ج٧ص٤١١
تأمّلته وجدت بينهما تلازماً يصلح باعتبار للتأكيد. قوله :) وما اختلفتم أنتم والكفار فيه ( الاختلاف هنا قيل اختلافهم في القرآن، وقيل في رسول الله ﷺ وقيل في الدين فعلى الأوّل حكمه إلى الله فيما أقام من الحجج والبراهين حيث عجزوا عن الإتيان بمثله، وإن كان في رسول الله فقد سطع برهان نبوّته ورسالته من مثرق العقل والسمع، وإن كان في الدين فقد أقام عليه ما يعلم كل ذي لب أنه الحق والصواب وأن غيره باطل ليس بحق، وقال السمرقندي : قال بعض أهل التأويل المعنى ما اختلفتم في شيء فحكمه إلى الله أي إلى كتاب الله كقوله :﴿ فَإِن تَنَازَعْتُمْ فِي شَيْءٍ فَرُدُّوهُ إِلَى اللّهِ وَالرَّسُولِ ﴾ [ سورة النساء، الآية : ٥٩ ] أي إلى كتاب الله لكنه لا يصح لأنّ قوله فإن تنازعتم الخ إنما هو في المؤمنين إذا وقع بينهم اختلاف في شيء من الأحكام يردّ ذلك إلى كتاب الله وإلى سنة رسوله ئيخييه، وقوله وما اختلفتم الخ إنما هو في محاجة الكفرة فهو في غير ذلك المعنى إذ هم لا يعتقدون كونه حجة، وإنما يرجع إلى دليل آخر عقليّ فما هنا كما في الكشاف حكاية قوله ﷺ للمؤمنين اًي ما خالفكم فيه الكقار من أهل الكتاب والمشركين فاختلفتم أنتم وهم فيه من أمور الدين فحكم ذلك المختلف فيه مقوّض إلى الله وهو إثابة المحقين فيه من المؤمنين ومعاقبة المبطلين فليس في الآية دليل على منع الاجتهاد في زمنه ﷺ أو بحضرته فإن الأصح عند الأصوليين وقوعه. قوله :) من أمر من أمور الدنيا أوالدين ( لم يذكر الدنيا في الكشاف، وهو الموافق لقوله هنا أنتم والكفار إذ الظاهر أنّ المراد بأمور الدنيا المخاصمات، ولا يلزم أن تكون بينهم وبين الكفرة ولا يقال في مثله التحاكم إلى الله وجعله وجهاً مستقلاً كما قيل بعيد عن الصواب بمراحل. قوله ) وقيل الخ ) مرضه لأنه مخالف للسياق كما لا يخفى لأن الكلام مسوق للمشركين وهو على هذا مخصوص بالمؤمنين، وقوله فارجعوا فيه إلى المحكم من كتاب الله المراد بالمحكم هنا ما ظهر المراد منه، وبالمتشابه خلافه لا ما اصطلح عليه أهل الأصول، ويجوز حينئذ أن يكون المعنى فوّضوا أمره إلى الله ولا تخوضوا في تأويله على التوقيف والوقف على إلا الله كما مز تحقيقه في سورة آل عمران، وقوله ذلكم الله ربي بتقدير قل أو هو حكاية لقوله !ييه ومجامع الأمور جميعها، وهو إشارة إلى الحصر المستفاد من تقديم الظرف، وقوله أرجع في المعضلات أي
الأمور المشكلة أو من الذنوب أو في المعاد كما مز في سورة هود. قوله :) خبر آخر الخ ( أو صفة لربي أو بدل منه أو خبر مبتدأ مقدر، وقوله بالجر أي جرّ فاطر بمعنى خالق وما بينهما جملة معترضة، والضمير المبدل منه ضمير إليه أو عليه، وقوله الوصف لا لى الله تسمح فيه والمراد لله من قوله إلى الله، وإنما أعاد الجار معه وان كان الموصوف المجرور لئلا يتوهم أن الموصوف الله في قوله ذلكم الله، وقوله من جنسكم تقدم تحقيقه مرارا وتفسيره بوجه آخر في سورة الروم. قوله :( أي وخلق للأنعام من جنسها أزواجاً ) ففيه جملة مقدرة إذ لا يصح عطفه على أزواجا لأنّ قوله من أنفسكم يأباه، وقوله أو خلق الخ تفسير الأزواج فإنها قد يراد بها الأصناف وقد يكون جمع زوج بمعنى ذكر وأنثى متزاوجين ويقابله الفرد. قوله :) يكثركم ( والبث النشر والإنتشار يلزمه الكثرة، وهو مهموز والذر وفي آخره واو فهو منقوص والذز بالتضعيف فهو مضاعف ومنه الذرية وقد فسر بيخلقكم أيضاً، وقوله في هذا التدبير المراد من التدبير علهم أزواجا، وقيل ضمير فيه للبطن أو الرحم لأنه في حكم المذكور، وجعل التكثير في هذا الجعل لوقوعه في خلاله وإثنائه كما أشار إليه بقوله فإنه كالمنع أو في مستعارة للسببية. قوله :( يكون بينهم توالد الخ ) فيه إشارة إلى تغليب العقلاء فيه على غيرهم وتغليب المخاطب على الغائب ففيه تغليبان على ما فصله شراح الكشاف، وفيه أيضاً إشارة إلى ترجيح تفسير الأزواج بغير الأصناف لأنه مناسب له كما قيل نظر لأنه لا مانع من تكثير الأصناف بالتوالد أيضا فالظاهر أنه جار على الوجوه. قوله :( ليس مثله شيء يزاوجه ويناسبه ( قيده به بقرينة ما قبله ليرتبط به، ولو أبقي على عمومه في نفي المشابهة من كل وجه كما قالوا الله شيء لا كالأشياء أفاد نفي ما ذكر أيضاً وهو بيان الحاصل المعنى إجمالاً. قوله :) والمراد من مثله ذاته الخ ) هذا تفسير على تقدير عدم زيادة الكاف، وحاصله كما أشار إليه المصنف رحمه الله أن ليس كذاته شيء وقولنا ليس كمثله شيء عبارتان عن معنى واحد، وهو نفي المماثلة عن ذاته


الصفحة التالية
Icon