ج٧ص٥٥
علمهم، وقوله لا يدركون دلائلها وإن تكاملت أسبابها لما على بصائرهم من الغشاوة كما مرّ، وقوله وهذا أي ما ذكر من معنى الآية وهذا بناء على أنّ الضمائر لمن في السموات والأرض لا للكفرة، كما قيل ونسبة ما للكل إلى البعض مجاز وقد تقدم شرطه وما فيه.
قوله :( ننزيل لأحوالهم ) من حال إلى أنزل منها ويصح أن يكون ترقيا في مراتب شدة جهلهم لأنّ جهلهم بأمر الآخرة مع توفر أسباب العلم أنزل من عدم علمهم بمآل أمرهم والشك، والتحير فيها أنزل لأنه يلاحظ فيه الدلائل، وما قبله لم يلاحظ فيه وإن كانت موجودة والعمي عن الدلائل أنزل من الكل. قوله :( وقيل الأوّل ) أي قوله بل أدرك علمهم الخ على أن أدرك بمعنى انتهى، واستحكم العلم نفسه من غير تقدير مضاف أو تجوّز ولم يرتضه لعدم القرينة لا لأنّ الإضرابات لا تكون على سنن واحد إذ لا بأس فيه. قوله :( وقيل أدرك بمعنى ائتهى واضمحل ) الظاهر أنه معطوف على قوله قيل قبله، ولا ينافي كونه غير متعلق بالإضراب حتى يجعل معطوفاً على قوله بين أن ما انتهى الخ أو على مقدّر مفهوم منه، واضمحل بضاد معجمة وحاء مهملة ولام مشدّدة بمعنى فني وانتفى علمهم بالآخرة مع وضوح دلائلها وتمريضه لأنّ الإدراك، وإن كان بلوغ النهاية وكل شيء بلغ الحدّ انتهى لم يعهد بهذا المعنى لا لأنه ينبغي أن يكون مجازا عن العدم بعد الوجود وعلمهم بالآخرة لم يوجد رأساً فإنّ إرادة لازمه وهو العدم مطلقاً غير مستبعد، ونظائره أكثر من أن تحصى ولا لأنّ الإضراب لا يصح حينئذ فإنه نفي للعلم كالذي قبله واعتبار وضوح الدلائل بلا قرينة بعيد فإنه مع وروده على الوجه الأوّل غير مسلم فإنّ ما فيه نفي خاص، وهذا عامّ وقوله لأنها وفي نسخة لأنّ تلك أي الحال المعروفة يلزمها الفناء والاضمحلال بيان للعلاقة المصححة للمجاز وهي اللزوم. قوله :( وقرأ
نافع الخ ) ذكروا فيه اثنتي عشرة قراءة المتواتر منها اثنان، والباقية شاذة قال الجعبريّ رحمه الله تعالى : قرأ نافع ؤابن عامر والكوفيون بل إدّارك بوصل الهمزة، وفتح الدال مشذدة وألف بعدها وأبو عمرو بقطع الهمزة وتخفيف الدال الساكنة بلا ألف ماض بوزن أقعل فما ذكره المصنف رحمه الله مخالف لنقل القرّاء، ولذا قيل ينبغي أن يقول هنا وعاصم إذ لم تختلف الرواية عنه في المشهور وما ذكره عن أبي بكر رواية شاذة لم ينقلها القرّاء في السبعة، وقوله حتى استحكم على التفسير الأوّل، وقوله حتى انقطع على الأخير، وقوله : من تدارك متعلق بالثاني ويجوز تعلقه بهما، وقوله وأصله أي على القراءتين وفي نسخة وأصلهما وحكمه في الإعلال معروف في الصرف. قوله :( وبل أرك ) على ماضي الأفعال بنقل فتح الهمزة إلى اللام وحذفها مع دال ساكنة، ويحتمل فتح اللام مع تشديد الدال على نقل حركة همزة الاستفهام فإنه قرئ بها في الشواذ وقوله : أو مضمن كأم فإنّ معناها بل كذا، وقوله من ذلك أي ما ذكر من القراآت، وقوله تفسير له أي للشعور بالإدراك الواقع بعد بلي وما بعده هو قوله بل هم في شك الخ، وقوله مبالغة في نفيه لأنّ معناه شعورهم وعلمهم الشك كقوله :
تحية بينهم ضرب وجيع
فإنه يفيد أنه لا علم لهم لا تحية على أبلغ وجه، وقوله : أو ردّ على أنّ الإضراب إبطاليّ فافهمه. قوله :( كالبيان ) إشارة لاتصاله بما قبله ولم يجعله بيانا لأنه يقتضي ترك العطف وهو عمه أي عمي بصيرة لإنكارهم البعث، والضمير لهم ولآبائهم على التغليب والمبالغة في الإنكار من تكرير أداته، وقوله من حال الفناء إلى الحياة فهو تمثيل للعدم بعد الوجود بالحبس وجعل الحياة إطلاقاً منه، وعلى قراءة نافع تقدّر همزة الاستفهام مع الفعل المقدّر لأنّ المعنى ليس على الخبرية فقوله على الخبر أي على صورة الخبر لعدم أداة الاستفهام فيه لفظاً لكنه لس بخبر حقيقة وقوله قبل وعد محمد الخ يزعمون أنه خرافات قديمة كما أشاروا إليه بقولهم
أساطير الأولين. قوله :( وثقديم هذا على نحن الخ ) إشارة إلى النكتة في تقديم هذا على نحن وآباؤنا هنا " مع تأخيره في آية أخرى في سورة المؤمنين وهو مفعول ورتبته التأخير فأتى به ثمة على الأصل فقوله وحيث أخر أي وقع، مؤخرا على أصله، وهو مشاكلة ا / وروعي / أصل! ثمة لأنّ ما ذكر هناك اتباعهم أسلافهم في الكفر وانكار الحشر من غير نعي ذلك عليهم، وهنا ذكر ما صدر منهم أنفسهم مؤكدا مقرّرا مكرّرا فكان المقصود بالذكر، وما هو أعنى البعث المشار إليه بهذا وهذا ما عناه السكاكيّ، وقوله


الصفحة التالية
Icon