ج٧ص٣٩٦
قوله تعالى :) ﴿ أَنْ يَشْهَدَ ﴾ الخ ) إمّا مفعول له بتقدير مضاف أي مخافة أو كراهة أي ليس استتارهم للخوف مما ذكر بل مز الناس، أو لأجل أن يشهد فهو مفعول له أو من أن يشهد أو عن أن يشهد أو أنه ضمن معنى الظن فهو في محل نصب واستبعد هذا المعرب، وما ذكره المصنف بيان لحاصل المعنى من غير تعرّض لإعرابه لكن قوله : ما استترتم عنها يحتمل احتمالاً قريباً إنه إشارة إلى أنّ أن يشهد في محل نصب أو جر على الخلاف فيه بتقدير عن لأنّ حذف الجارّ جائز قبل أن وأن ويحتمل أنّ متعلقه محذوف، وأن يشهد مفعول له أي ما تستترون عن أعضائكم مخافة أن يشهد، وقيل : إنه بتقدير الباء أي بأن يشهد، والمعنى ما استترتم عنها بملابسة أن يشهد عليكم والمراد تحمل الشهادة فالوجوه في إعرابه خمسة وأما قوله : ما ظننتم الخ فهو لازم معناه لأنهم إذا لم يستتروا عن أعضائهم فهم لم يظنوا شهادتهم عليهم، فما قيل إنه إشارة إلى أنّ تستترون ضحمن معنى الظن فعدى تعديته لأنه لازم، وفيه بحث وهو ميل إلى ما نقل عن قتادة من إن معناه وما كنتم تظنون أن يشهد الخ ليس بشيء لما عرفته مما قررناه، وقد يقال إنه مراد قتادة رضي الله عنه. قوله :( إلا وعليه رقيب ( كما قال أبو نواس :
إذا ما خلوت الدهريوما فلا تقل خلوت ولكن قل عليئ رقيب
ولاكحسبن الله يغفل ساعة ولا أن مايخفى عليه يغيب
قوله تعالى :( ﴿ وَلَكِن ظَنَنتُمْ أَنَّ اللَّهَ لَا يَعْلَمُ كَثِيرًا مِّمَّا تَعْمَلُونَ ﴾ ( معناه ما ظننتم أن الله
يعلم فينطق الجوارج ولكن ظننتم إنه لا يعلم كثيرا وهو ما عملتم خفية فما استترتم عنها، واجترأتم على المعاصي وإذا كان أن يشهد مفعولا له فالمعنى ما استترتم بالحجب لخيفة أن
تشهد عليكم الجوارح فلذا ما استترتم عنها لكن لأجل ظنك إن الله لا يعلم كثيراً فلذا سعيتم في الاستتار عن الخلق لا عن الخالق، ولا عما ينطق به الجوارج وعلى تقدير الباء فالمعنى ما استترتم عنها بملابسة أن تشهد عليكم أي تتحمل الشهادة إذ ما ظننتم إنها تشهد عليكم بل ظننت أنّ الله لا يعلم فلذا لم يكن استتاركم بهذا السبب، وعلى تقدير عن قيل يلزم زيادة يشهد وفيه نظر. قوله :( إشارة إلى ظنهم هذا ) أي للذكور ضمن قوله : ظننتم، وقوله : خبران له يعني ظنكم خبر أوّل لذلكم والذي صفته، وأرداكم أي أهلكهم خبر ثان له وهو أحد الوجوه في إعرابه، وقيل : أرداكم حال بتقدير قد معه أو بدونه وإن أباه بعض النحويين، وقيل : إنه استئناف وقيل : ظنكم بدل والموصول خبر وأرداكم حال بتقدير قد وقيل الموصول خبر ثان، !وقيل : الثلاثة أخبار، إلا أنّ أبا حيان ردّ الوجه الأوّل بأنّ ذلكم إشارة إلى ظنهم السابق فيصير التقدير، وظنكم بربكم إنه لا يعلم ظنكم بربكم فما استفيد من الخبر هو ما استفيد من المبتدأ وهو لا يجوز كقولهم سيد الجارية مالكها وقد منعه النحاة، ورد بأنه لا يلزم ما ذكر لجواز جعل الإشارة إلى الأمر العظيم في القباحة فيختلف المفهوم باختلاف العنوان، ويصح الحمل كما في هذا زيد ولو سلم فالاتحاد مثله في شعري شعري مما يدل على الكمال في الحسن كما في هذا ال!مثال أو القبح كما فيما نحن فيه ع وقيل المراد منه التعجب والتهكم وقد يراد من الخبر غير فائدة الخبر ولازمها، وهذا كله على طرف الثمام والحق ما قاله ابن هشام في شرح بانت سعاد من أنّ الفائدة كما تحصل من الخبر تحصل من صفته وقيده كالحال وان أشكل هذا على قمول الأخفش إنه منع أحق الناس بمال أبيه ابنه البار به، ونحوه : لأن الخبر نفسه غير مفيد ولا ينفعه مجيء الصفة بعده لانّ وضع الخبر على تناول الفائدة منه، وقد بسط الكلام فيه فراجعه. قوله :( إذ صار ما منحوا ( أي أعطوا من الج!وارج الموهوبة لهم للاستسعاد أي نيل السعادة في الدارين الدنيا والآخرة لأنّ بها تعيشهم في الدنيا وإدراكهم ما يهتدون به إلى حق اليقين ومعرفة رب العالمين الموصل للسعادة الأخروية فحيث أذاهم ذلك إلى كفران نعم الرزاق والكفر بالخالق كان ذلك سببا للشقاء في المنزلين تثنية منزل، والمراد بهما الدنيا والآخرة لجهلهم بالذات والصفات وارتكاب المعاصي واتباع الشهوات وقيل المراد بما منحوا العقل، والأول أنسب بما قبله من شهادة الأعضاء وإن استبعده بعضهم. قوله :( لا خلاف لهم عنها! يعني التقدير أن يصبروا لظن إنّ الصبر ينفعهم لأنه مفتاج الفرج


الصفحة التالية
Icon