ج٨ص١٣٤
الثاني فلذا أبقاه على ظاهره، وهو الذي ارتضاه الطيبي. قوله :( في ذواتهم ا لاستناد وجودهم إليه تعالى بدأ وبقاء، وقوله : نطقاً كان أي ما يدل على الحاجة، وقوله : كل وقت الخ. قيل عليه إنه بحسب الظاهر مخالف لما مرّ في تفسير قوله :﴿ وَمَا أَمْرُنَا إِلَّا وَاحِدَةٌ ﴾ [ سورة القمر، الآية ت ٥٠ ] لاقتضائه عدم التدريج ولذا قيل جف القلم فالتوفيق بينهما أنّ الأوّل باعتبار تقديره في الأزل وهذا باعتبار تعلق الإرادة باحداثه في وقته المعين له كما قيل إنها شؤون يبديها لا شؤون يبتديها وهذا معنى قوله : يحدث الخ. قوله :( وفي الحديث الخ ) رواه ابن ماجه وابن حبان وغيرهما عن أبي الدرداء رضي الله عنه، وقوله : وهو
ردّ لقول اليهود الضمير لما في الآية من قوله : كل يوم وما في الحديث تفسير لها، ولذا قيل : إنّ الآية نزلت في اليهود، وقوله : مما يعسف تفسير للآلاء كما مرّ، ومكمن العدم محل كونه أي اختفاؤه، وهو استعارة حسنة، وفيه إشارة لما قدمه. قوله :) ستتجرّد لحسابكم وجزائكم الخ ( التجرّد بمعنى الفراغ، ويقال : تجرّد للأمر إذا جد فيه لأنّ الجد في الأمر يلزمه ترك ما عداه وليس المراد أنه مجاز مرسل لاستعمال الفراغ في لازمه، وهو التجزد كما توهم فإنّ التجرّد كالفراغ في أت تعالى لا يوصف به بل المراد أنه جعل انتهاء الشؤون إلى شأن واحد وهو جزاء المكلفين فراغا على سبيل التمثيل لأنّ من ترك أشغاله إلى شغل واحد يقال : فرغ له، واليه فشبه حال هؤلاء وأخذ. تعالى في جزائهم فحسب بحال من فرغ له، وجازت الاستعارة التصريحية أيضا لاشتراك الأخذ في الجزاء فقط والفراغ من جميع المهام إلى واحد في أنّ المعنيّ به ذلك الواحد كما في المفتاح كذا في شرح الكشاف، وذلك إشارة إلى التجوّد لهما أو لهما باعتبار ما ذكر، وكذا ضمير غيره أو هو للجزاء فإنه المقصود. قوله :( وقيل تهديد الخ ( لما كان الفراغ يفتضي لغة سابقية عمل، والفراغ للشيء يقتضي لاحقيته أيضاً استعمل الثاني للتهديد كأنه فرغ عن كل شيء لأجله فلا شغل له سواه فيدل على التوفر في النكاية، وهو كناية فيمن يصح عليه، ومجاز في غيره. كما فهما نحن فيه وليس الخطاب للمجرمين على هذا لأنّ توله : أيها الثقلان يأباه نعم المقصود يالتهديد هم، ولا مانع من تهديد الجميع أيضاً، وقوله : فإنّ المتجرّد الخ بيان لكون القول المذكور يدل على التهديد كما بيناه. قوله :( أي سنقصد إليكم ) يعني أنه ضمن معنى القصد أو حمل عليه إذ هو يتعدى بإلى بخلاف الفراغ فإنه لا يتعدى بها، وأمّا القراءة المشهورة فلا تحتاج لهذا كما توهم، وإن كان الفراغ على ضربين فراغ عن شغل، وقصد لشيء فتأمل. قوله :( سميا " لك لثقلهما على الأرضر الخ ( لم يجعله من ثقل الدابة، وهو ما يحمل عليها على طريق الاستعارة لأنه لا حاجة إليه فالقول بأنه أولى لا وجه له، ورزانة الرأي، والقدر مجاز كثقل اقكليس، وقريب منه قول الحسن سميا ثقلين لثقلهما بالذنوب، والثقل يقال : لكل ذي قدر وزنة صما يتنافس فيه، ومنه الحديث ( إني تارك فيكم الثقلين كتاب اللّه وعترتي ). قوله :( إن قدرتم
الخ ) أصل الاستطاعة طلب طواعية الفعل، وتأتيه ثم جعل نفيه بمعنى نفي الإرادة، والقدرة فلذا فسره بما ذكر، ثم إنه تعالى لما ذكر أنه لا محالة مجاز للعباد عقبه بقوله : إن اسنطعتم الخ. لبيان أنهم لا يقدرون على الخلاص من جزائه، وعقابه إذا أراده فما قيل إنه غير مناسب لما قبله وما بعده مكابرة. قوله :" ن قدرقم أن تنفذوا الخ ) فالمراد بالنفوذ دخولهم في السماء بعد الصعود لها أو في الأرض، وقوله : ببينة تفسير للسلطان فإنه يكون بمعنى الحجة كما يكون بمعنى القوّة والقهر، وفي العروج على البينة استعارة مكنية، وتخييلية لتشبيهها بالسلم. قوله :( أي من التنبيه والتحذير الخ ) مبني على الوجه الأوّل وكون السلطان بمعنى القوّة، وقوله : مما نصب الخ على الثاني، وأنّ السلطان الحجة، وجعل الأدلة العقلية مصاعد لما فيها من العلو، والنقلية معارج تفننا، واشارة لسهولتها. قوله :( ودخان الخ ) ولما كان المعروف فيه المعنى الآتي بما ذكره، والبيت للأعثى من قصيدة، والسليط الزيت، وما يوقد به المصابيح، وقيل : ومنه السلطان لتنوير الوجود بعدله، وضمير فيه للضوء، ويجوز رجوعه للسراح، والأوّل أولى، وقوله : مذاب أخذه من قوله : يرسل بمعنى يصب، والا فمعناه الصفر مطلقاً، وفسر الشواظ باللهب مطلقاً، وقيل : إنه اللهب الذي معه دخان، وقيل : الصافي منه الأحمر، وجملة يرسل الخ مستأنفة في جواب سؤال مقدر عن الداعي للفرار أو عما يصيبهم ومن في قوله : من نار ابتدائية لا بيانية حتى يلزم كون الشواظ في قراءة الجرّ مفسراً باللهب، والدخان