ج٧ص٩٣
الأول أن الصلاج ضد الفساد، وهو جام لكل خير وله مراتب غير متناهية فالمراد بالصالحين الكاملين في الصلاج، ومرتبة الكمال فيه مرتبة عليا، ولذا تمناها الأنبياء عليهم الصلاة والسلام كقول سليمان ﷺ :﴿ وَأَدْخِلْنِي بِرَحْمَتِكَ فِي عِبَادِكَ الصَّالِحِينَ ﴾ [ سورة النمل، الآية : ١٩ ] والمراد بالتمني هنا الطلب، والثاني أنه بتقدير مضاف أي مدخل الصالحين، وموضع دخولهم هو الجنة فهو كقوله تعالى :﴿ أُوْلَئِكَ الَّذِينَ أَنْعَمَ اللَّهُ عَلَيْهِم ﴾ وفي في قوله في الله للسببية أو المراد في سبيل الله وعلى في قوله على الإيمان تعليلية. قوله :( في الصرف ) أي التحويل والمنع أي في شأن الصرف وأمره أو بسببه، وكذا قوله في الصرف عن الكفر وذكر الغنيمة لأنها لازمة للنصر ولأنها الباعثة على قولهم إنا كنا معكم، وقوله في الدين إشارة إلى أنه المراد لا الصحبة في
القتال لأنها غير واقعة، وقوله والمراد المنافقون يقتضي أنّ هذه الآية مدنية لأنّ النفاق ظهر بالمدينة، وأمّا تعذيب الكفرة فلا يقتضيه كما لا ينافيه، ولذا قيل إنه قبل الوقوع وعلى طريق الفرض!. قوله :( أو قوم ضعف للمانهم ( وفي نسخة ضعيف إيمانهم، وارتدادهم بعد غيبة المؤمنين حتى إعتذروا لهم بالإكراه، وقوله ويؤيد الأوّل للتصريح بالنفاق فيها، وتقدير أو ليس الله أيخفى حالهم وليس اللّه الخ أو أليس حالهم ظاهر لمن له فراسة أو لا تقدير فيها، وأعلم على أصله أو بمعنى عالم وفي تلوين الخطاب في الذين آمنوا والمنافقين معنى لرعاية الفواصل، واطلاق العلم على المجازاة مرّ تحقيقه، وقوله في ديننا متعلق بنسلكه أو بقوله سبيلنا فالمراد بالسبيل دينهم، وقوله إن كان ذلك أي اتباع السبيل، وقوله أو إن كان بعث يعني بإبقاء الخطيئة على ظاهرها وعمومها بخلافه على الأوّل، ولذا عطفه بأو وقوله على أمرهم أي أمر المؤمنين. قوله :( مبالغة في تعليق الحمل الخ ) يعني أنّ أصل الكلام اتبعونا أو إن تتبعونا نحمل خطاياكم فعدل عنه إلى ما ذكر مما هو خلاف الظاهر من أمرهم لأنفسهم بالحمل وعطفه على أمر المخاطبين للإشارة إلى أنّ الحمل لتحققه كأنه أمر واجب أمروا به من آمر مطاع، والتعلق على الشرط الذي تضمنه الأمر كما في قولهم أكرمني أنفعك لا يفيد ذلك فقوله أمرهم مضاف للفاعل أو المفعول، وقوله والوعد بالجرّ عطف على تعليق أو هو مرفوع خبره ثمة بمعنى هناك، وكان في قوله إن كانت تامّة أي وجدت والضمير للأوزار، وتشجيعا أي حملا على الشجاعة والإقدام على الاتباع مفعول له تعليل لقوله مبالغة الخ لا لقوله أمروا أنفسهم أو للوعد، وقوله وبهذا الاعتبار أي اعتبار كونه تعليقا ووعداً لأنه في المآل خبر، ولو كان أمراً لم يحتمل الكذب لأنه لا يجري في الإنشاء والشرطية جملة خبرية، والتكذيب راجع إلى الجواب إذ الشرط قيد له عند أهل العربية والكلام المقيد هو الجزاء، وعند أهل المعقول الكلام مجموع الشرط والجزاء والتصديق والتكذيب يرجع إلى التعليق، وقيل إنّ قوله تعليق الحمل إشارة إليه ولا يخفى ما فيه من التكلف على أنّ ما هو مؤوّل بالشرط ليس حكمه حكم الشرط الصريح فتأمّل. قوله :( وما هم بحاملين شيئاً الخ ) فيه إشارة إلى أنّ البيان فيه مقدّم من تأخير، وإن من في من شيء مزيد لتأكيد الاستغراق، ودفع لما قيل إنّ من ضمن شيئا ولم يف به لم يكن كاذباً
لأنه إخبار عن فعل ذلك إذ لا تقع الكفالة في الأوزار. قوله :( وأثقالاً أخر معها ( هي أوزار التسبب لأنّ " من سن سنة سيئة عليه وزرها ووزر من عمل بها " وما في لما تسببوا مصدرية وهو دفع لما يتوهم من أنه يعارض قوله ولا تزر وازرة وزر أخرى، وفي نسخة إليها أي مضمومة إليها، وقوله من غير أن ينقص الخ دفع لما يتراءى أيضا من معارضة هذا لقوله :﴿ وَمَا هُم بِحَامِلِينَ مِنْ خَطَايَاهُم ﴾ لأنّ المنفي الحمل بازالة أثقالها عن أصحابها وهذا حمل لمثلها في الحقيقة. قوله :( سؤال تقريع ) دفع لمعارضة هذا للآيات التي نفى فيها السؤال كما مرّ، وقوله من الأباطيل التي من جملتها هذا الوعد، وقوله بعد المبعث ظرف للبث، وهذا هو المتبادر من الفاء التعقيبية، وقد قيل إنه جميع عمره، وقوله ولعل اختيار الخ أي لم يقل تسعمائة وخمسين وكمال العدد بمعنى كونه متعيناً نصا دون تجوّز وإن صرّح أهل الأصول بأنّ العدد مطلقا نص، لا يحتمل زبادة ونقصا وللشافعية خلاف فيه لكن الاحتياط، ودفع التوهم لا ينافيه مع أن هذا أخصر وأعذب وقوله من تخييل طول المدة عبر بالتخييل لأنه في أوّل قرعه للسمع، وبعد الاستثناء لا يبقى احتمال وقوله فإنّ


الصفحة التالية
Icon