ج٨ص٢٥٨
هل يشكر أم لا، وقوله : وقيل الخ، مرضه لأنه مخالف للظاهر من وجوه، ومن استعمال الاستقامة على الطريقة في الاستعمال على الكفر، وكون النعمة المذكورة استدراجا من غير قرينة عليه، وقال الطيبي إنّ التذييل بقوله : ومن يعرض الخ، يؤيد هذا وفيه نظر، وقيل : إن استعارة الاستقامة على الطريقة للكفر في غاية البعد، وقوله : لنوقعهم في الفتنة ونعذبهم إشارة إلى أنّ الفتنة على هذا بمعنى العذاب لا بمعنى الاختبار كما في الوجه الأوّل، وقوله عن عبادته فالذكر مصدر مضاف لمفعوله فتجوز به عن العبادة، وإذا فسر بالموعظة فهو بمعنى التدّكير، وهو مضاف لفاعله، وكذا إذا كان بمعنى الوحي أيضاً. قوله :( يدخله ( إشارة إلى أن سلك يتعدى إلى المفعول الثاني بفي، فعدى له بنفسه هنا لأنه ضمن معنى يدخله، كما في الكشاف، وقوله : شاقاً تفسير للمراد منه، وقوله : يعلو الخ، بيان لمعناه الحقيقي، وأن العلو تجوز به عن الغلبة، كما في قول عمر رضي الله عنه تصعدتني خطبة النكاح، أي غلبتني وشقت علي كما وضحه الزمخشري، وقوله : مصدر يعني صعدا هنا مصدر وصف به مبالغة، أو تأويلاَ كما عرف في أمثاله. قوله :( ومن جعل الخ ) هو منقول عن الخليل بن أحمد، وقوله : علة للنهي في قوله : فلا تدعو، فتقديره لا تدعوا مع الله أحدا لأنّ المساجد له على أنّ المساجد بمعناها المعروف، وقوله : فلا تعبدوا فيها غيره تقدير فيها
هنا لا بد منه ليرتبط الكلام بعضه ببعض، كما أشار إليه المصنف رحمه الله تعالى، وقوله : ألغى فائدة الفاء أي لزمه أي يجعل الفاء لغوا لأنها للسببية ومعناها مستفاد من اللام المقدرة، وكونها للإشعار بمعناها، وأنها مقدرة، أو تأكيد لها، كما قيل : لا يخلو من شيء، وقد مر فيه كلام في البقرة، وأن الفاء هنا لا يصح فيها أن تكون عاطفة، فإن جعلت جزائية على أنّ فيه شرطا مقدراً أو متوهماً، كما سيأتي في قوله : وربك فكبر، لا يلزم اللغوية التي ادعاها المصنف رحمه الله تعالى، ولذا اعترض عليه بأنها معنى الشرط، والمعنى أن الله يحب أن يوحد ولا يشرك به، فإن لم يوحدوه في سائر المواضع فلا تدعوا مع الله أحداً في المساجد لأنها مختصمة به، فالإشراك فيها أقبح القباح، فتأمّل. قوله :( وقيل المراد بالمساجد الأرض الخ ) إشارة إلى ما في الحديث الصحيح :" جعلت الآرض مسجدا وطهورا " قال القاضي عياض : إنه من خصائص هذه الأمّة لأنّ من قبلنا كانوا لا يصلون إلا في موضع تيقنوا طهارته، ونحن خصصنا بجواز الصلاة في جميع الأرض إلا ما تيقنا نجاسته، وقال القرطبي وهو المشهور في كتب الحديث إن هذا مما خص به نبينا ﷺ، وكانوا قبله إنما تباج لهم الصلاة في البغ والكنائس، وفيه أشكال مشهور، وهو أنّ عيسى عليه الصلاة والسلام كان يكثر السياحة، وغير. من الأنبياء لجهم الصلاة والسلام، كافوا يسافرون فإذا لم تجز لهم الصلاة في غير الكنائ!، لزم ترك الصلاة في كثير من الأوقات وهو بعيد، ولذا قيل المخصوص بهذه الأمة كونها مسجداً وطهوراً في التيمم واختصاص المجموع به لا يضر وقد يقال إنه مخصوص بالحضر فتدبر. قوله :( لأنه قبلة المساجد ) توجيه لإطلاق الجمع عليه بأنه لكونه قبلة لها، يعني كل قبلة متوجهة نحوه :
كإنما هو مغناطي! أنفسنا فحيثما كان دارت نحوه الصور
جعل كأنه جميع المساجد مجازاً، وظاهره أنّ المراد به الكعبة نفسها لا الحرم كله، وان
صح أيضا، وتوله : ومواضع السجود عطف على قوله : المسجد الحرام، أي قيل المراد به مواضمع السجود مطلقاً، فهو جمع مسجد بمعنى مكان السجود مطلقا، والواو فيه بمعنى أو وفي نسخة، أو بدلها وهي ظاهرة. قوله :( على أنّ المراد النهي الخ ا لو أخره لأنه صالح لها كلها كان أولى، والآراب بالمد جمع أرب وهو العضو، والسبعة القدمان والركبتان والكفان والوجه أي الجبهة والأنف، وقوله : تجمع مسجد أي بفتح الجيم وهو مصدر ميمي كما قيل وهو مبني على تعلقه بقوله، أو السجدات فقط، وليس كذلك بل هو متعلق به، وبما قبله من قوله :
مواضع السجود أيضا، فإن المساجد على كلا الاحتمالين جمع مسجد بالفتح. قوله :( فإنه واقع موقع كلامه عن نفسه ) أي أنه على جعله من الموحى إليه فالقراءة بالفتح، إذ كان أصله، وإني لما قمت فهو تعبير عن نفسه، فلذا قال عبد اللّه تواضعاً منه، وعلى القراءة الأخرى هو للإشعار فقط، وقوله : والإشعار الخ، فإنّ المقتضي للقيام للعبادة