ج٧ص٤٤٧
كثير من أوهام هؤلاء الهوام، وإنما عطف قوله وعلى الخ بالواو دون أو لأنه مع ما قبله كما قيل كالوجه الواحد ولذا سقطت منه الواو في بعض النسخ وفيه نظر لا يخفى، ولبعضهم هنا كلام مع تكلفه بلا طائل كسراب بقيعة لا يساوي متاعه كراء الناقل. قوله :) من هذا المثل ( من تعليلية أي من أجله إذ ظنوه ألزم وأفحم به النبي ﷺ، وهو إنما سكت ارتقاباً للوحي ويضجون من الضجة وهي ارتفاع الأصوات، وهذا على غير الوجه الأخير أو الإعراض عن الحق بالجدل لحجج ذا حضة واهية، وقوله : هما لغتان أي بمعنى وهما الضجة والصياج كما يفعله السفهاء عند توهم الغلبة، ويحتمل أنهما بمعنى الإعراض على اللغتين. قوله :) ٧الهتنا خير عندك ) إنما قال عندك لأن كونها خير عندهم غنيّ عن السؤال، وإنما المقصود التنزل للإلزام على زعمهم بلزوم دخول عيسى النار، وهذا ناظر للوجه الأوّل من أن ما قبله لبيان مجادلة ابن الزبعري، وقوله : أو آلهتنا أولى وكانت في حكم المذكورة في الأمم السالفة بطل قوله : واسأل من أرسلنا الخ سواء جعل وجهاً مستقلاً أولاً وإن كان الأوّل مقتضى السياق، وقوله : أو آلهتنا خير أم محمد ﷺ راجع للوجه الأخير وهو قوله أو إن محمداً يريد أن نعبده كما عبد المسيح. قوله :( بتحقيق الهمزتين ) همزة الاستفهام والهمزة الأصلية، والقراءة بهمزة واحدة شاذة عند الأكثر إلا في رواية عن ورس، وغير هؤلاء قرأ بتسهيل الثانية بين بين ولم يقرأ بإدخال ألف بين الهمزتين لثقله بكثرة الألفات كما في النشر فتخصيص الكوفيين إما في مقابلة التسهيل لأنه يقابل التحقيق أو في مقابلة قراءة ورش كما قيل، والأوّل أولى وقوله : ألف بعدهما وهي مبدلة من همزة هي فاء الكلمة وأصله أآلهة فأعل إعلال آمن والهمزة الأولى زائدة في الجمع. قوله :( إلا لأجل الجدل ) فهو مفعول له، وقيل إنه حال بمعنى مجادلين أي جدالهم على الوجوه السابقة ليس ناشئاً عن اعتقاد لظهور بطلانه، وقوله : شداد جمع شديد وهو من
صيغة فعل فإنها للمبالغة كحذر، وقوله : أمرا عجيبا تفسير للمثل كما مرّ، وقيل هو بمعنى حجة لهدايتهم. قوله :( وهو ) أي قوله : إنّ هو إلا عبد الخ كالجواب المزيح بالزاي المعجمة والحاء المهملة بمعنى المزيل، والمراد بالشبهة ما سلف على الوجوه كلها، أما على الأوّل فلأنه يدل على أنّ عيسى عليه الصلاة والسلام خارج عن عموم ما تعبدون فتخصيصه بقوله : إنّ الذين سبقت الخ وأما على لثاني فلدلالته على عبوديته المبطلة لبنوّته، وألوهيته وأكل ا على الثالث فلأنه أبطل بعبوديته صحة دعوى عبادته فلا يرد نقضا على قوله واسأل الخ وأما على الرابع فلأن النبيّ ﷺ لما قصره على العبودية، أبطل كونه معبودا فكيف يريد أن يعبد هو كعيسى عليه السلام، وقال : كالجواب المزيح لأنه غير صريح فيه. قوله :( لولدنا ) بتشديد اللام يعني إنه تعالى بقدرته الباهرة يجوز أن يولد الملائكة من البشر كما ولد عيسى عليه السلام من غير أب فمن على هذا تبعيضية أو ابتدائية، أو المعنى لحوّلنا بعضكم ملائكة فملائكة مفعول ثان أو حال، والمراد أنّ الملائكة مخلوقون مثلكم لا يصلحون للعبادة، والذي خيل لكم اعتقادكم كونهم من غير توليد ولو شاء أوجدهم بالتوليد كما أوجدهم بالإبداع، وقوله : يا رجال تفسير للضمير المخاطب في منكم وإشارة إلى أنه للذكور من غير تغليب، وأن المعنى أنّ في عظيم قدرته أن يخلق توليداً من الذكور بدون الإناث كما خلق من أنثى بلا ذكر عيسى عليه السلام، ومن غير ذكر وأنثى آدم عليه الصلاة والسلام وما قيل إنه للإشارة إلى تقبيح جعلهم الملائكة إناثاً لا وجه له فإنه ليس فيه تعرّض لحال الملائكة أصلاً والتشبيه على كل حال في اتخاذ ما هو خارق للعادة. قوله :( أو لجعلنا بدلكم ) إشارة إلى أنّ من للبدلية كما في قوله :﴿ أَرَضِيتُم بِالْحَيَاةِ الدُّنْيَا مِنَ الآخِرَةِ ﴾ [ سورة التوبة، الآية : ٣٨ ] أي بدلها وكما في قوله :
ولم تذق من البقول الفستقا
ومعنى يخلفون على الأوّل يكونون خلفا ونسلاً لكم، وعلى هذا يكونون مكانكم بعد إذهابكم وإهلاككم، ولذا قيل إنه يكون حينئذ توعداً بالاستئصال وهو غير ملائم للمقام، ولذا قدم المصنف الأوّل وفصله بدون هذا وقيل : المراد بيان كمال قدرته لا التوعد بالهلاك وإن تضمنه ولا مانع من قصدهما معأ. قوله :( فإنه تعالى قادر على ما هو أعجب من ذلك ( وهو التوليد من الرجال، أو من غير الجنس بخلاف عيسى عليه السلام فإنه من أنثى من