ج٧ص٤٠٤
غيره، ويكون المراد شدة قلقه فإن المبالغة المذكور تأباه، وقوله : من جهة البنية أي الصيغة لأنّ فعولاً من صيغ المبالغة والتكرير لأنّ اليأس والقنوط كالمترادفين، وان كان اليأس مغايراً له أو أعمّ لأنّ القنوط أثر اليأس أو يأس ظهر أثره على من اتصف به كإنكساره وحزنه فيتكرر بذكره اليأس في ضمنه على كل حال كما أشار إليه المصنف رحمه الله بقوله : وما في القنوط الخ. قوله :( حقي أستحقه ا لا بفضل من الله كما تدل عليه لام الاستحقاق فيكون جاحداً للنعم كافراً بالمنعم، وقوله : أولى دائما فاللام للملك وهو يشعر بالدوام، وهو المراد فهو ذم له بأنه طغى وبطر، وقوله : تقوم إشارة إلى أنّ اسم الفاعل هنا للمستقبل. قوله :) ولئن قامت على التوهم ( كما يدل عليه إن الشرطية فإنّ الأصل فيها أن تستعمل لغير المتيقن فالتأكيد بالقسم هنا ليس لقيامها بل لكونه مجزيا بالحسنى لجزمه باستحقاقه للكرامة فلا تنافي بينها وبين التأكيد بالقسم، وان واللام وتقديم الظرفين وصيغة التفضيل فإن تكوز للأمور المفروضة، وليس هذا وجها آخر كما قيل ولا ينافي قوله : وما أظن الساعة لأن المعنى بل أتوهمها فتدبر. قوله :( وذلك لاعتقاده الخ ) هذا على تفسيره الثاني لقوله : هذا إلى لا إن هذا الاعتقاد مقرر عنده كما في قولهم :﴿ نَحْنُ أَكْثَرُ أَمْوَالًا وَأَوْلَادًا وَمَا نَحْنُ بِمُعَذَّبِينَ ﴾ [ سورة سبأ، الآية : ٣٥ ] أي في الآخرة إن تحقق أمرها فلا ينافي الوجه السابق ولا قوله : لا ينفك عنه فتأمل. قوله :( ولنبصرنهم ( من التبصير يقال بصره كذا وبكذا إذا عرفه فالمراد بإخبارهم بأعمالهم توقيفهم على ما يستحقون به العذاب المشاهد لهم فهو وعيد لهم لأنه كناية عن العذاب وأنهم مستحقون للإهانة لا الكرامة كما توهموا، وقوله : لا يمكنهم التفصي أي التخلص عنه، والنجاة منه تفسير لقوله : غليظ، وإشارة إلى أنه استعارة كما سيأتي تقريره في قوله : عريض فغلظه استعارة له من عدم الرقة في الأجسام للمعاني ككبير وكثير لشدته أو كثرته، وإحاطته بهم بحيث لا ينفك عنهم كمن أوثق بوثاق غليظ لا يمكنه قطعه. قوله :) وانحرف عنه ( قال الراغب حقيقة نأى أعرض وقال أبو عبيدة : تباعد ويقال : نأى ونأى به بمعنى نهض كقوله : لتنوء بالعصبة، ومنه : نأى بجانبه أي نهض به وهو عبارة عن التكبر كشمخ بأنفه والباء للتعدية، وفي ضمير عنه استعارة بالكناية
وتفسيرا لنأى بالجانب بالانحراف تفسير له يلازمه عادة فهو إنا مجاز أو كناية ولا مانع من إرادة معناه الحقيقي كما توهم. قوله :( أو ذهب بنفسه وتباعد عنه ) على أن الجانب بمعنى الناحية، والمكان ثم نزل مكان الشيء وجهته كناية منزلة الشيء نفسه كقولك المجلس العالي أدام الله أيامه، وقولهم : مقام الذنب فكأنه قيل : نأى بنفسه ثم كني بقوله : ذهب بنفسه عن التكبر والخيلاء ففيه على هذا كنايتان وعلى الوجه السابق كناية واحدة حيث كني بنأى بجانبه عن الانحراف، فما قيل : إنّ في كلا الوجهين لفظ جانب كناية مطلوب بها الموصوف أعنى نفسه أو عطفه ومجموع الكلام كناية مطلوب بها اختصاص صفة بموصوف، وهو التكبر والتعظم في الأوّل والانحراف والأزورار في الثاني مبني على اًن الجانب حقيقته الناحية والجهة وأنه مغاير للجنب وقد صرّح الراغب وغيره بخلافه فإنه سوى بينهما فجعل الجنب والجانب حقيقة كالعطف في اوجارحة وأحد شقي البدن مجازا في الجهة والمصنف في سورة الإسراء جمع بين المعنيين وجعل كونه كناية عن التكبر وجهاً آخر، وقوله : تباعد عنه عطف تفسيرقي لذهابه بنفسه. قوله :) والجانب مجاز عن النفس الخ ) قد مرّ فيما قررناه تبعا لشراح الكشاف قاطبة إنه كناية وكلام المصنف مخالف له فإنه رآه استعمل حيث لا يمكن إرادة الحقيقة كما في قوله : في جنب الله، والكناية شرطها جواز إرادته فقاس ما هنا عليه وله وجه وجيه، وما قيل : إنه أراد ما ذكر فعبر عنه بالمجاز على طريق المجاز خلاف الظاهر من غير داع لتكلفه وعليه فالمجموع استعارة بالكناية لا كناية ويجوز كونها تمثيلية. قوله :( كثير مستعار مما له عرض! ( وأصله مما يوصف به الأجسام، وهو أقصر الامتدادين وأطولهما هو الطول ووصفه بالعرض العظيم يستلزم عظم الطول أيضا لأنه لا بد أن يكون أزيد منه والا لم يكن طولأكما لا يخفى، وإليه أشار المصنف وقوله : له عرض بفتح فسكون أو بسكر ففتح كصغر، وقوله : بكثرته أو استمراره كما في بعض النسخ والظاهر عطفه بالواو كما في كثير من النسخ أيضا فإن معنى كثرة الدعاء تجدده وتكرّره، وهو استمراره فليس بينهما تفاوت كبير، وقوله :


الصفحة التالية
Icon