ج٨ص١٥٩
الوجه، دماشارة إلى تعلقه بالشهداء على هذا، وقوله : الذين استشهدوا معطوف على الأنبياء، ولما أبقاه في الأوّل على ظاهره لزم أنه تشبيه بليغ إذ ليس بمجرّد الإيمان ينال درجة الصديقين، والشهداء، ولذا أوّله على الثاني فافهم فإنّ بعضهم لم يقف على مراده فقال ما قال، وفيه الجمع بين معنيي المشترك على الأخير. قوله :( مثل أجر الصدّيقين الخ ) هذا على الوجه الأوّل، وأنّ ما قبله من التشبيه البليغ،
وقوله : ولكن من غير تضعيف الخ. دفع لما يقال إنه كيف يتوهم ما ذكر مع التفاوت الكثير بأنّ المراد مساواة أجر هؤلاء مع أضعافه لأجر أولئك بدون الأضعاف فيندفع المحذور كما أشار إليه بقوله : ليحصل التفاوت، وقوله : أو الأجر الخ فالضمائر كلها للذين آمنوا، وعلى ما قبله الضميران هنا للشهداء والصديقين، وما قبلهما للذين آمنوا وإذا لم يكن في تفكيك الضمائر لبس جاز، وفيه نظر وأنما أوّله بأنّ المراد به الموعودان ليفيد الأخبار إذ بعد الإضافة لا فائدة في قوله لهم، ونظيره ما في قوله : ومن خواصه الإسناد إليه. قوله :( فيه دليل الخ ا لا حاجة إلى الاستدلال بهذا مع صريح آيات كثيرة فيما ذكره، ووجه إشعار التركيب بالاختصاص على ما مرّ في أولئك على هدى من ربهم مع ما في اسم الإشارة المتوسط مع تعريف الطرفين، وأنّ استحقاقهم لذاك بما تميزوا به من الكفر والكذب الذي صار بمنزلة المحسوس فيهم، وقوله : والصحبة الخ يشير إلى أنّ معنى الخلود مستفاد من الصحبة العرفية، وقد عرفت أنه لا حاجة إليه. قوله :( حقر أمور الدنيا ( ليس المراد أنّ فيه مضافا قبل الحياة الدنيا بل إنّ الحياة الدنيا عبارة عما فيها من الأمور، وقوله : أعني وفي نسخة، وهي والمراد به تخصيص المحقر منها فإن ما يوصل منها للنور المذكور لا يخفى ودخل فيه المباج، وقوله : بأن متعلق بحقر، وقوله : أمور خيالية الخ من قوله لهو، ولعب فإنّ مثله مما يتلهى به، وتشتغل بمثله الصبيان كذلك وقوله، ثم قرر عطف على قوله حقر الخ والعدد بفتح العين الكثرة، والعدد بضمها جمع عذة، وهو ما يعد ويذخر ونحوه. قوله :( وهو تمثيل الخ ) أي قوله : كمثل الخ تمثيل للحياة الدنيا، وقوله : في سرعة تقضيها السرعة مأخوذة من تشبيه جميع ما فيها من السنين الكثيرة بمدة نبت غيث وأحد فإنه في أقل من سنة فلا وجه لما قيل الأولى طرج السرعة فإن ثم لا تناسبه. قوله :( أعجب به الحراث ) جمع حارث ككافر، وكفار وهو تفسير للكفار بالحراث لأنه يقال للحارث كافر بمعنى ساتر لستره ما بذره في الأرض، وأنما فسره به لأن التخصيص بالكفار لا وجه له
بحسب الظاهر. قوله :( أو الكافرون الخ ) بإبقاء الكفار على ظاهره وتخصيصهم بالإعجاب لأنهم لقصور نظرهم على هذه الدار يعجبهم ما فيها، ولا ينظرون لغيرها، والمؤمن لا ينظر إليه لعلمه بفنائه فإذا نظر إليه أعجب بقدرة موجده، ولذا قال أبو نواس في النرجس :
عيون من لجين شاهدات بأنّ الله ليس له شريك
والفرق بين الوجهين أن في الأوّل إثبات الإعجاب للمؤمن بخلاف الثاني، وليس المراد بالمؤمن الكامل حتى تختل المقابلة إذ المراد أنه من شأنه ذلك، وإن غفل بعضهم عنه أحياناً فتأمل، والحطام ما يبس وتكسر وتفسير هاج بيب! فيه تسمح، وكذا قول الراغب : إنه بمعنى اصفر فانّ حقيقته أنه يتحرّك إلى أقصى ما يتأتى له وقوله، ثم عظم معطوف على قوله : حقر أوّلاً. قوله :( تنفيرا عن الانهماك الخ ) كان ينبغي تأخيره إلى قوله ثم أكد الخ عن قوله :﴿ وَمَغْفِرَةٌ مِّنَ اللَّهِ وَرِضْوَانٌ ﴾ فإنّ المفيد للحث، والتأكيد إنما هو قوله :﴿ وَمَا الْحَيَاةُ الدُّنْيَا ﴾ الخ حتى قيل : إنه من الناسخ وقد يقال : إن ما ذكره يعلم مما ذكر دلالة والتزاما وما بعده مؤكد لمنطوقه ومفهومه فتدبر ثم إنه قابل العذاب والشدّة بالمغفرة والرضوان أو قابل العذاب الشديد بشيئين إشارة إلى غلبة الرحمة وأنه من باب لن يغلب عسر يسرين. قوله :( لمن أقبل الخ ) تفسير لمجموعه أو الإقبال تفسير للمتاع، وعدم طلب الآخرة بها للغرور، والمضمار موضع طراد الخيل، وهو المراد وقد يطلق على غايته وأصله مكان تضمر فيه الخيل، وقوله : مسارعة المسابقين إشارة إلى أنه استعارة، ويجوز أن يكون مجازاً مرسلاً مستعملاً في لازم معناه، وأنما لزم ذلك لأنّ اللازم أن يبادر من يعمل ما يدخله الجنة لا أن يعمله أو يدخلها سابقا على آخر، وقوله : موجباتها بناء على وعد من لا يخلف الميعاد، والا فلا إيجاب عندنا


الصفحة التالية
Icon