ج٧ص٤٣٧
بنفي مشيئة عدم العبادة ا لكونه في حيز لو الامتناعية، وهذا رد على المعتزلة وعلى الزمخشري في تفسيره للآية وجعلها دليلاً لهم فإنهم تشبثوا بظاهر الآية في أنه تعالى لم يشأ الكفر من الكافرين، وإنما شاء الإيمان فإن الكفار لما أدعوا أنه تعالى شاء منهم الكفر حيث قالوا : لو شاء الرحمن الخ أي لو شاء منا أن نترك عبادة الأصنام تركناها ردا للّه تعالى عليهم ذلك، وأبطل اعتقادهم بقوله :﴿ مَّا لَهُم بِذَلِكَ مِنْ عِلْمٍ ﴾ الخ فلزم حقية خلافه، وهو عين ما ذهبوا إليه بناء على أنه معطوف على قوله :﴿ وَجَعَلُوا لَهُ مِنْ عِبَادِهِ ﴾ [ سورة الزخرف، الآية : ١٥ ] جزأ أو على جعلوا الملائكة الخ فيكون كفرا آخر ويلزمه كفر القائلين بأن المقدورات كلها بمشيثة الله تعالى، وهم أهل السنة فرده بما حاصله إنه استدلال منهم بنفي مشيئة الله تعالى عدم العبادة على امتناع النهي عنها أو على حسنها يعنون أن عبادتهم الملائكة بمشيئته تعالى فيكون مأموراً بها، أو حسنة ويمتنع كونها منهيا عنها أو قبيحة فقوله وذلك أي الاستدلال باطل لأن المشيئة لا تستلزم الأمر أو الحسن لأنها ترجيح بعض الممكنات على بعض حسناً كان، أه
قبيحاً ولذلك جهلهم في استدلال هذا فليس قوله : ما لهم بذلك الخ بيانا لكفرهم في مقالتهم هذه كما زعمه الزمخشريّ، ومن ضاهاه فهو معطوف على ما قبله عطف القصة على القصة، والأوّل بيان لكفرهم، وهذا بيان لدليلهم الباطل وتزييف له لا بيان لبعض ما كفروا به فإن قلت نفي مشيئة عدم لعبادة لا يستلزم مشيئة العبادة قلت : هذا مبنيّ على انّ المشيئة تتعلق بأحد طرفي الوجود، والعدم البتة ولو سلم فمثل هذا الكلام يقصد به الاعتذار عما وقع بأنه بمشيئة الله كما وقع في شرح الكشاف للمحقق رحمه الله تعالى وال!!اصل أنّ الإنكار متوجه إلى جعلهم ذلك دليلا على امتناع النهي عن عبادتهم، أو على حسنها لا إلى هذا القول فإنه كلمة حق أريد بها الباطل. قوله :) يتمحلون تمحلاَ باطلاَ ( أصل معنى الخرص كما قال الراغب : مغربة المقدار بطريق التخمين ولتخلفه في كثير منها أطلق على الكذب، وهو المراد هنا لأنّ التمحل والمماحلة المجادلة كما قاله الراغب أيضاً والجدال بالباطل افتراء وكذب مخصوص لا تفسير له بلازمه فما ذكره هو المطابق لما نحن فيه فما قيل : الخرص الحزر والكذب، وكل قول بالظن فينبغي تفسيره بأحد الأخيرين من ضيق العطن وقلة التدبر. قوله :( ويجوز أن تكون الإشارة ( بذلك إلى أصل الدعوى وهو جعل الملائكة ولد الله بعدما كانت إلى قولهم لو شاء الرحمن الخ فهو معطوف على قوله، ولذلك جهلهم الخ لأنه في معنى الإشارة إلى استدلالهم بما ذكر وأشار بقوله : يجوز إلى أنه خلاف الظاهر المتبادر فالاعترأض عليه بمثله صيد من المقلاة وهو وجه ثان في الردّ على الزمخشريّ، ومن حذا حذوه فليس المشار إليه تعليق عبادتهم بمشيئة الله حتى يتضمن كونها مقالة عن غير علم باطلة ردّ ما ذهب إليه أهل الحق كما زعموا، وقوله : كأنه الخ إشارة إلى أن ما ذكر بعد أصل الدعوى من تتمتها فليس بأجنبيّ حتى يقال هو فصل طويل، وقوله : حكى شبهتهم المزيفة لأنّ العبادة لها وان كنت بمشيئته تعالى لكن ذلك لا ينافي كونها من أقبح القبائح المنهى عنها لا إنها لا تتعلق به المشيئة كما ظنه هؤلاء ويكون هذا معلوما مما قرّره في الوجه الأوّل أجمله اعتماداً على الفطنة بشهادة الذوق، فما قيل من إنه لا يصلح للجواب وأنّ المصنف رحمه اللّه تعالى لم يقصد به الجواب عما قاله الزمخشري كله من قلة التدبر، وكذا ما قيل ترك بيان تزييفه لدقته لأنه من مباحث القضاء والقدر. قوله :) نفى ان يكون لهم بها علم ) أي بالدعوى المذكورة، وهذا ما اختاره الزجاج ولم يلتفت المصنف رحمه الله تعالى إلى رد الزمخشريّ، وقوله : إنه تحريف ومكابرة لأنه لما ذكر بعد كل مما مز ما يبطله كان الظاهر إنّ هذا رد لما قبله فصرفه عن ظاهره بجعله رد الأول الدعوى بعدما صرح بردها تحريف للكلام عن سننه لأنه كما قال الطيبي طيب اللّه ثراه على هذا يكون قوله : لو شاء الرحمن الخ جوابا لهم عما تضمنته الآيات من الإنكار والاحتجاج عليهم بعبادة الملائكة وهذا القول منهم إمارة على انقطاعهم، ودلالة على أن الحجة قد بهرتهم ولم يبق لهم متشبث سوى
هذا القول كما هو ديدن المحجوج، وقد مرّ مثله في سورة الأنعام فتدبر. قوله :( ثم أضرب عنه الخ ( هو جاً ر على الوجهين وفيه إشارة إلى أن أم منقطعة لا متصلة معادلة لقوله : اشهدوا كما قيل لبعده وقوله : من قبل القرآن لعلمه من السياق، أو الرسول كما في الكشاف وكون الضمير لادعائهم المذكور قبله أقرب