ج٨ص١٤٦
إذا كانت الصفات ففيه لف، ونشر مرتب. قوله :) أنّ من قدر عليها ) أي على النشأة الثانية بالإعادة هو الذي قدر على النشأة الأولى، وهذه أهون بالنسبة إليكم لما ذكره، وربما يتوهم أنه كان الظاهر في عبارته العكس، وهو من سوء الفهم، وقوله : وفيه دليل على صحة القياس لوقوعه هنا، وارشاد الخلق بالدلالة على صحة الإعادة لصحة الإبداء. قوله :( تبذرون حبه ) في عبارته تسامح ومعنى الحرث ما قاله الراغب من أنه تهيئة الأرض للزراعة، وإلقاء البذر، ولذا قال في الكشاف تبذرون حبه، وتعملون في أرضه فليس حق التعبير فيه ما تبذرونه من الدبئ كما قيل، وقوله : تنبتونه فالزرع إنبات ما ألقي من البذر، ولا يقدر عليه إلا الله ولذا ورد في الحديث :" لا يقولن أحدكم زرعت
وليقل حرثت " كما رواه ابن حبان عن أبي هريرة رضي الله عنه وقال القرطبيّ : إنه يستحب للزارع أن يقول بعد الاستعاذة، وتلاوة هذه الآية الله الزارع، والمنبت والمبلغ اللهم صل على محمد وارزقنا ثمره، وجنبنا ضرره واجعلنا لأنعمك من الشاكرين قيل، وقد جرب هذا الدعاء لدفع آفات الزرع كلها، وانتاجه. قوله :) هشيماً ) أي متكسراً لشدة يبسه، وقوله : تعجبون من هلاكه أو يبسه بعد خضرته، وقوله : على اجتهادكم فيه الذي ضاع وخسر، والتنقل من النقل بالفتح والضم، وهو أكل الفواكه، ونحوها وأصله كان الأكل مع الشراب وقد يعم، وقوله : فتتحدثون فيه، والحديث ما مرّ بعد هلاكه لما غلب في الندم أو التعجب منه كني به عن التعجب والندم، وقيل : التفعل فيه للسلب كتأثم وتحنث كما مرّ أي يلقون الفكاهة عنهم. قوله تعالى :( ﴿ إِنَّا لَمُغْرَمُونَ ﴾ ) قرئ بالاستفهام، والتحقيق وعليهما هو مقول قول مقدّر هو حال أي قائلين أو يقولون إنا الخ والمغرم هنا الذي ألزم الغرامة أو مهلكون بالمعاصي أو بهلاك رزقهم من الغرام بمعنى الهلاك قال :
أن يعذب يكن غراما وإن ي!!ط جزيلاً فإنه لا يبالي
واليه أشار المصنف بقوله : من الغرام أي بمعنى الهلاك. قوله :) حرمنا رزقنا ) هذا إن
كان ما قبله من الغرامة فالمعنى إنا ملزمون غرامته بنقص أرزاقنا بل نحن محرومون الرزق بالكلية، وقوله : أو محدودون بالمهملة من الحدّ بمعنى المنع، ومجدودون بالجيم من الجد، وهو البخت، وهو ناظر إلى الثاني فالمعنى لما قال إنهم هالكون بهلاك رزقهم قال : بل هذا أمر قدر علينا لنحوسة طالعنا، وعدم بختنا ففيه شبه لف، ونشر. قوله :( والرؤية إن كانت بمعنى العلم الخ ) فالجملة الاستفهامية في محل المفعول الثاني، وإن كانت بصرية فهي مستأنفة لا
محل لها، وفي تسمية مثل هذا تعليقاً شيء لأنّ المفعول الثاني في باب العلم يكون جملة في محل نصب، ولو لم يكن استفهام وأنما يكون تعليقا، وهو إبطال العمل لفظاً لا محلا لو دخلت على المفعولين والظاهر أنّ التعليق المعدى بالباء بمعنى العمل، وليس هو المصطلح عليه فإنه يعدّى بعن كما سيأتي في سورة تبارك. قوله :( ملحاً ) أي مالحاً، والأجيج تلهب النار فعليه يكون كل ما يلذع الفم أجاجاً فيشمل المالح والمرّ والحار لكن المراد الملح هنا بقرينة المقام ولو أريد الأعمّ صح أيضاً. قوله :( الفاصلة بين جواب ما يتمحض ) كان الثرطية، والمراد بما يتضمن معناه هنا لو، وفي عبارته تسمح لأنها لا تدخل كل ما تضمن معناه كمن، وما كما لا يخفى، وعلم السامع بمكانه، والاكتفاء يقتضي تقديره، وما بعده يقتضي خلافه، وما يقصد لذاته الماكول لأنّ المشروب إنما تطلبه الطبيعة ليسهل طبخ الطعام، ويعدل الحرارة، ونحو ذلك مما قصد لغيره، وفي المثل السائر أنّ اللام أدخلت في المطعوم دون المشروب لأنّ جعل الماء العذب ملحاً أسهل مكاناً في العرف، والعادة والموجود من الماء الملح أكثر من الماء العذب، وكثيرا ما إذا جرت المياه العذبة على الأراضي المتغيرة التربة أحالتها إلى الملوحة فلم يحتج في جعل الماء العذب ملحاً إلى زيادة تأكيد فلذا لم تدخل لام التأكيد المفيدة لزيادة التحقيق، وأمّا المطعوم فإنّ جعله حطاما من الأشياء الخارجة عن المعتاد، وإذا وقع يكون عن سخط شديد فلذا قرن باللام لتقرير إيجاده، وتحقيق أمره انتهى. قوله :( لمزيد التثيد ) كونها للتأكيد لا ينافي كونها فاصلة فإنّ الفصل ليس المعنى الموضوع له، ولا تمانع بينهما، وهما لا ينفكان كنها، ويعلم من توجيه ذكرها أو لا وجه حذفها ثانياً، وقوله : مزيد الخ أقحم المزيد لأنّ التأكيد