ج٨ص١٧٠
تعريضا بالمنافقين إذ مثله لا يصدر عن المؤمنين، ولذا قدّم الزمخشري كونه خطاباً للمنافقين، وسماهم مؤمنين باعتبار ظاهر أحوالهم فلا وجه لترجيح مسلك المصنف، وقراءة تنتجوا تقدم معناها، وحمل التقوى على
اتقاء معصية الرسول بقرينة ما سبق، وقوله : فيما تأتون الخ متعلق باتقوا.
قوله :( أي النجوى بالإثم ) فالتعريف فيها للعهد كما وقع في بعض النسخ هنا، واللام للعهد، والقرينة عليه ما بعده فلا ينافي كون النجوى تكون في الخير، وقوله : وتناجوا بالبر والتقوى قبله، وقوله : فإنه المزين الخ أي المزين لهذه النجوى المخصوصة بالشر. قوله :( بتوهمهم ( متعلق بيحزن أي حزن المؤمنين بما يتوهمون من تناجي اليهوديين، والمنافقين وتغامزهم من أنه وقع بإخوانهم المؤمنين أمر كالهزيمة، والقتل أو متعلق قوله : بتوهمهم مقدر أي توهمهم لأمر عظيم نزل بالمسلمين لأن النجوى كانت في نكبة نزلت بالمسلمين، وأمر حل بهم كما في الكشاف كانوا يوهمون المؤمنين في نجواهم، وتغامزهم أنّ غزاتهم قتلوا، وأنّ أقاربهم قتلوا، وفي عبارة المصنف قصور مّا، ولذا قيل : لو أسقط اللام كان أحسن فإنّ القصور إنما جاء من زيادتها، وما قيل إنها دعامة زائدة وفهم القصور من قصور الفهم من التعصب البارد. قوله :( أو التناجي ) بصيغة المصدر، وفي نسخة المتناجي والأولى أولى، وفي الكشاف تجويز أن يرجع الضمير للحزن، ولا غبار عليه لاً نه إذا قيل إنّ هذا الحزن لا يضرهم اندفع حزنهم فلا ينافي أنّ المقصود إزالة الحزن كما توهم، وقوله : إلا بمشيئته تقدم بيانه فتذكره. قوله :( افسح عني أي تنح ) فالتفسح في المجلس تنحي الناس بعضهم عن بعض توسعة له، وهو ظاهر وارتباطه بما قبله لأنه لما نهى عن التناجي، والسرار علم منه الجلوس مع الملا فذكر آدابه بعده وقوله، والمراد الخ فيكون مطلقا شاملاً لكل مجلس فتعريفه للجنس أو المراد به مجلسه ﷺ فتعريفه للعهد فجمعه لتعدده باعتبار من يجلس معه فإنّ لكل أحد منهم مجلساً وقوله : يتضافون بالتشديد أي يتلاصقون وبه بمعنى فيه، والضمير للمجلس أو للرسول فالباء سببية. قوله :( فيما تريدون ( متعلق بيفسح اللّه لكم والفسح في الرزق تكثيره، وفي الصدر إزالة ما يحصل به الغم، وضيق الصدر كناية عنه وغيرها كالقبر، وقوله : ارتفعوا في المجال!
أي اجلسوا في صدورها، وأعلاها فليس عن المجلس بأولى منه لأنه إنما يكون أولى إذا أريد محل جلوسه بخصوصه أما لو قصد مجموع النادي ففي أولى، وقوله : بضم الشين، وغيرهم قرأ. بالكسر وهما لغتان فيه، وقوله : وايوائهم غرف الجنان فالرفعة فيه حسية وفيما فبله معنوية، والجمع بينهما من عموم المجاز أو الجمع بين الحقيقة، والمجاز وهو جائز عنده قال الواحدي سبب نزول هذه الآية أنه ى!ر كان في الصفة يوم الجمعة فجاء ناس من أهل بدر، وكان يكرمهم وقد سبقوا فقاموا حيال النبيئ ﷺ على أرجلهم ينتظرون أن يوسع لهم فلم يفسحوا لهم فشق ذلك عليه ﷺ فقال لبعض من حوله :" قم يا فلان، ويا فلان " فأقام نفرا مقدار من قدم فشق ذلك عليهم، وعرف كراهية ذلك في وجوههم، وقال المنافقون ما عدل بإقامة من أخذ مجلسه وأحب قربه لمن تأخر عن الحضور فأنزل الله هذه الآية. قوله :( ويرفع العلماء منهم خاصة ) في الانتصاف في الجزاء برفع الدرجات مناسبة للعمل المأمور به، وهو التفسح في المجالس، وترك ما تنافسوا فيه من الجلوس في أرفعها، وأقربها من النبيّ ﷺ، ثم خص أهل العلم ليسهل عليهم ترك ما عرفوا بالحرص عليه من رفعة المجالس وحبهم للتصدير، وهذا من مغيبات القرآن لما ظهر من هؤلاء في سائر الأعصار من التناف! في ذلك وفي كلامه إشارة إلى أنه من عطف الخاص على العام تعظيما له بعده كأنه جنس آخر كما في ملائكته وجبريل، ولذا أعاد الموصول في النظم، ويمكن اتحادهما فيكون من جعل تغاير الصفات بمنزلة تغاير الذات لأنّ المراد بالعلم علم ما لا بدّ منه من العقائد الحقة، والأعمال الصالحة، وتغايرهما بالذات على أنّ المراد بالمؤمنين من لم يصل لمرتبة هؤلاء، ولكل وجهة، وعلى الوجوه الثلاثة ليس فيه تقدير عامل للموصول الثاني إذ لا حاجة إليه، وقول المصنف، ويرفع العلماء الخ توضيح للمعنى لا إشارة للتقدير كما توهم، والتشبث بما روي عن ابن عباس رضي الله عنهما من ضيق العطن. قوله :( للعمل الخ ) تعليل


الصفحة التالية
Icon