ج٧ص٤١٣
أي شق وصعب لمخالفته الضلال الذي ألفوه. قوله :( من التوحيد ) خصه به ولم يعممه ليشمل المشروع بقرينة السياق لأنه هو أعظم ما شق عليهم، وقوله على المشركين مقتض له. قوله :( يجتلب إليه ( ويجمع فهو افتعال من الجباية وهي الجمع قال الراغب : يقال جبيت الماء في الحوض جمعته ومنه قوله تعالى :﴿ يُجْبَى إِلَيْهِ ثَمَرَاتُ كُلِّ شَيْءٍ ﴾ [ سورة القصص، الآية : ٥٧ ] والاجتباء الجمع على طريق الاصطفاء قال تعالى قالوا : لولا اجتبيتها واجتباء الله العبد تخصيصه إياه بفيض الهيّ يتحصل له منه أنواع النعم بلا سعي منه كقوله :﴿ اللَّهُ يَجْتَبِي إِلَيْهِ مَن يَشَاء وَيَهْدِي إِلَيْهِ مَن يُنِيبُ ﴾ [ سورة الورى، الآية : ١٣، اهـ ومنه يعلم أنّ أصل معناه الجمع وأنّ الاصطفاء والاجتباء فيه معنى الجمع أيضا لما جمع الله لمن اصطفاه من النعم والمعارف، ولذا تعدى بإلى كالأوّل وذكر محي السنة وغيره أنه من الاجتباء بمعنى الاصطفاء وضمير إليه دلّه وهذا أظهر وأملأ بالفائدة، أما الثاني فللدلالة على أنّ
أهل الاجتباء غير أهل الاهتداء وكلتا الطائفتين هم أهل الدين والتوحيد الذين لم يتفرّقوا فيه، وعلى مختار الزمخشري هم طائفة واحدة وأما الأوّل فلأنّ الاجتباء بمعنى الاصطفاء أكثر استعمالاً، ولأنه يدل على أنّ أهل الدين هم صفوة الله اجتباهم إليه واصطفاهم لنفسه وأما الذي آثره جار الله فكلام ظاهري بناء على أنّ الكلام في عدم الثفرّق في الدين فناسب الجمع والانتهاء إليه، وكذا ما قيل إنه بمعنى الاصطفاء لا يتعدى بإلى إلا بتضمين معنى الضم كلام مبني على عدم التدقيق مع مخالفة الثاني لكلام أهل اللغة فكلا التفسيرين، واحد بحسب المال. قوله :( والضمير لما تدعوهم أو للدين ) أو لله على أن يجتبى بمعنى يختار أي يختارهم لرضاه وعلى الثاني اقتصر الزمخشري والمصنف زاد الأوّل وقدمه لما فيه من إتساق الضمائر، وإن كان في الثاني مناسبة معنوية لاتحاد المتفرّق فيه والمجتمع عليه. قوله :) يعني الأمم السالفة ) جعل الضمير لجميع الأمم السالفة بناء على أنهم بعد الطوفان كانوا أمّة واحدة مؤمنين فبعد موت آبائهم اختلف أبناؤهم حين بعث الأنبياء عليهم الصلاة والسلام إليهم، وجاءهم العلم فالمراد بالذين أورثوا الكتاب أهل الكتاب في عهدهءشييه فإن أريد بالذين تفزقوا أهل الكتاب من اليهود والنصارى فالذين أورثوا الكتاب المشركون والكتاب القرآن، وأما كون الضمير للمشركين وإن تقدّم ذكرهم قريباً فبعيد معنى لأنّ التفرق فيهم غير ظاهر، ولذا لم يتعرّض له المصنف وان توهم أنه أقرب مما ذكر ولما كان قوله شرع لكم الخ عاما شاملأ للأمم ولم يجيء لأهل الكتاب فيه ذكر أصلاً مرّض المصنف القول الثاني وقدم الأوّل. قوله :( العلم بأنّ التفرّق الخ ( الوجه الأوّل والثالث جاريان على تفسير ضمير تفرقوا، والثاني خاص بالثاني فلو أخره كان أولى، وقوله أسباب العلم بإطلاق العلم على سببه مجازاً مرسلا أو بالتجوّز في الإسناد أو تقدير المضاف، وقوله عداوة لأن البغي مصدر بغي يعني طلب، وقوله بالإمهال إشارة إلى أنّ المراد بالكلمة السابقة وعده تعالى بعدم معاجلتهم بالعذاب، ولكونه بهذا المعنى كان أمراً ممتذا يصح أن يكون مغيابا لي ولولاه لم ينتظم بما معه، وقد مرّ في السورة السابقة بفصل الخصومة. قوله :( باستئصال المبطلين الخ ( هذا جار على التفسيرين لأنه لما أخر
جزاءهم ليوم القيامة وقدّر لهم آجالاً مسماة لم يستأصلهم أي يهلكهم بأسرهم، وقوله افترقوا بتقديم الفاء على القاف وما بعده على العكس بمعنى اكتسبوا، وقوله يعني أهل الكتاب الخ فالمراد بالكتاب التوراة والإنجيل، وهذا على أنّ المراد باللذين افترقوا الأمم السالفة وما بعده على أنّ المراد بهم أهل الكتاب فالكتاب هنا القرآن، وقد قيل إن كلا منهما يصح على الوجهين أيضا. قوله تعالى :( لفي شك منه ) جعل الضمير للكتاب، ونكره ليشمل الكتب وقيل الضمير للرسول ﷺ وهو خلاف الظاهر، وقوله لا يعلمونه أي الكتاب كما هو أي كما هو حقه أو لا يؤمنون به حق الإيمان وعلى هذين التفسيرين الشك بمعنى عدم اليقين، وهو على تفسير الموصول بأهل الكتاب، وقوله أو من القرآن على تفسيره به وبالمشركين ويجوز فيه إبقاء الشك على معنا. المشهور وفسر مريب بمقلق لانّ الريب قلق النفس، واضطرابها كما مرّ في سورة البقرة فمريب كشعر شاعر أو بمعنى مدخل في الريبة كأصبح بمعنى دخل في وقت الصباح، وهو أحد معاني الأفعال. قوله تعالى :( فلذلك ) الفاء في جواب