ج٧ص٨٢
الخارج بمعنى نفس الأمر إمّا ابتداء، وامّا بواسطة تذكر الصورة الواردة منه بإماراتها الخارجية فإذا أخطأ الذهن الخارج ونفس الأمر بأن لم يصل إليه لانسداد الطريق بينه وبيته بعمي، ونحوه لم يمكنيما إحضار ولا استحضار، وذلك لأنه لما جعل الأنباء الواردة عليهم من الخارج عمياً لا تهتدي دل على أنهم عمي لا يهتدون بالطريق الأولى لأنّ اهتداءهم بها فإذا كانت هي في نفسها لا تهتدي فما بالك بمن بها يهتدي فتدبر فإنه في غاية الخفاء، ولذا قيل إنه لو تركه كان أولى. قوله :( أو ما يعمها ( أي ما يعمّ الأنباء المجاب بها الرسل وكل ما يمكن الجواب به، والتعتعة بتاءين فوقيتين وعينين مهملتين التردّد في الكلام لحصر أوعيّ، وقوله ويفوّضون الخ كقول عيسى حينئذ :﴿ لاَ عِلْمَ لَنَا إِلاَّ مَا عَلَّمْتَنَا ﴾ [ سورة البقرة، الآية : ٣٢ ]. قوله :( وتعدية الفعل ) أي عميت لتضمنه معنى الخفاء، وهو أحسن من جعله بمعنى الاشتباه كما ذكره الراغب ولولاه لتعدى بعن، ولم يتعلق بالأنباء لأنها مسموعة لا مبصرة، وقوله لفرط الدهشة سواء، كانت انفاء في قوله فهم تفصيلية أو تفريعية لأنّ سبب العمي فرط الدهشة، وقوله أو العلم وفي نسخة والعلم بأنه مثله أي في العجز عن الجواب، وقوله فأمّا من تاب الفاء فيه لتفصيل إجمال يعلم مما قبله لبيان حال من تاب عن شركه ولترتب الأخبار به عما قبله. قوله :( وعسى الخ ا لإيذانها بتحقق ما يرجى منهم كما قيل عسى منك خير لنا من نعم أو هي للترجي على لسان العباد لأنه لا يليق به تعالى حقيقة. قوله : الا موجب عليه ولا مانع ) مشيئة الله هي اختياره أو مقاربة له، والاختيار منه تعالى للفعل بمعنى أنه إن شاء فعل، وان شاء ترك أو كونه بحيث يصح منه الفعل والترك، وهو بهذا المعنى مقابل للإيجاب، ولما تقاربا وقد جمع بينهما هنا حاولوا التفسير على وجه يقع به التغاير ليسلم النظم من الحشو فقيل المراد أنه يخلق ما يشاء من الأعيان والأعراض، وقوله يختار معطوف على يخلق أي يخلق ما يشاؤه باختياره فلا يخلق شيئا بلا اختيار وهذا لم يفهم مما يشاء، فإنه لا يفيد العموم وقيل إنّ قوله لا موجب عليه
ولا مانع لف ونشر فالمشيئة عدم الإيجاب والاختيار عدم المانع ليفيد، وأورد عليه أنه لا وجه للتخصيص بلا مخصص، وقيل المشيئة تجامع الإيجاب بالذات دون الاختيار ففيه رد على الفلاسفة كما أن في ذكر المشيئة تنصيصا على الرد على من زعم أنه مقتض للعالم اقتضاء النار للإحراق ورد بأنه إن أريد بالمشيئة صحة الفعل والترك فهي لا تجامع الإيجاب أصلا وان أريد كونه إن شاء فعل وان لم يشأ لم يفعل فكذا الاختيار ولا فرق بينهما فإنّ معناهما عندنا الأوّل وعند الفلاسفة الثاني وكلام المحشي هنا لا يخلو من الاضطراب. قوله :( التخير الخ ) طيرة بوزن عنبة بمعنى التطير، وحكى ابن الأثير تسكين يائه قالوا ولم يجيء على هذا الوزن من المصادر غير خيرة وطيرة ولم يجيء من الأسماء غير طيبة بمعنى طيب، وتولة لنوع من السحر تتحبب به المرأة لزوجها يعني في المفرد المعتل العين. قوله :( وظاهره نفي الاختيارا لأن الخيرة والتخير والاختيار بمعنى كما يفهم من كلامه، وهو ظاهر النظم ولما كان فيه إيهام للجبر أشار إلى توجيهه بأنّ اختيار العبد، وإن كان ثابتاً عند أهل الحق لكنه يكون بالدواعي التي لو لم يخلقها الله فيه لم تكن، وهذا هو معنى قوله تعالى :﴿ وَمَا تَشَاؤُونَ إِلَّا أَن يَشَاء اللَّهُ ﴾ [ سورة الإنسان، الآية : ٣٠ ] وهو مذهب الأشعريّ رحمه الله قال : خاتمة المحققين الدوانيّ في مقالته في أفعال العباد الذي يثبته الأشعري وهو تعلق قدرة العبد وارادته الذي هو سبب عاديّ لخلق الله تعالى الفعل فيه، واذا فتشنا عن مبادي الفعل وجدنا الإرادة منبعثة عن شوق له، وتصوّر أنه ملائم وغير ذلك من أمور ليس شيء منها بقدرة العبد واختياره كما حققه وهو محصل كلام المصنف رحمه الله، فما قيل إنه مذهب الجبرية ليس بصحيح فإن أردت تحقيق ذلك فانظر تلك المقالة. قوله :) المراد أنه الخ ( فالمعنى ما كان لهم الخيرة على الله أي التحكم عليه بأن يقولوا لم لم يفعل الله كذا كما ذكر في سبب النزول المذكور ومعنى ما كان أنه لا يليق ولا ينبغي فإنه أحد معانيه التي ورد بها، وهو مشهور فلا يصلح هذا وجها لتمريضه كما قيل لأنه غير موافق لسبب النزول المذكور وكون ما مرّ على قواعد المعتزلة من عدم جواز إرادته تعالى للكفر، والفسق وهم ولعل تمريضه له أنه لا دلالة عليه في النظم، وفيه حذف المتعلق من غير قرينة دالة. قوله :( ولذلك خلا ) بالتخفيف والبناء للفاعل أو بالتشديد والبناء


الصفحة التالية
Icon