ج٧ص٣٩
لأبي البقاء، وقوله في الكشف كما مرّ في الأنفال إنّ دخول النون لأنه في معنى النهي اعتذار عن ارتكاب ما لا داعي إليه، وكونه مخصوصا بضرورة الشعر صرح به سيبويه رحمه الله قال في الكتاب وهو قليل في الشعر شبهوه بالنهي حيث كان مجزوما غير واجب، ا هـ نعم هو وارد على المصنف حيث جوّزه في قوله تعالى :﴿ لاَّ تُصِيبَنَّ ﴾ ومثله بهذه الآية وقال لما تضمن معنى النهي ساغ فيه ذلك، ولا يخفى ما بين كلاميه واذا كان جوابا فلا نافية لا ناهية. قوله :( كأنها شعرت عصمة الأنبياء ) عليهم الصلاة والسلام أصله بعصمة الأنبياء فهو منصوب بنزع الخافض يعني أنها لعلمها بذلك نزهتهم عن صدور ذلك منهم قصدا بالذات أو بالتسبب لفعل الجنود بإذنه أو برضاه، وقوله وقيل استثناف الخ قيل إنه معطوف على مقدر أي، وهو حال وقيل الخ وقوله فهم الخ لأنّ الفاء أظهر في الاستئناف، والضمير يحتمل أن يرجع على الأوّل لسليمان وجنوده وأن يرجع لجنوده فقط. قوله تعالى :( ﴿ فَتَبَسَّمَ ضَاحِكًا ﴾ ) الفاء للسببية فلا حاجة إلى تقدير معطوف عليه أي فسمعها فتبسم وجعلها فصيحة كما قيل، ووجه مناسبته لما بعده على الثاني ظاهر وأمّا على الأوّل فوتجهه أنه متضمن لنعمة عظيمة، وهي كونه ملكا مطاعا ذا جند أو كونه وجنوده لا ظلم لهم لقولها وهم لا يشعرون فاكتفى بما يدل عليه التزاماً، واليه أشار الزمخشريّ بقوله أضمحكه ما دلّ من قولها على ظهور رحمتة ورحمة جنوده، وشفقتهم وعلى شهرة حاله وحالهم في باب التقوى وذلك قولها وهم لا يشعرون، ا هـ وقد يقال يكفي في المناسبة تحقق تلك الحال، وأن لم يكن تبسمه لها وهذا أنسب بكلام المصنف، وقوله ضاحكا حال أي شارعا في الضحك، وكذلك ضحك الأنبياء عليهم الصلاة والسلام وقد قيل إنها حال مقدرة وإنّ فائدتها بيان أنّ التبسم ليس استهزاء، وفيه نظر على ما فصل في الكشاف وشروحه. قوله :( من إدراك همسها الخ ) أورد على قوله همسها أنه ينافي قوله قبيله فصاحت صيحة، وأجيب بأنّ صوتها همس
بالنسبة إليه وصياح النسبة إلى النمل الذي بقربها، وأمّا علمه بمنطق الطير فلا يفيد أنه لا يعلم غيره من أصوات الحيوانات، ولو سلم فهذا على سبيل خرق العادة أو باعلام الله، وما روي عن الشعبيّ من أنّ لها جناحين فعلى تسليم صحته عنه لا يقتضي عذها من الطيور، وما قيل من أنه علم منطق الطير على الخصوص أوّلاً ثم علم بعده ما يعمه وغيره تكلف ما لا يقال بالرأي. قوله :( ١ جعلني أرّع شكر نعمتك ) يعني أنّ همزته للتعدية، ولا حاجة إلى جعله تضميناً أي يسر لي الشكر وازعا إياه وازع كاضع في حذف واوه ومعناه أكفه وأحبسه وهو مجاز عن المداومة والملازمة، وقوله لا ينلفت بالفاء والتاء الفوقية بمعنى يذهب أو بالقاف والباء الموحدة وهو بمعناه والأوّل أولى، وقيل معناه الإغراء، وقيل الإلقاء والإلهام وما قيل من أنّ معناه تقييد النعمة بالمداومة على الشكر محتاج إلى جعل الشكر مجازاً عن النعمة فإنه سببها أو كناية وهو بعيد لذكر النعمة معه، وإن كان شكر النعمة نعمة مع أنّ طلب المداومة على الشكر أنسب بحال الأنبباء عليهم الصلاة والسلام. قوله :( أدرج فيه ذكر والديه ) يعني أنّ ما ذكر ما أنعم به على والديه مع ما أنعم به عليه في حيز الشكر لتكون النعم التي اعترف بها كثيرة، فإنّ الاعتراف بالنعمة شكر فإذا كثرها أي اعترف بكثرتها عليه فقد شكر شكراً كثيراً، وهذا باعتبار كون الأنعام عليهما إنعاما عليه، واليه أشار بقوله فإن النعمة عليهما الخ ووجهه أنّ الله أنعم عليهما بالدين والعراقة، وحسن الأخلاق وقد ورث ذلك منهما فكان ما أنعم به عليهما وصل إليه لكونه سبباً بحسب الظاهر لنعمتة، ولا يرد عليه شيء مما توهم وقوله أو تعميما وجه آخر للإدراج اقتصر عليه في الكشاف، ومعناه أنّ ما أنعم به عليه غير خاص به بل هو عامّ شامل لوالديه لكونه سبباً لذكرهما والدعاء لهما، واليه أشار بقوله والنعمة عليه يرجع نفعها الخ ففيه لف ونشر مرتب، وقوله سيما الدينية فإنه إذا كان تقياً نفعهما دعاؤه وشفاعته، ودعاء المؤمنين لوالديه إذا رأوه واليه أشار في حديث :" إذا مات ابن آم انقطع عمله ) الخ وقيل التكثير باعتبار أنّ النعمة عليه غير النعمة عليهما بحسب الظاهر، وكذا العكس والتعميم باعتبار المآل،
وأنّ النعمة عليه نعمة عليهما وبالعكس فتأمّل. قوله تعالى :( ﴿ تَرْضَاهُ ﴾ ) صفة مؤكدة أو مخصصة إن أريد به كمال الرضا، وقوله تماما