ج٧ص٥١
الإنكار فالمراد بشهوده المنفي شهود الهلاك الواقع فيه، وقوله كمرجع خصه بالتمثيل لأنه نادر وقد قالوا إنّ المهلك والمرجع والمحيض والمكيل مصادر أربعة لا خامس لها، وقد تقدّم تفصيله في سورة الكهف. قوله :( ونحلف إنا لصادقون ) إشارة إلى أنه معطوف على قوله ما شهدنا فهو من جملة المقسم عليه، وقوله لأنّ الشاهد للشيء غير المباشر له توجيه لادعائهم الصدق وهم عقلاء ينفرون عن الكذب ما أمكن بأنّ حضور الأمر غير مباشرته في العرف لأنه لا يقال لمن قتل رجلاَ إنه حضر قتله، وإن كان لاحضور لازماً للمباشرة فحلفوا على المعنى العرفي على العادة في الإيمان وأوهموا الخصم أنهم أرادوا معناه اللغوي فهم صادقون غير حانئين، ولا بعد فيه وكونهم من أهل التعارف لا يضرّ كما قيل بل يفيد فائدة تامّة. قوله :( أو لأنا ما شهدنا مهلكهم وحده الخ ) كذا في الكشاف ورده في الانتصاف بأنّ من فعل أمرين وجحد أحدهما لم يكن في كذبه شبهة، وإنما تتمّ الحيلة لو فعلوا أمرا واحدا وادعى عليهم فعل أمرين فجحدوا المجموع، ولذا لم يختلف العلماء في أنّ من حلف لا أضرب زيدا فضرب زيدا، وعمرا كان حانثاً بخلاف من حلف لا أضرب زيدا وعمراً ولا آكل رغيفين فأكل أحدهما فإنه محل الخلاف إلا أنه قد يكتفي بمثله في المعاريض، وتبرئتهم من الكذب فيما ذكر غير لازم حتى يتكلف له ما ذكر والذي دعا الزمخشريّ له ادعاء القبح العقلي في الكذب حتى ترى الكفرة مع كفرهم لا يرضونه. قوله :( بهذه المواضعة ) أي
الحيلة في ادعاء الصدق المذكور وقوله بأن جعلناها أي الحيلة والمواضعة المذكورة، ومكرهم ما أخفوه من تدبير الفتك بصالح عليه الصلاة والسلام ومكر الله إهلاكهم من حيث لا يشعرون على سييل الاستعارة المنضمة إلى المشاكلة كما في الكشاف وشروحه، وقوله في الحجر هي مدينتهم، وقوله يفرغ منا وفي نسخة عنا أي يهلكنا فيخلو عنا، وقوله إلى ثلاث الغاية داخلة هنا بقرينة وقوع قوله قبل الثلاث في مقابلة فلا يرد عليه ما قيل إنه كان عليه أن يقول بعد ثلاث لأنه كذلك في الواقع، وقوله : ليقتلوه يعني إذا جاء الشعب، وقوله فوقع عليهم الوقوع هنا بمعنى النزول نحوهم لا إهلاكهم فلا يخالف ما بعده، وقوله : فهلكوا أي في الشعب بالجوع والعطش أو بالصيحة فيكون قوله بالصيحة تنازعه الفعلان والأوّل أظهر رواية ودراية. قوله :( فخبرها كيف ) أي لوقوعها قبل ما لا يستغنى أي كانت عاقبة مكرهم واقعة على وجه عجيب يعبر به، والجملة في محل نصب على أنها مفعول انظر، والاستئناف لتفسير العاقبة، وقوله أو خبر محذوف الظاهر أنه الشأن أو ضميره لا شيء آخر مما يحتاج للعائد ليعترض عليه ببقا المحذور في جعله خبر كان ولا يرد عليه أنّ ضمير الشأن المرفوع منع كثير من النحويين حذفه فإنه غير مسلم، ولا أنه يجوز كونه خبر كان ويكفي للربط وجود ما يرجع إلى متعلق المبتدأ والخبر إذ رجوعه إليه نفسه غير لازم فإنه تكلف، وهو إنما يتمشى على مذهب الأخفش القائل بأنه إذا قام بعض الجملة مقام مضاف إلى العائد اكتفى به كما مرّ تقريره في قوله تعالى :﴿ وَالَّذِينَ يُتَوَفَّوْنَ مِنكُمْ وَيَذَرُونَ أَزْوَاجًا يَتَرَبَّصْنَ ﴾ [ سورة البقرة، الآية : ٢٣٤ ] وغيره من النحاة يأباه. قوله :( وإن جعلتها تامّة ) أشار يتاخيره لمرجوحيته، ولذا لم يقل إن جعلت كقسيمه وفي قراءة الفتح وجوه تبلغ العشرة، وقوله خبر محذوف هو ضمير العاقبة، وقوله بدل من اسم كان أو من فاعلها وعلى الخبرية هو مفرد تأويلاَ لا يحتاج إلى رابط، وقوله وكيف حال أي على الوجه الأخير وقوله على أنه خبر محذوف أي أو خبر بعد خبر أو خبر وبيوتهم بدل من تلك، وقوله فيتعظون تفسير له لا تفريع لأنّ الآية يعني العبرة هي في الحقيقة الاتعاظ، وقوله : فلذلك أي لإيمانهم
وتقواهم إشارة إلى أنّ التعليق بالموصول للتعليل وهو ظاهر. قوله :( لدلالة ولقد أرسلنا ) أي قبله في قصة صالح وعلى الوجهين هو من عطف قصة على قصة، ولم يجعله معطوفا على صالحاً مع تبادره ولا على قوله الذين آمنوا قبله مع قربه كما ذكره المعرب تبعا للبحر لأنه غير مستقيم لأنّ صالحاً بدل أو عطف بيان لأخاهم، وقد قيد بقيد مقدم عليه، وهو إلى ثمود فلو عطف عله تقيد به، ولا يصح لأنّ لوطا عليه الصلاة والسلام لم يرسل إلى ثمود، وهو متعين إذا تقدّم القيد بخلاف ما لو تأخر كم صرحوا به مع أنّ تعينه غير مسلم إذ يجوز عطفه على مجموع القيد والمقيد كما ذكره في المطوّل لكنه خلاف المألوف في الخطابيات


الصفحة التالية
Icon