ج٧ص٤٢٣
دون الآخر لأحسن له ولو قدر لتخلص المؤمنين لم يرد
عليه شيء، وهذا غير وارد فإنّ المصنف صرّح بأن الآية مخصوصة بالمجرمين فالمقصود الهلاك فلذا لم يتعرض له مع أنه قال : مثل لينتقم ولم يقل هو المقدر، فيجوز أن يقدر ما يليق بالمقام، وما ذكر إنما هو تصحيح إعراب والمنع المجرّد في مثل هذه المقاصد غير مسموع. قوله :( أو على الجزأء ( تفدير. عطف على الجزاء وفي كلامه تسامح لأنّ الجزإء مجزوم فكيف يعطف عليه وهذا ليس بمذهب لأحد من متقدمي أهل العربية ولا متأخريهم فإن للنحاة فيه ثلاثة مذاهب، الأوّل مذهب الكوفيين، وهو أنّ الواو في مثله بمعنى أن المصدرية ناصبة للمضارع بنفسها، الثاني مذهب البصريين إن الفعل منصوب بأن مضمرة وجوباً بعدها والواو عاطفة للمصدر المسبوك على مصدر مقدر مأخوذ من معنى الكلام قبله، وهو من العطف على المعنى وتسمى هذه الواو واو الصرف لصرفها عن عطفه على المجزوم قبلها إلى عطف مصدر على مصدر، والثالث ما اختاره الرضى من أنها إما واو الحال، والمصدر بعدها مبتدأ خبره مقدر والجملة حالية أو واو المعية، وينصب بعدها الفعل لقصد الدلالة على مصاحبة معاني الأفعال كما أنّ الواو في المفعول معه دالة على مصاحبة الأسماء فعدل به عن الظاهر ليكون نصا في معنى الجمعية، وليس هذا بأسهل مما ذكره النحاة من العطف على المصدر المتصيد وهذا رد على الزمخشري حيث لم يجوّز هذا، وجزم بالوجه الأوّل. قوله :) نصب الواقع جوابا للأشياء الستة ) الأمر والنهي والنفي والاستفهام والتمني والعرض أي نصب بعد الشرط مثل ما نصب بعدها لمشابهته لها لأنها تدل على أنّ ما بعدها لم يقع فهو غير محقق، وإن كان مطلوبا وهو معنى قوله : غير واجب لأنّ الجزاء موقوف على الشرط، وهو أمر مفروض! لأن الشرطية لا تدل على الوقوع بل على تقديره والزمخشري وسيبويه ومن تبعهما لم ينكروا النصب بعد الشرط حتى يرد عليهم بما ذكر، وإنما قالوا إنه لم يستفض في كلامهم فهو ضعيف لا ينبغي تخريج القراءة المتواترة عليه مع أنّ التقدير شائع، وله نظائر في القرآن فيما قيل : إن تضعيف سيبويه لا يحتج به مع اختيار جماعة من عظماء العلماء له لم يصادف محزه لأنهم لم ينكروه رأسا وإنما ضعفوه وأبوا تخريج الآية عليه، وما ذكر لا يدفعه. قوله :) بالرفع على الاستئناف ( فهو معطوف على الكلام السابق كما مرّ تقريره، وقال السعد في شرحه كلام الزمخشري : كثير من المواضع يشعر بأنّ مثله على تقدير المبتدأ لكنه لا يحسن هنا لكون الفاعل اسماً مظهراً، وفيه نظر قال في الدر المصون في الاستئناف يحتمل الفعلية والاسمية بتقدير مبتدأ أي هو يعلم الذين فالذين على الأوّل فاعل وعلى الثاني مفعول فتأمل. قوله :( فيكون المعنى أو يجمع بين إهلاك قوم الخ ( أولوه بما ذكر لما يتراءى في بادئ النظر من عدم استقامة المعنى إذ ليس علم المجادلين معلقا بالشرط المذكور، وأيضاً المعطوف عليه مسبب عن الإرسال فكذا يكون هذا فالمعنى أن يشأ يرسل العواصف فيجمع بين هذه الثلاثة ويكون علمه بهؤلاء أو علمهم كناية عن التحذير
والوعيد، وخص المجادلين لأنهم أولى بذلك وكثيراً ما يذكر العلم لمثل ذلك سواء كان العالم هو الله أوهم على أنّ الذين مفعول أو فاعل لأنّ علم الله بالمجرمين يكون كناية عن مجازاتهم وكذا الإخبار عن علم المجرمين في المستقبل بما يحل بهم كما قيل :
سوف ترى إذا انجلى الغبار أفرس تحتك أم حمار
فما قيل : إن يعلم على هذه القراءة مسند إلى ما أسند إليه ما عطف عليه، وهو ضميره تعالى والا خرج الكلام عن الانتظام فالموصول حينئذ مفعول أوّل لا وجه له وليس في كلامه ما يدل عليه نعم هو المثبادر من السياق. قوله :( محيد ) أي مهرب ومخلص من حاد عنه إذا مال، وعدل فكني به عما ذكر، وقوله : والجملة معلق الخ إذا كان الذين فاعلا لأنها ساذة مسذ المفعولين لا إذا كان مفعولاً أوّل لأنها مفعول ثان حينئذ، وهو يكون مفرداً وجملة ومثله لا يسمى تعليقا عنه، وقوله : من شيء أي من أسباب الدنيا وتنكيره للتحقير، وقوله : مدة حياتكم إشارة إلى أنّ الإضافة على معنى في وتعبيره عن ثواب الآخرة بعند اللّه بيان وتمهيد لخيريته، وقوله : لخلوص نفعه ودوامه لف ونشر مرتب كقوله : خير وأبقى. قوله :( وما الأولى موصولة! فالعائد محذوف، ويجوز كونها