ج٧ص٣٧٩
منزلة عدم الدعاء وعبر به عنه للمبالغة بجعل عدم الدعاء كأنه كفر فلذا أقيم مقامه والفرق بينه وبين ما بعده إنّ العبادة ليست في هذا مجازا بل الاستكبار عنها فتدبر. قوله :( أو المراد بالعبادة ) أي تجوّز في الثاني فعبادتي بمعنى دعائي فأطلق العبادة، وأريد بها فرد خاص من أفرادها، وهو الدعاء وهو مجاز أيضا ولو قيل لا حاجة إلى التجوز لأنّ الإضافة المراد بها العهد هنا فيفيد ما ذكر من غير تجوز لكان أحسن. قوله :( لتستريحوا الخ ( يعني تسكنوا من السكون لا السكنى، وقوله : بأن الخ بيان لسبب ذلك بأنه لغيبوبة الشمس غلب عليه البرد والظلمة فأدّى برده إلى ضعف القوى المحركة وظلمته إلى هدوّ الحواس الظاهرة أي سكونها ففي قوله ليؤذي الخ لف ونشر. قوله :( يبصر فيه أو به ( يعني أن
النهار إمّا ظرف زمان للأبصار أو سبب له وعليهما فإسناد الأبصا له بجعله مبصرا إسناد مجازقي لما بينهما من الملابسة، وعدل إليه للمبالغة بجعل بصر المبصر لقوّته أثر فيما يلابسه حتى كأنه مبصر أيضا، ولذا لم يقل ليبصروا فيه كما في قرينه، فإن قلت لم ترك هذه المبالغة في الأوّل فلم يقل فيه ساكنا قلت قد أجيب عنه بوجوه فقيل : إنّ نعمة النهار أتتم وأعظم فكان أولى بالمبالغة وقيل لأنه يوصف بالسكون، وإن كان لسكون الريح فيه غالبا لكنه شاع حتى صار بمنزلة الحقيقة في وصفه به أو لأنه دلّ على فضل في الأوّل بتقديمه فجبر الثاني بالمبالغة المذكورة، وأما كونه من الاحتباك وأصله مظلما لتسكنوا فيه ومبصراً لتبتغوا من فضله فمثله لا يقال بسلامة الأمير. قوله :( لا يوازبه فضل ( بالياء التحتية أي لا يقابله ويقاومه أو بالنون يعني إنّ التنوين والتنكير للتعظيم، والمقصود هنا تعظيم فضله وأنعامه بذكره بعدما عدد منه، ولذا لم يقل لمفضل لأنه يدل على تعظيم ذاته صراحة دون فضله، وليس هذا بمقصود هنا مع أنّ اسم الله يكفي فيه ففي قوله للإشعار به مضاف مقدر أي لقصد الإشعار به. قوله : الجهلهم الخ ( أي لعدم علمهم بحقه لأنهم لو علموا حقه وأنه هو المنعم كان ذلك شكرا واغفال مواقع النعم عدم رعاية حقوقها، وقوله : لتخصيص الكفران بهم قال الشارح المحقق : هو من إيقاعه على صريح اسمه الظاهر الموضوع موضع الضمير الدال على أنه شأنه، وخاصته في الغالب لا بمعنى التخصيص الحصري كما توهمه العبارة لأنه لا يناسب المقام فلا دلالة للفظ عليه. قوله :( المخصوص بالآفعال الخ ) يشير إلى أنّ اسم الإشارة جعل مبتدأ ليدل على ثبوت ما أخبر به عنه لدلالته على الذات المتصفة بما سبق من التفضلي بما مز من النعم الجسام ولا يكون إلها معبودا إلا من هو كذلك وليس فيما ذكر دلالة على أن لفظ الجلالة صفة لاسم الإشارة كما قيل حتى يلزم مخالفة ما ذكره النحاة ويدعى أنه خالفهم نظراً لأصله بل هو إلى الخبرية أقرب منه إلى ما ذكر، وقوله : الله ربكم خالق كل شيء لا إله إلا هو أخبار مترادفة صريح فيه، وقوله : لا فائدة في الأخبار به مع عدم إنكار الكفار غير متوجه لأنّ معنى ذلكم المتصف بهذه الصفات هو الإله المعبود لا غيره كما يفيده تعريف الطرفين والمشركون منكرون للتوحيد الذي يدلّ عليه الحصر المستفاد من تعريف الطرفين. قوله :( تخصص! اللاحقة السابقة ( المراد بالتخصيص تقليل الاشتراك في المفهوم نظراً إلى أصل الوضع فإن الله المعبود بحق وهو شامل للمربى المنعم وغيره فذكر الرب للتخصيص به وهو أيضا شامل لخالق جميع المخلوقات، وغيره فما بعده اختص به فلا يرد عليه أنّ الله دال على استجماع جميع صفات الكمال فلا حاجة
للتخصيص بغيره، ثم إنه في الأنعام جوّز في بعضها الوصفية والبدلية إلا أنه فيها أخر خالق كل شيء عن قوله : لا إله إلا هو وقدم هنا ولا بد له من نكتة وهي أن المقصود هنا الرد على منكري البعث فناسب تقديم ما يدلّ عليه، وهو أنه مبدأ كل شيء فكذا إعادته والمراد بالتقرير التوكيد وليس المراد بالتخصيص مصطلح النحاة بل تقدير أعني أو أخص فتأمّل. قوله :( استئنافاً ) على هذه القراءة وعلى الأولى هو خبر، وقوله : كالنتيجة لأنّ ما قبله يدل على ألوهيته وتفرّده با لألوهية كأنه قيل : الله متصف بما ذكر من الصفات ولا إله إلا من اتصف بها فلا إله إلا هو. قوله :( ومن أقي وجه ) تفسير لما قبله لأن أني اسم اوضع للاستفهام عن الجهة تقول أنى يكون هذا أي من أيّ وجه، وطريق كما في المصباح فهو لإنكار جهة يأتي منها وهو أبلغ من إنكاره فالوجه في كلامه بمعنى الجهة وهو أحد معانيه. قوله :) أي كما أفكوا أفك الخ ) ما موصولة أو مصدرية وفيه إشارة إلى أن