ج٧ص٦٦
أو لا يجزمون بما وعدهم لتجويزهم تخلفه وهو لا يخلف الميعاد، وقوله أو أنّ الغرض الخ هو ظاهر عند من يجوز تعليل أفعاله تعالى بالإغراض، إمّا عند من لا يجوّزه فقد تجوّز بإطلاق الغرض على ما يترتب على أفعاله من الحكم والمصالح، وكونه غرضاً أصليا يفهم من إعادة حرف التعليل معه فإنه يقتضي الاعتناء به وأهميته، وما سواه من قرّة عينها وذهاب حزنها لكونه أمرا دنيوياً تابع لعلمها بتحقق وعده، فإن قلت الذي يفيده الكلام إنما هو كون كل منهما كالغرض، أو غرضحا مستقلاً وأمّ تبعية غيره له لا سيما مع تقدمه عليه فلا قلت لما حذف حرف
العلة من الأوّل إشعارا بأنه غير مقصود بالتعليل، أفاد النظم أنه علة لذلك الأمر المعلل فكأنه قيل الردّ الذي قرّت به عينها لتعلم الخ فتدبر. قوله :( وفيه تعريض الخ ) هو من التعبير بالمضارع فإنه يفهم أنها لم تتيقن ذلك في الماضي إذ لو كان كذلك لم يعرض لها خوف، وحيرة وفرط بتخفيف الراء بمعنى سبق وهذا جار على الوجهين، ولا يختص بالأوّل حتى يرد عليه أنّ الأولى ذكره عقبه. قوله :( مبلغه الذي لا يريد عليه نشؤه ) المبلغ اسم زمان من البلوغ، وهو الانتهاء إلى حد النموّ وغايتة، ولهذا سمي سن الوقوف والنشء بوزن قفل، وقوله : وذلك من ثلاثين إلى أربعين أورد عليه أنه روي عن مجاهد أنّ بلوغ الأشد في ثلاث وثلاثين، والاستواء في الأربعين وعن ابن عباس رضي الله عنهما أنّ الاً شدّ ما بين ثماني عشرة إلى ثلاثين والاستواء ما بين الثلاثين إلى الأربعين وما ذكره المصنف رحمه الله لا يوافق شيئا منهما، وجوابه أنّ أصل معناه القوّة دون تعيين وهي تختلف باختلاف الأقاليم والإعصار والأحوال ٤ ولذا وقع له تفاسير في كتب اللغة والتفسير بحسب القرائن والمقامات، وفي لسان العرب قال الزجاج هو من نحو سبعة عشر إلى الأربعين وقال : مرّة هو ما بين الثلاثين والأربعين انتهى، واختار الأخير المصنف هنا لموافقته لقوله تعالى :﴿ حَتَّى إِذَا بَلَغَ أَشُدَّهُ وَبَلَغَ أَرْبَعِينَ سَنَةً ﴾ [ سورة الأحقاف، الآية : ٥ ا ] لأنه يشعر بأنه منته إلى الأربعين وهي سن الوقوف فينبغي أن يكون مبدؤه مبدأه، وهو الثلاثون وقد صرّح به في سورة يوسف، ولذا يفسر تارة بسن البلوغ وغيره فلا إشكال فيه كما توهم. قوله :( فإنّ العقل الخ ) تعليل لقوله وذلك الخ يعني أنّ الأشد هو الكمال والقوّة وقوّته بالثباب، وكماله بالعقل وهما يتمان في هذه المدة فلذا فسر به، وقوله وروي الخ في تخريج أحاديث الكشاف إنه لم يوجد في شيء من كتب الحديث ويؤيده ما في حق يحيى عليه الصلاة والسلام :﴿ وَآتَيْنَاهُ الْحُكْمَ صَبِيًّا ﴾ [ سورة مريم، الآية : ١٢ ] فإنه فسر بالنبوّة وأنّ عيسى عليه الصلاة والسلام بعث في ثلاث وثلاثين ورفع في الأربعين ولعله إن صح أغلبيّ، والرأس الطرف ولو آخرا كما هنا وكما قد صرّحوا به، واستوى بمعنى كمل وتمّ وهو تأكيد وتفسير لما قبله ولذا عطف عليه، وقوله علم الحكماء تفسير للحكم والعلم. قوله :( وهو أوفق لنظم القصة ا لأنه إذا فسر العلم بالدين والشريعة يكون هذا بعد النبوّة وعلى هذا هو قبلها، والمراد بالهجرة خروجه عليه الصلاة والسلام إلى مدين، والمراجعة بمعنى رجوعه منها، وإنما عبر بصيغة التفصيل لأنّ هذا القول على المعنى الأوّل يكون بيانا إجمالياً لإنجاز الوعد بجعله من المرسلين بعد ردّه لأمّه وما سيأتي تفصيل له، والعطف بالواو لا يقتضي الترتيب فلا ممانعة ولا اعتراض عليه كما توهم ولم يفسر العلم بالعلم بالتوراة كما في الكشاف لأنه لم يؤتها حين
بلغ أشدّه بل بعد إغراق فرعون كما ذكره الزمخشريّ في سورة المؤمنين لكنه إذا كان إجمالاً لأحواله يهون خطبه فتأمّل. قوله :( على إحسانهم ) تنبيه على أنه إنما آتاه العلم والحكم لاستحقاقه إياه بإحسانه العمل فهو دليل على أنّ المراد بالحكم الحكمة، وعلم الحكماء لا النبوّة فإنها لا تكون جزاء على العمل كما قاله الإمام : فهو إشارة إلى ترجيح الوجه الثاني، وأمّا استلزام الأوّل لحصول النبوّة لكل محسن كما ذكره فليس بشيء. قوله :( وقيل منف ) عطف على مصر، وهي بلغة معروفة وهي بضم الميم وفتحها وان ذكره بعضهم لا يوثق به والنون ساكنة وهي ممنوعة من الصرف كماه وجور والمعروف فيها منون بواو وتفصيله في أسماء البلدان، وحا بين بحاء مهملة وباء موحدة في النسخ وهي وعين شمس أسماء بلدتين من نواحي مصر وكون الوقت بين العشاءين مرويّ، عن ابن عباس رضي الله عنهما وشايعه بمعنى تابعه. قوله :( والإشارة ) أي بهذا واقعة على طريق الحكاية لما وقع وقت الوجدان


الصفحة التالية
Icon