ج٧ص٥٩
التوحيد والحشر وبعثة الرسل، وقوله في الصور بضم الصاد وفتح الواو وجمع صووة بناء على أنّ الصور بسكون الواو بمعناه، والبوق بضم الباء وسكون الواو والقاف معرّب بورى وعلى هذا فهو استعارة تمثيلية شبه هيئة انبعاثهم من الصور إلى المحشر وقد نفخ في الصور بجيش نفخ لهم في المزمار المعروف فساروا إلى ما يريدون، وقوله من الهول أي هول النفخ أو هول المحشر. قوله :( لأنه صعق مرّة ) أي في الطور، وقد سمع الخطاب فجازاه الله على تلك الصعقة أنه لا يصعق يوم الفزع، وهذا ورد في الحديث ما يدلّ عليه، وقوله حاضرون الموقف إن كان الموقف منصوبا على الظرفية أي حاضرون لله في الموقف فظاهر، وإن كان مفعولاً له فعلى جعل حضور الموقف حضورا له لاختصاصه به وفي نسخة حاضرين على أنه حال، وقوله بعد النفخة الثانية لتعدّدها، وقد قيل إنها ثلاث، وقوله لتوحيد لفظ الكل
وقيل لأنّ المراد كل واحد وداخرين ودخرين بمعنى مقهورين منقادين، وهو حال من الضمير. قوله :( ولعل المراد ما يعنم ذلك ا لعدم قرينة الخصوص، وقد قال الشيخ في الفتوحات إنّ بعض المتقرّبين تتصل حياتهم بالآخرة فلا يدركهم الصعق وكلام المصنف محتمل له، وترى في وترى الجبال بصرية وتحسبها حال، وقوله لا تكاد الخ واليه يشير النابغة في قوله يصف جيشا :
فأرعن مثل الطود تحسب أنهم وقوف لجاج والركاب تهملج
قوله :( مصدر مؤكد لنفسه ) هو في اصطلاح النحاة ما أكد مضمون جملة هي نص في
معناه نحو له على ألف درهم اعترافا فان احتملت غيره فهو مؤكد لغيره والعامل فيه محذوف،
وجوبا لقيام الجملة المؤكدة مقامه فلو جوّزنا حذف تلك الجملة أيضا كان إجحافاً فلذا لم
يرتض المصنف ما ذهب إليه الزمخشريّ من أنّ المؤكد محذوف، وهو الناصب ليوم ننفخ
والمعنى يوم ينفخ في الصور فكان كيت وكيت أثاب الله المحسنين وعاقب المجرمين، ثم قال
صنع الله يريد به الإثابة والمعاقبة مع أنّ التأكيد المقتضى للاهتمام بالشيء ينافي حذفه، وان كان
المحذوف لدليل كالموجود لكن فيما ذكره المصنف خفاء من جهة المعنى لأنّ الصنع المتقن لا
يناسب تسيير الجبال ظاهرا، ولا ذكر أفعالهم والحسنة بعده وكأنه الحامل للزمخشريّ على
التقدير ألا ترى أنّ قوله خلقه وسوّاه كيف يأباه وادعاء دلالتها على اتقان الصنع محل تأمّل.
قوله تعالى :( ﴿ مَن جَاء بِالْحَسَنَةِ ﴾ الآية ) قيل أكثر المفسرين على أنّ المراد بها الإخلاص،
والسيئة ضدّها وهي الشرك لقوله :﴿ فَكُبَّتْ وُجُوهُهُمْ فِي النَّارِ ﴾ [ سورة النمل، الآية : ٩٠ ] فليس
خير بمعنى أفضل وردّ بأنّ السيئة لا يتعين أن يراد بها الشرك لأن الظاهر منها العموم وذكر
الكبّ من نسبة ما للبعض للجميع، وقد مرّت له نظائر مع أنه غير مختص بالمشرك بل يعمّ
العاصي وكون خير بمعنى أفضل لا مانع منه لأنّ الأفضلية بمعنى الأضعاف لا سيما ورؤية الله
التي لا شيء أفضل منها مترتبة عليها، وفيه أنّ هذا التخصيص منقول عن رئيس المفسرين ابن
عباس رضي الله عنهما، وقوله في مقابلها فكبت قرينة عليه وما ذكره خلاف الظاهر وشرطه
مفقود هنا. قوله :( إذ ثبت له الشريف ) وهو الثوأب الأخرويّ، وقوله : بالخسيس قيل أراد به
الحسنة المالية لأنها أوساخ الناس والا ففي التعميم سوء أدب لا يخفى وأجيب عنه بأنه إشارة
إلى أنّ الخيرية من حيث الفاعل والخسة من حيث إنها فعل العبد والجزاء فعل السيد وشتان ما بين الفعلين فأفعال السيد سيدة الأفعال، ووصف العمل بالخسة باعتبار صدوره عق العبد المقهور لا ينافي شرفه بالنط إلى أنه حسنة أو هو إشارة إلى أنّ الخيرية باعتبار أنه بطريق التفضل فوصف العمل بالخسة باعتبار أنه لا يقاوم النعم الدنيوية فضلا عن إفضائه إلى الثواب الأخرويّ، ولك أن تقول قوله والباقي بالفاني تفسير له وهو ظاهر. قوله :( وسبعمائة واحدة ( هذا باعتبار الأكثر، واقتصر عليه لأنه أنسب للخيرية فلا يقال عليه إنّ الأولى ذكر الأقل المتيقن، وهو العشرة ليعمّ كل حسنة مع أنه يحتمل أنه يريد به مجرّد التكثير لشيوع استعماله فيه كالسبعة والسبعين، ثم إنّ هذا إشارة إلى الخيرية كما أنّ قوله والباقي بالفاني إشارة إلى الخبرية كيفا. قوله :( وقيل خير منها الخ ) فمن ابتدائية ولم يرتضه لأنه خلاف الظاهر لا لأنه