ج٧ص٣٦٠
الثاني لأنه يضمر في الأوّل واياكم ضمير أنفسكم لأنه المراد منه، وإنما صرح بالأنفس لئلا يتحد الفاعل والمفعول مع امتناعه في غير أفعال القلوب، ولا يلزمه محذور الفصل بين المصدر ومعموله بالخبر إذا أعمل الثاني، ويحتمل أنه مجرد تقدير من غير تنازع إذ لم يقدر المفعول الثاني بلفظه، فمن قال : إنه مراد المصنف فقد ألزمه ما لم يلتزمه، والمنادي الخزنة أو المؤمنون توبيخا لهم.
قوله :( دلّ عليه المقت الأوّل ) فتقديره مقتكم الله إذ تدعون الخ، والمقت أشد البغض،
وهو رد على الزمخشري إذ قال إنه منصوب بالمقت الأوّل لأن المصدر لا يفصل بينه وبين معموله بالخبر ولا يخبر عنه قبل تمامه بمتعلقاته، ومن قال إنّ هذا مراد الزمخشري لم يصب، لأنه ذهب إلى جوازه في الظرف كما في أمالي ابن الحاجب. قوله :( لأنه أخبر عنه ( والإخبار عنه لا يجوز قبل ذكر متعلقاته، وهذا مانع آخر غير الفصل بالأجنبي فمن فسره به لم يصب وكل منهما مانع على حدة كما صرح به النحاة، وقوله يوم القيامة أي لا في الدنيا إذ دعوا إلى الإيمان بالله. قوله :) ١ لا أن يؤوّل الخ ( لما كانوا لم يمقتوا أنفسهم وقت الدعوة بل في القيامة وإن كنت مقت اللّه في الدنيا والآخرة أوّل على تقدير تعلقه بالثاني، وان كان خلاف الظاهر لقربه منه بأنّ المراد إذ تبين إنكم دعيتم إلى الإيمان المنجي والحق الحقيق بالقبول، أو أن المراد بأنفسهم جنسهم من المؤمنين أو مما ذكره المصنف وهو أمّ مقتهم لأنفسثم كأنه وقع وقت الدعوة كما في المثل المذكور وفي قول على إنما أكلت يوم أكل الثور الأحمر فهو مجاز بتنزيل وقوع السبب، وهو كفرهم وقت الدعوة منزلة وقوع المسبب وهو مقتهم لأنفسهم حتى عاينوا ما حل بهم بسببه، وليس على تنزيل سبب المقت منزلة المقت حتى ينسب إليه ما ينسب إليه بعد تناسي المجاز فإنه لا تجوّز في المقت وسببه بل في النسبة الظرفية إذ جعل ظرف السبب ظرفا للمسبب لتخيل إنه وقع فيه، ويلزمه تشبيه الوقوع بالوقوع أو هو استعارة تمثيلية فتدبر. قوله :( الصيف ضيعت اللبن ) وفي نسخة في الصيف، وهو رواية في هذا المثل وأصله كما في شرح الفصيح إنه يضرب لمن فزط في طلب ما يحتاج إليه حتى فإنه فطلبه في غير وقته وضيعت بكسر التاء لأنه خطاب لامرأة والأمثال لا تغير وكان عمرو بن عدس التميمي تحته دخشوس بنت لقيط، وكان مسنا لكنه متمؤل فسألته الطلاق فطلقها فتزوّجها عمير بن معبد، وكان شابا معدماً فمرّت مواشيه بها في الشتاء يوما، وكانت مقفرة من الزاد فقالت لخادمها : قم فاطلب لنا منه لبناً فلما جاءه، قال له : قل لها الصيف الخ وبعضهم قال : ضيحت بالحاء
المهملة من الضياح، وهو اللبن الخاثر والأوّل أصح. قوله :( أو تعليل للحكم الخ ) معطوف على قوله ظرف لفعل الخ والحكم بمعنى المحكوم به، والنسبة التامة وكل منهما صحيح هنا فهو إمّا تعليل لأكبريته أو لكونه أكبر فيتعلق بأكبر أو بالمقت الأوّل على ما مز أو بالثاني، وكون زمان المقتين واحداً من عدم التقييد لأحدهما بالظرف فالمتبادر ذلك وليس المراد أنه يجوز أن يكونا في وقت واحد لأنه خلاف ما تدلّ عليه عبارته. قوله :( إماتتين ( يعني أنه منصوب على أنه صفة لمفعول مطلق مقدر، وقوله : ابتداء وان لم يسبق بحياة أخرى فتكون بمعنى العدم ولو أوّلاً، وقوله : أو بتصيير أي تصيير الحياة معدومة بعد إن كانت موجودة، وقوله : كالتصغير والتكبير فإنهما يطلقان على كونه صغيراً وكبيراً ابتداء وعلى تصييره صغيراً بعد أن كان كبيراً وعكسه، وظاهره أنه حقيقة فيهما وهو مخالف لكلام الزمخشري، والسكاكي وسنبينه لك إن شاء اللّه تعالى وقد أورد على ما فسره به المصنف إنّ فيه جمعا بين الحقيقة والمجاز وقد جوّزه بعضهم في المثنى والمجموع ورد بأنه من متناولات المعنى الوضعي فلا جمع فيه كما أشار إليه المصمنف رحمه اللّه وليس بشيء لأنهما معنيان متغايران كما ذكره النحاة في معاني أبنية الفعل، فان أفعل قد يكون للصيرورة كاغذ البعير إذا صار ذا غدة، وقد يكون لغيره فلا بد من أحد أمرين إمّا الجمع بين الحقيقة، والمجاز أو استعمال المشترك في معنييه وهما متقاربان منعا وجوازا فلا يصح ما ذكره المجيب، وقد قيل إنه من عموم المجاز بأن يراد بازماتة الصرف لا النقل وسيأتي تحقيقه، وبيان كونه وضعيا أوّلاً، وعليه فتقابل الحياة والموت تقابل السلب والإيجاب والمشهور إنه تقابل العدم والملكة، ويجوز على هذا كونه منه أيضا فمعنى كونه ميتا خلقه جنينا ميتا