ج٨ص٣٠١
بأن الوعيد الثاني أشدّ ) قال السمين التكرار للتوكيد وزعم ابن مالك أنه من التوكيد اللفظي، ولا يضره توسط حرت العطف والنحويون يأبون هذا ولا يسمونه إلا عطفا وإن أفاد التأكيد انتهى، ولا محصل له وكان عليه أن يقول : وأهل المعاني يأبونه لما بينهما من شدة الاتصال فإنّ ما ذكره المفسرون، والنحاة هنا مخالف لما ذكره أهل المعاني في الفصل، والوصل والتوفيق بينهما كما أشاروا إليه إنّ ثم هنا للاستبعاد والتفاوت الرتبي فكأنه قيل لكم : رح وزجر شديد بل أشذ وأشد وبهذا الاعتبار صار كأنه مغاير لما قبله، ولذا خص عطفه بثم غالبا، وما ذكره أهل المعاني ليس على إطلاقه ولم يقل بأن الرد، والوعيد الثاني لأنّ الوعيد يتضمن الرح أيضاً فاكتفى به مع القرينة السابقة. قوله :( وقيل الأوّل عند النزع ( وهو ما يكون عند خروج الروح وزجر الملائكة، وعلمه بما يشاهده بانكشاف الغطاء، والثاني في القيامة زجر ملائكة العذاب ومشاهدة العقاب فثم في محلها لما بينهما من البعد الزماني، ولا تكرار فيه كما في الوجه السابق عليه، وكذا فيما بعده أيضا ولا فصل فيه بكلا بين
المتعاطفين كما توهم لتغاير الزجرين والعلمين وليس بياناً لكون الوعيد الثاني أشذ كما تو وإن كان في نفسه كذلك. قوله :( على تقدير قل لهم سنعلمون ) أي قل لهم كلا ستعلمو وأنما اقتصر على ما ذكر لبيان المقدر وما اقتضى تقديره فلا يتوهم أنّ التقدير بعد كلا كما لظهور خلافه، ولو جعل من الالتفات كما ذكره الإمام استغنى عن التقدير. قوله :( تذكير
فهو متصل بما قبله لأنه دليل على إثبات المسؤول عنه فكأنه بتقدير قل كيف تنكرون أو تشكو فيه، وقد عاينتم ما يدل عليه من القدرة التامّة والعلم المحيط بكل شيء، والحكمة الما المقتضية أن لا يكون ما خلق عبثاً ولو لم تكن الإعادة كان أشذ العبث وهي أسهل من ال!د ومن كان عظيم الشأن والقدرة ينبغي أن يخاف ويخشى وينزجر بزواجره عما ردعهم وأوعد عليه، والمهاد البساط أو الفراش والمهد مصدر صار اسما لما يعد للصبي لينام فيه فهو تشبيه بليغ كالأوتاد، وهذه القراءة شاذة كما صرحوا به فلا ينافي هذا قول المصنف رحمه تعالى في طه إنه قرئ هنا وفي الزخرف مهدا ولم يختلفوا في الذي في النبأ أي اتفقوا قراءته مهادا كما يتوهمه بعض القاصرين فقوله : مصدر الخ بيان للمهد، وقيل إنه راجع وللمهاد لأنهما بمعنى كما في القاموس، وقوله : ذكرا وأنثى أي كل زوج ذكر وأنثى فلسى الظاهر ذكوراً واناثاً كما قيل. قوله :( قطعاً عن الإحساس الخ ( لما ذهب أكثر أهل اللغة إلى السبات النوم كما نقله في القاموس، وغيره فيصير المعنى جعلنا نومكم نوماً ولا فائد احتاج إلى التأويل، فأول بوجوه كما فصله الشريف المرتضى في الدرر فقيل : إنّ معنا الأصل القطع يقال : سبت الشعر إذا حلقه وهو يرجع إلى معنى القطع دمان قال ابن الأنبار
لم يسمع السبت بمعنى القطع كما في الدرر، فلما انقطعت الحواس الظاهرة عن الإدراك ذلك راحة لها أريد بالسبات مجازا الاستراحة فلذا رد الشريف على ابن الأنباري في قوله يسمع سبت بمعنى استراج بأنه أريد الراحة اللازمة للنوم وقطع الإحساس كما أشار المصنف رحمه الله تعالى، وقوله : إزاحة لكلالها بالمعجمة أي إزالة لتعبها ويجوز إهما والأول أولى ولذا سمي النوم سبتا لفراغ وراحة لهم فيه، وقيل : أصل السبت التمدد كا يقال : سبت الشعر إذا حل عقاصه هذا تحقيق الوجه الأول وفيه هنا كلام سخيف لا طائل
في بعض الحواشي رأينا تركه خيراً من ذكره. قوله :( أو موتاً ( أي كالموت على التشبيه
وهذا على أنه ورد في اللغة بهذا المعنى وذكره حينئذ لأنه مشابه للأحياء بعد الموت فمن على هذا قادر على البعث الذي عنه يتساءلون فيكون هذا كقول الله تعالى ﴿ اللَّهُ يَتَوَفَّى الْأَنفُسَ حِينَ مَوْتِهَا ﴾
، والتي لم تمت في منامها الآية، وفي الدرر يجوز أن يكون المراد جعلنا نومكم سباتا ليس بموت فأراد سبحانه أن يمتن علينا بأن جعل نومنا الذي يضاهي بعض أحواله الموت ليس بمخرج عن الحياة، والإدراك وليس بموت وفي وجه السبات النوم الطويل الممتد ولذا قيل لمن كثر نومه مسبوت والامتنان به لما فيه من عدم الانزعاج انتهى، والعجب أنّ بعضهم عكس هذا بناء على ما في القاموس من تفسيره بالنوم الخفيف ففسره بالخفيف ليصح الحمل وعني بعدم إطباقه وهو تعسف. قوله :( وهو أحد التوقيتين ) أي المذكور في الآية


الصفحة التالية
Icon