ج٨ص٢٨
قوله :( إلا أنها تعطفه بما عطف عليه الخ ) يعني ليست الجمل المذكورة بعد الواوات متعاطفة على نسق واحد بل مجموع شهد واستكبرتم معطوف على مجموع كان وما معه، ومثله في المفردات هو الأوّل والآخر، والظاهر والباطن، والمعنى إن اجتمع كونه من عند الله مع كفركم واجتمع شهادته وايمانه مع استكباركم عن الإيمان، واستكبرتم معطوف على آمن لأنه قسيمه، والكل معطوف على الشرط ولا تكرار في استكبرتم لأنه بعد الشهادة والكفر قبلها، والحالية محتملة في الثانية أيضاً. قوله :( والشاهد هو عبد الله بن سلام ) بتخفيف اللام الصحابيّ المشهور، فتكون هذه الآية مدنية مستثناة من السورة كما ذكره الكواشي وكونه إخباراً قبل الوقوع كقوله :﴿ وَنَادَى أَصْحَابُ الأَعْرَافِ ﴾ [ سورة الأعراف، الآية : ٤٨ ] خلاف الظاهر المتبادر، ولذا قيل لم يذهب أحد إلى أنّ الآية مكية إذا فسر الشاهد بابن سلام، وفيه بحث لأنه معطوف على الشرط الذي يصير به الماضي مستقبلا فليس من قبيل ما ذكر، فلا ضير في شهادة الشاهد بعد نزولها ويكون تفسيره به بيانا للواقع لا على أنه مراد بخصوصه منها لعموم النكرة بعد
الشرط أو هو المراد والتنكير للتعظيم، وادّعا أنه لم يقل به أحد مع ذكره في شروح الكشاف لا وجه له، إلا أن يراد من السلف المفسرين وهو تحجير للواسع يحتاج إلى استقراء تامّ، وقيل الآية مكية وسبب نزولها أمر آخر، واسلام عبد اللّه بن سلام رضي الله عنه مفصل في الكشاف وهو حديث صحيح ومن الإعلام سلام مخفف، ومنها ما هو مثدد، وتفصيله في كتاب المشتبه لابن حجر، ولا حاجة إلى استقصاء الكلام فيه هنا. قوله :( من نعت الرسول ) هذا مؤيد لما مرّ من تفسيره به فكان المناسب للمصنف أن يذكره فيما مرّ فلعله أراد بنعت الرسول ما يشمل ذكر كتابه، وأنه منزل من عند الله وهو بعيد. قوله :( وهو ما في التوراة الخ ) هذا على أنّ المراد بالشاهد ابن سلام فإنه لما صدق بالنبيّ ﷺ وبما جاء به لكونه مطابقا لما علمه من التوراة كان شاهدا على مثله ويجري على إرادة موسى عليه الصلاة والسلام أيضا. وقوله :( من المعاني الخ ) بين لما أو لمثل وهو الأظهر. وقوله :( المطابقة له ) أي لمعانيه وهذا بيان لمماثلته له لاتحاد معانيهما، كالوعد والوعيد والتوحيد والإرسال وفي الكشاف على نزول مثله، وقيل : مثله كناية عن القرآن نفسه للمبالغة. وقوله :( أو مثل ذلك الخ ) جعل شهادته على أنه من عند الله شهادة على مثله أي مثل شهادة القرآن لأنه بإعجازه كانه يشهد لنفسه بأنه من عند الله، وهذا أيضا جار على الوجهين وعلى كون الآية مكية ومدنية. قوله :( لما رآه من جنس الوحي ) بفتح اللام وتشديد الميم، أو بالكسر. والتخفيف إشارة إلى أنّ الفاء للسببية وأنّ إيمانه مترتب على شهادته له بمطابقته للوحي، ويجوز أن تكون الفاء تفصيلية. وقوله :( اس!شاف ) أي بيانيّ وقوله : بأنّ كفرهم لضلالهم لأنّ هذه الجملة تعليل لما قبلها، وهو الاستكبار عن الإيمان وهو عين الكفر وتسبب عن ظلمهم لتعليقه على المشتق. قوله :( ودليل الخ ) ولدلالتة عليه حذف ومنهم من قدره أتؤمنون لدلالة فآمن، ووجه كونهم ظالمين أنّ مثله من عند الله في معتقدهم، فإذا لم ينصفوا يكونون ظالمين، وقدّر الجواب المعرب فقد ظلمتم وردّ ما قدّره الزمخشريّ والمصنف جواباً بأنه لو كان كذلك وجبت الفاء لأنّ الجملة الاستفهامية إذا وقعت جوابا للشرط لزمها الفاء، فإن كانت الأداة الهمزة تقدمت على الفاء، وإلا تأخرت واعتذر له السمين بأنه تقدير معنى لا تقدير إعراب وفيه كلام في شرح التسهيل يطول شرحه وقوله : وقال الذين الخ تحقيق لاستكبارهم. وقوله :( لأجلهم ) فاللام ليست لام المشافهة والتبليغ، والا لقيل ما سبقتمونا
وليس من مواطن الالتفات، وكونهم قصدوا تحقيرهم بالغيبة لا وجه له. وقوله :( سقاط ) جمع ساقط كجهال جمع جاهل وهو الذي لا يعبأ به لعدم جاهه وماله، وأشياعه كما أشار إليه بقوله إذ أكثرهم الخ وغطفان بفتح الغين المعجمة والطاء المهملة قبيل معروفة، وكذا كل ما ذكر أسماء قبائل معروفة، وفي أسلم وأسلم تجنيس تامّ، ولذا لم يقل أسلمت. قوله :( مثل ظهر عنادهم الخ ) إنما قدروا لإذ عاملها لأنها من الظروف اللازمة للإضافة إلى الجمل، وقد أضيفت إلى جملة لم يهتدوا به فلا تعمل فيها، وكذا لا يعمل فيها فسيقولون لأنّ إذ للمضي وهو مستقبل، وأيضاً الفاء تقتضي سبباً فلذا قدروا لها عاملا هو السبب وحذف عامل الظرف


الصفحة التالية
Icon