ج٨ص١١٥
لأنّ الذي يوصف ويوصف به، وإذا نصب على المدح فهو بتقدير أعني أو أمدح، ويجوز كونه عطف بيان أو بدلاً لجعل إحسان العمل بدون اجتناب المنهيات في حكم العدم المطروج، ومن غفل عنه قال إنه لا حسن فيه، وقوله : خبر محذوت لم يقل فيه على المدح كالذي قبله لا لاحتمال كونه استئنافاً لتعينه بل للتفنن في العبارة.
قوله :( ولعله عقب به الخ ( أي ذكر قوله :﴿ إِنَّ رَبَّكَ وَاسِعُ الْمَغْفِرَةِ ﴾ بعد الوعد والوعيد
لما ذكر وهو رد على المعتزلة في قولهم : بعدم غفران الكبيرة من غير توبة ووجوب عقاب المسيء على الله بناء على الأصلح، والكلام عليه مفصل في كتب الكلام، وقوله : منكم قدره لما فيه من المبالغة البليغة، ولو قدره من كل أحد كان جائزا أيضا. قوله :( علم أحوالكم الخ ( ﴿ خَلَقَكُم مِّن تُرَابٍ ﴾ [ سورة الروم، الآية : ٢٠، تفسير لقوله : من الأرض كما أنّ قوله :﴿ يُصَوِّرُكُمْ فِي الأَرْحَامِ ﴾ معنى قوله : أجنة الخ وقوله : فلا تثنوا الخ فالمراد به الثناء وأصله من الزكاء بمعنى الزيادة أو الطهارة وهذا إذا قصد التمذح والرياء فإن ذكرت لغير ذلك فلا ولذا قيل المسرّة بالطاعة طاعة، وذكرها شكر لقوله :﴿ وَأَمَّا بِنِعْمَةِ رَبِّكَ فَحَدِّثْ ﴾ [ سورة الضحى، الآية : ا ا ] وقوله : الحافر اسم فاعل بمعنى من يحفر البئر بدليل فوله : فترك الحفر. قوله :( ئزلت في الوليد ) ذكره الواحدي في أسباب النزول، ولم أر له تخريجا في غيره والمراد بالأشياخ
رؤساء الكفار، وقوله : بخل بالباقي ليس الذم فيه بالبخل فقط كما توهم لأن توليه عن الحق بالردة واعتقاده تحمل الغير لأوزاره واعطاءه في مقابلته ما أعطى ثم رجوعه المتضمن لبخله، وكذبه كله قبيح مذموم، والفاء في قوله : فهو يرى للتسبب عما قبله، وقوله : أتمّ الخ تفسير لقوله : وفر من التوفير، وهو التكثير فتكثيره لفعله، وأمر الغير به أو لمبالغته في كيفيته. قوله :( وتخصيصه ) أي إبراهيم بذلك أي بالوصف بالوفاء بما التزمه، ونمروذ من الجبابرة معروف، وقصته مع الخليل عليه الصلاة والسلام مشهورة، وقوله : أمّا إليك فلا لأنه كان عاهد اللّه أن لا يسأل غيره فقال : فادع الله قال : حسبي من سؤالي علمي بحالي وذبح الولد أي عزمه على ذبحه إذ لم يقع الذبح كما هو مشهور، وقوله : فإن وافقه أي إن وجده فوافقه على الذهاب معه، وليس وافقه بمعنى وجده كما قيل، وقوله : أكبر وقع في نسخة أكثر بالمثلثة، وقوله : مخففة من الثقيلة واسمها ضمير شأن مقدر، ولا تزر خبرها، وقوله : كأنه الخ يعني أنه استئناف بياني في جواب سؤال مقدر. قوله :( ولا يخالف ذلك قوله الخ ( فإنّ هذه الآية تدل على أن أحدا لا يعاقب بوزر غيره مع أنّ الآية الأخرى تدل على أنّ القاتل لنفس عليه وزر من قتل بعده، والحديث يدل على أنّ من سن سنة سيئة عذب بوزر من عمل بها بعده، وكل ذلك وزر غيره فتتعارض هذه الآية، والآية الأخرى، والحديث هكذا يقرّر الإشكال، وأشار إلى الجواب عنه بقوله : فإنّ ذلك للدلالة الخ يعني أن ما عذب عليه ليس هو وزر غيره بل وزر عمله نفسه، وهو دلالته، وتسببه الذي هو صفة قائمة به لا عمل غيره، وهكذا يوفق بين ما ذكر
وقوله :﴿ وَأَن لَّيْسَ لِلْإِنسَانِ إِلَّا مَا سَعَى ﴾ [ سورة النجم، الآية : ٣٩ ]. قوله تعالى :( ﴿ وَأَن لَّيْسَ لِلْإِنسَانِ إِلَّا مَا سَعَى ﴾ الخ ) قد اختلف في تفسير هذه الآية على أقوال فعن ابن عباص رضي الله عنهما أنها منسوخة لقوله : ألحقنا بهم ذرياتهم كدخولهم الجنة بعمل آبائهم وقال عكرمة إنها في غير أمة محمد جميه، كقوم موسى عليه الصلاة والسلام، وقيل : إنها في الكفار لانتفاع المؤمنين بسعي غيرهم، وعن الحسن أنه من طريق العدل لا من طريق الفضل، وقيل : اللام بمعنى على أي ليس عليه غير سعيه وفيه نظر، وقد قدمنا قبل ما يفيد الجواب أيضاً. قوله :( إلا سعيه ) إشارة إلى أنّ ما مصدرية ولو جعلت موصولة صح، ويرى في قوله : سوف يرى بصرية أو علمية مفعولها مقدر أي حاضرا ونحوه، وقوله : كما لا يؤاخذ الخ إشارة إلى أنّ السعي مراد به الخير فيكون تتميماً لما قبله لا عام للتأكيد. قوله :( وما جاء في الأخبار الخ ) جواب عما قيل من أنّ الحج عن الميت، والصدقة عنه تنفعانه، وليس ذلك من سعيه فكيف التوفيق بينه، وبين الحصر الذي في هذه الآية بأنّ الغير لما نواه له صار بمنزلة الوكيل عنه القائم مقامه شرعاً فكأنه بسعيه، وهذا لا يتأتى إلا بطريق عموم المجاز عندنا أو جواز الجمع بين الحقيقة، والمجاز عند المصنف كما لا يخفى، وقد أجيب أيضاً بأنّ سعي غيره لما لم ينفعه إلا مبنياً على سعي نفسه من الإيمان، والعمل الصالح فكأنه سعيه، وفيه نظر، وكذا تضعيف الثواب كما في الكشاف


الصفحة التالية
Icon