التبصر في الجملة باعتبار أنّ كلاً منهما سبب للهداية التي لا تكون مع العمي فليس هذا على أنه استعارة مكنية كما توهم، وما وقع في الكشاف وشروحه كلام آخر وهو الذي غره. قوله :( أو مبصرة كل من نظر الخ ) هو ما أشار إليه في الكشاف بقوله، ويجوز أن يراد بحقيقة الأبصار كل ناظر فيها من كافة أولي العقل وأن يراد أبصار فرعون وملئه لقوله، واستيقنتها أنفسهم بمعنى أنّ الأبصار المسند إلى الآيات مجاز لكل ناظر فيها من العقلاء أو لفرعون وقومه ولما كان العموم هو الظاهر، ولذا اقتصر عليه المصنف رحمه الله أيده بقوله واستيقنتها أنفسهم الخ. قوله :( وقرئ مبصرة ) بفتحات على وزن اسم المكان، ولذا فسره بقوله مكانا يكثر قيه التبصر، والكثرة من الصيغة لأنه لا يصاغ في الأكثر إلا لمثله فلا يقال مضببة إلا لمكان يكثر فيه الضباب لا لما فيه ضبّ واحد، ثم تجوّز به عما هو سبب لكثرة الشيء وغلبته كقولهم الولد مجبنة ومبخلة، وهو المراد هنا وهذه القراءة شاذة نسبت لقتادة وعلي بن الحسين رضي الله عنهما، وقوله واضح سحريته إشارة إلى أنه من أبإن اللازم وجعل جملة استيقنتها حالاً بتقدير قد لأنه أبلغ. قوله :( ظلماً لأنفسهم ) أو للآيات والترفع التكبر وعد نفسه رفيع القدر وانتصابهما على العلية، وأنهما مفعول له، ويجوز أن يكون على الحالية والعلية باعتبار العاقبة والادّعاء فهو كقوله لدوا للموت وابنوا للخراب، ولكونه أبلغ وأنسب لذكر العاقبة بعده اف!تصر المصنف عليه لاقتضاء فاء التفريع له وتذكير ضمير العاقبة لمطابقة الخبر. قوله :( طائفة من العلم ) يعني أنّ التنوين للتقليل، ويحتمل أن يكون للتعظيم والتفخيم واليه أشار بقوله أو علما أيّ علم وكلاهما مناسب للمقام لأنه إن نظر إلى أنّ القائل هو الله فكل علم عنده قليل، وإن نظر إلى أنه للامتنان فالعظيم إنما يمتن بأمر عظيم فلا وجه لما قيل إنّ الثاني أوفق بالمقام
فينبغي تقديمه، والمراد بالحكم الأخلاق والعلوم الحقيقية الشرائع تشمل علم القضاء والفتيا. قوله :( عطفه بالواو الخ ) جواب عن سؤال مقدر، وهو أنّ مقتض الظاهر أن يقال فقالا لترتب الحمد على الإيتاء المذكور كما تقول أعطيته فشكر فأجاب كما اختاره الزمخشريّ، بأنه ليم يقصد وقوع هذا القول