ج٧ص٤١٥
القاؤه إلى الرسول وإيحاؤه أو إنزال من بلغه فالتجوّز في النسبة، ولا يخفى أن نسبة الإنزال إلى الأمر كذلك محتاجة إلى التأويل فكلامه لا يخلو عن المسامحة ( أقول ( لما كانت نسبة الإنزال والنزول مشهورة التحقت بالحقيقة فإنه يقال نزل إلينا أمر السلطان من قصره. قوله :( أو ا-لة الوزن ) فهو بمعناه الحفيقي، وقوله بالوحي بإعدادها أي اتخاذها فإنزاله
مجاز عن الإيحاء باستعماله، وقيل إنه أنزل عليه من السماء حقيقة وكون المراد به ميزان الأعمال بعيد هنا. قوله :) إتيانها ) توجيه لتذكير قريب مع أنّ الساعة مؤنثة بأن فيه مضافا مقدر أو أصله لعل إتيان الساعة، والخبر عنه في الحقيقة لأنّ المحذوف لقرينة كالملفوظ فيجوز نصبه على الحكاية، ورفعه والمراد تقديره إتيانها وهو إشارة لما قلناه من تقديره بعد لعل لا بعد قريب على أنه فاعل الوصف لا لأنه يلزمه حذف الفاعل لأنه لا يمتنع إذا سد المضاف إليه مسده بل لأنه إذا حذف وارتفع الضمير واستتر كان يجب أن يقال قريبة أيضا كما لا يخفى، وقوله بمعنى ذات قرب أي على النسب أو تأويل الساعة بالبعث، وقد تقدم في تذكيره وجوه أخر فتذكر، وقوله اعمل بالشرع الخ فيه لف ونشر ينظر إلى الوجوه السابقة في تفسير الميزان وفيه إشارة إلى المناسبة التي اقتضت الجمع بينها. قوله :) اعتناء بها ( اعتناء افتعال من العناية وقع هنا مفعولاً له وبها جار ومجرور متعلق به والضمير للساعة، وهو إشارة إلى ما مز من قول الراغب وغيره إنّ الإشفاق عناية مختلطة بخوف، واذ عدي بمن فمعنى الخوف فيه أظهر وإذا
عدّي بعلى فمعنى العناية أظهر، فما قيل إنّ الضمير للذين آمنوا أنث لتأويله بنحو الفرقة والج!اعة، وإنه لم يوجد في بعض النسخ المصححة وتحريف وتقدير من غير داع له سوى تكثير لسواد، وليس الاعتناء مضافاً للضمير كما توهمه مع أنه لو سلم يجوز أن يكون مضافاً للمفعول بواسطة على الحذف، والإيصال والضمير للساعة كما قاله شراح : المفتاج في قوله بمواظبتها من غير احتياج لما تكلفه وأما سقوطها من بعض النسخ فبناء على تجريده لمعنى الخوف مطلقا فذكر هذه الزيادة غير متعين كما توهم. قوله :( الكائن لا محالة ) إشارة إلى اًن الحق هنا بمعنى المتحقق الواجب كما مرّ والمرية بكسر الميم وضمها الجدال، وقوله أو من مريت كان الظاهر إسقاط أو لأن المرية بمعنى الجدال مأخوذة من هذا كما صرّج به الراغب في مفرداته، وقد صرّح به أيضاً المصنف في سورة النجم ولذا قيل إنه أراد أنه حقيقة فيه أو مجازاً واستعارة مأخوذ مما ذكر، ثم إنّ ما ذكره من معنى الشدة فيه غير لازم فيه والظاهر أنه إشارة إلى أنه على الأوّل ليس معنى المفاعلة مقصود فيه هنا، وعلى الثاني هو مقصود فيه وما قيل إنه معنى مستقل عند المصنف، وقد خالف فيه من قال الأوّل مأخوذ من الثاني فمكابرة في النقليات مع أنه كيف يتأتى هذا والمصنف معترف به، وأما الشدة المذكورة فتؤخذ من المفاعلة فلا يتوهم مخالفته لأهل اللغة فتدبر. قوله :) أشبه الغائبات إلى المحسوسات ( أي أقرب من كل شيء إليها، ولذا عداه بإلى لتضمينه معنى القرب فلا يقابل الظاهر بالمحسوسات وقربه إليها لأنه يعلم من بدء الخلقة المشاهد إعادتها، ومما يتكوّن في الفصول من النباتات، ثم عودها مورقة مزهرة مثمرة بعدما تعزت من ذلك على ما مز مراراً، وقوله. فمن لم يهتد لتجويزها الخ إشارة إلى المبالغة في ضلاله إذ وصف بالبعد، وجعل بعيداً والبعيد صاحبه، والمراد بما وراءه ما وراء البعث من سائر المغيبات أو ما وراء تجويز من تيقن وقوعه والإيمان به أوالمراد الثواب والعقاب. قوله :) برّ بهم بصنوف من البر لا تبلنها الإفهام ) وفي نسخة الأوهام، وهذ مأخوذ من مادة اللطف وصيغة المبالغة وتنكيرها الدال على أنه بحسب الكمية، والكيفية قال الغزالي : إنما يستحق هذا الاسم من يعلم دقائق الأمور والمصالح، وغوامضها وما دق منها ولطف، ثم تسلك في إيصالها سبيل الرفق دون العنف وليس هو غيره تعالى فصنوف البر من المبالغة في الكمّ وكونها لا تبلغها الإفهام من المادة، والمبالغة من الكيفية لأنه إذا دق جدا كان أخفى وأخفى. قوله :( يرزقه لمن يشاء ( وفي نسخة لما يشاء، وفي أخرى كما يشاء ومعنى يرزقه
يعينه ويقدره، وهو دفع لما قيل إنّ تخصيصه مع تعميم اللطف للعباد كلامتنافيين بأنه لا تخصيص بل بيان لتوزيع ما ذكر من العموم أي يخص هذا بقدر وذاك بآخر، ولذا قيل العموم لجنس


الصفحة التالية
Icon