ج٧ص٨٤
( ولآنّ منافع الضوء كثر الخ ) ما يقابله إمّا الليل فهو على تقدير مضاف أي من منافع ما يقابله أو السكون فيه فهو من قبيل أكثر من أن تحص أي هو متباعد في الكثرة عن مقابله والأوّل أظهر، والمراد أنها لو ذكرت كلها أو أكثرها طال الكلام، ولو اقتصر على بعضها توهم الاختصاص به فلا يرد عليه أنّ كثرة منافعه لا تصلح وجها، ولم يقابل الليل بالنهار لأنه لا يلزمه الضياء لجواز كون الشمس تحت الأرض فيه ونحوه من انكساف ضوئها بالكلية كما مرّ، ونفع النهار إنما هو بضيائه بخلاف الليل فإنه لا يخلو عن النفع سواء أظلم أم استنار ولما كانت منافع الضياء الكثيرة لا يقف عليها العوامّ إلا بالسماع من الخواص ذيل بقوله أفلا تسمعون، وأمّا كونه يلزم اجتماع الليل والنهار في الكسوف كما توهم فتعسف لأنّ المراد أنّ المقصود من النهار هو الضياء لأنّ النفع به فلذا خص بالذكر بخلاف الليل فتدبر. قوله :( لأنّ استفادة العقل من السمع الخ ) أي قرن الضياء الكثير المنافع المحتاجة إلى كثرة الإدراك بما هو دالّ على كثرة الاستفادة المناسب له لأنّ جميع ما تدركه الحواس يعبر عنه بما يدركه السمع، ويزيد عليها بإدراك الأصوات ولذا ترا. مقدما على البصر في التنزيل، وقد مرّ له وجه آخر. قوله :( في الليل ) إشارة إلى أنه لف ونشر ولذا قدر في النهار بعده، وضمير فضله لله وكونه للنهار على الإسناد المجازي خلاف الظاهر، وقوله من فضله لنفي الإيجاب، وفيه مدح للسعي في طلب الرزق كما ورد الكاسب حبيب الله، وهو لا ينافي التوكل وقوله ولكي إشارة إلى أنّ المقصود منه التعليل وقد مرّ تحقيقه ومعرفة النعمة لازمة للشكر فلذا ذكره. قوله :( جدّ بعد تقريع ) أي ذكر مجذداً يعني أنه لكونه أعظم أعيد ذكره مرة بعد أخرى، أو أنه لتغاير المراد من ذكره في الموضعين ليس بمكرّر، وفساد الرأي ظاهر من قوله حق عليهم القول، ولذا حمل الأوّل عليه وحمل ذكره ثانياً على أنه تشه وهوى لقوله بعده هاتوا برهانكم، أو الأوّل إحضار للشركاء تبكيتاً عليهم لعدم صلوحهم لما نسب لهم لقوله بعده، وقيل ادعوا شركاءكم فدعوهم، وهذا تحسير لأنهم لم يكونوا في شيء من إيجادهم
لقوله وضل عنهم ما كانوا يفترون كما في الكشف. قوله :( وهو نبيهم الخ ) ولا يضرّ كون الشهيد في موقف آخر غير الأنبياء، وهم أمّة محمد أو الملائكة لقوله :﴿ وَجِيءَ بِالنَّبِيِّينَ وَالشُّهَدَاء ﴾ [ سورة الزمر، الآية : ٦٩ ] فإنه دال على مغايرة الشهداء للأنبياء عليهم الصلاة والسلام لكن المواقف متعددة فلا يرد ما ذكر على المصنف مع أنّ الدلالة على المغايرة غير مسلمة، ولو سلمت فشهادة الأنبياء لا تنافي شهادة غيرهم معهم لكن الحق الأوّل لأنّ قوله من كل أمّة، وافراد شهيداً صريح فيه، وقوله غاب عنهم غيبة الضائع إشارة إلى أن ضل بمعنى ضاع، وهو مستعار هنا للغيبة. قوله :( كان ابن عمه يصهر ) بياء تحتية مفتوحة وصاد مهملة ساكنة وهاء مضمومة، وقاهث بقاف وهاء مفتوحة وثاء مثلثة، وفي بعض النسخ قاهاث بألفين ولاوى مقصور هو ابن يعقوب، وقاهث هو أبو عمران كما في التواريخ فكونه ابن عمه على هذه الرواية ظاهر، وفي رواية أخرى ذكرها المصنف في آلى عمران أنّ موسى ابن عمران بن يصهر بن قاهث الخ فيصهر جذه لا عمه، وهي رواية أخرى في نسبه كما صرّح به في المعالم فلا مخالفة بين كلامي المصنف. قوله :( فطلب الفضل الخ ) أصل معنى بغى طلب ويختلف معناه باختلاف متعلقه فإمّا أن يكون المطلوب العلو والتحكم، وهو المعنى الأوّل وتعديته بعلى كالفضل والعلو أو هو بمعنى تكبر وتعذيه بذلك أيضا أو هو بمعنى الظلم أو الحسد لما فيه من طلب ما ليس حقه، وطلب زوال نعمة المحسود والفاء إمّا فصيحة أي ضل فبغى أو على ظاهرها لأنّ القرابة تدعو إلى الحسد ونحوه، وقوله وذلك أي طلبه الفضل أوالتكبر أو الظلم والحبورة بضم الحاء المهملة والباء الموحدة مصدر حبر الرجل إذا صار حبرا أي إماما مقتدى، وضمير عليهم للقوم وعلى الرواية الأخيرة لموسى وهرون أو للقوم أيضا، وقوله الأموال المدخرة فهو مجاز بجعل المدّخر كالمدفون إن كان الكنز مخصوصاً يه. قوله :( مفاتيح صناديقه ) فهو على تقدير مضاف، أو الإضافة لأدنى ملابسة وكونه بالكسر على قياس اسم الآلة ومرّض كونه بمعنى الخزائن لأنه غير معروف، وقوله وقياسه المفتح أي بفتح الميم لأنه اسم مكان، وقوله صلة ما وما نقل عن الكوفيين من أنّ الجملة المصدرة بأن لا تكون صلة
للموصول خطأ قبيح لوقوعه في هذه الآية كما قاله الأخفش فإن كان