ج٧ص٣٦٤
فيه أن يجازي كلا بما يستحقه. قوله :( وتحقيقه أن النفوس الخ ) هذا على طريق الصوفية، والحكم التألهين من أصحاب الكشف، وتصفية البواطن بالرياضة من كدر الطبيعة والهيولي المشاهدين للأرواح المفارقة للأبدان، وصور أعمالها وان لذتها وألمها هو الألم، واللذة ومن توهمه إنكاراً للحشر الجسماني أو قال المراد بالنفس الجملة لم يصب :
وإذالم ترالهلال فسلم لا ناس رأوه بالأبصار
قوله :( بنقص الثواب الخ ( لو وقع لم يكن ظلما عندنا وإنما سمي بمقتضى أنه وعد منه
وهو لا يخلف الميعاد أو لأنه على صورة الظلم ومثله تخليد المؤمن وادخال الكافر الجنة، وقوله فيصل إليهم ما يستحقونه سريعاً إشارة إلى أن سرعة الحساب يلزمها سرعة، وصول العقاب وهو المراد ليكون تعليلا وتذييلاً لما قبله. قوله :( لأزوفها ) أي قربها بالإضافة لما مضى من مدّة الدنيا أو لما بقي فإنّ كل آت قريب وعلى هذا فهو اسم ليوم القيامة منقول من اسم الفاعل، أو هو باق على وصفيته وهو صفة لموصوف مقدر تقديره الخطة الآزفة والخطة بضم الخاء المعجمة مع تشديد الطاء المهملة، وبعدها هاء تأنيث ومعناه الأمر والقصة، والمراد به ما يقع يوم القيامة من الأمور الصعبة التي من حقها أن تخط وتكتب لغرابتها، والمراد باليوم الوقت مطلقا أو هو يوم القيامة. قوله :( وهي مشارفتهم النار ) تحقيق لمعنى الأزوف فيه لأنهم بعد تلك الأهوال يدخلون النار، وقوله : وقيل الموت فالمراد بالخطة ما يقع لهم من وقائع الدنيا قيل، ولا يلزم فيه التكرار وهو أنسب بما بعده. قوله :( فلا تعود ( أي إلى مقرّها فيتروحوا أي فيحصل لهم روح بالفتح أي راحة بالتنفس وهو كما قيل كناية عن فرط تألمهم أو كناية عن شدة خوفهم كما مرّ في سورة الأحزاب ولا منافاة بينهما، وقوله :﴿ إِذِ الْقُلُوبُ ﴾ بدل من يوم والحناجر جمع حنجرة أو حنجور كحلقوم لفظا ومعنى، وهي كما قال الراغب رأس الغلصمة من خارج، والغلمة لحها بين الرأس والعنق وبما مر من أنه كناية عن فرط التألم أو شذة الخوف سقط ما قيل على قوله ولا تخرج فيستريحوا من أنه لا يناسب ثفسير الآزفة بالموت، وأنّ فيه إشارة إلى ترجيح الوجهين الأوّلين. قوله :( كاظمين على الغم ) من الكظم وهو كما قال الراغب مخرج النفس يقال أخذ بكظمه، والكظم احتباس النفس ويعبر به عن السكوت وكظم الغيظ حبسه، والتوقف عما يدعو إليه أو معناه أنهم متوقفون عن كل شيء كالمغمى عليه فقوله : كاظمين على الغيظ معناه ساكتين عليه ففيه استعارة تصريحية في كاظمين أو مجاز مرسل أو هو بمعنى مغمومين ففيه استعارة مكنية، وتخييلية إذ شبه ما في نفسه من الغم بماء ملأ قربة وإثبات الكظم له تحييل والغم بالغين المعجمة معروف، ويحتمل أن يكون بالفاء والمعنى أنهم ممسكون على الأفواه لئلا تخرج قلوبهم مع أنفاسهم ففيه مبالغة عظيمة كما أشار إليه في الكشف لكن الظاهر الأوّل رواية ودراية. قوله :( حال من أصحاب القلوب الخ ( أي حملا على المعنى إذ المعنى قلوبهم أو حناجرهم، ثم جعلت الألف واللام عوضاً عن الضمير المضاف
إليه، ولا يرد أنه حال من المضاف إليه والنحاة أبوه لأنه يجوز في ثلاث صور إذا كان المضاف عاملا أو جزأ له أو كجزء، وهذا من القسم الثاني والعامل فيه الظرف أو متعلقه وفي نسخة لأنه على الإضافة أي على نية الإضافة كما عرفته. قوله :( أو منها ( أي من الضمير المستتر في الخبر، وهو لدى الحناجر وجمع جمع العقلاء لتزيلها منزلتهم لوصفها بصفة العقلاء، وهذا في الوجهين الأخيرين ففيه استعارة مكنية وتخييلية، والوجه الثاني أولى لأن في الأوّل مجيء الحال من المبتدأ، وهو ممنوع أو ضعيف وإسناد الكظم إلى القلوب مجازي وفيه وجه آخر ذكره في تفسير تلك الآية، وقد قيل إنها جمعت جمع العقلاء باعتبار أصحابها وفيه نظر. قوله :) على أنه حال مقدّرة ( قيل أي مقدّراً كظمهم على صيغة المفعول إذ لا تقديره من المنذرين وقت الإنذار، وفي الكشاف أي أنذرهم مقدرين وفيه نظر يعني أنهم لم يقع منهم ذلك التقدير أصلأ، وهو ساقط لأنه يجوز أن يكون بصيغة المفعول، كما يجوز في الأوّل أن يكون بصيغة الفاعل مع أنه لا مانع من تقديرهم تقديرا وفيه وجه آخر، وهو أن كاظمين بمعنى مشارفين الكظم فتدبر. قوله :) قريب مشفق ( القرب إما من جهة النسب، وهو