ج٨ص٣٠٤
والمراد بحكمه ما حكم به وقضاه في الأزل أيضاً لا تعلق إرادته كما توهم حتى يقال إنه مبني على أن تعلق الإرادة كالإرادة أزليّ إمّا لو كان حادثا فليس الثبوت إلا في علمه وأنت خبير بأنه لا وجه له، ولما أثبت البعث بالدليل القاطع كان مظنة السؤال عن وقته متى هو، وما هو فقال إنّ يوم الفصل الخ وأكده لأنه مما ارتابوا فيه فلا وجه لما قيل إنه ليس محلا للتأكيد أيضاً. قوله :( حداً تؤقت به الدنيا الخ ) تؤقت بمعنى تحد لأنها تنتهي عنده، إذ هو أوّل أيام الآخرة، وهو يوم القضاء بين الخلق أو يوم الثواب والعقاب وهو اليوم الآخر الذي يجب الإيمان به، ولذا كان يوم ينفخ الخ بدلاً أو بيانا له فإن نفخ الصور واتصال الأرواح بالأجساد والحشر في الآخرة فظهر فساد ما قيل من أنه نهاية أيام الدنيا وآخر مخلوقاتها لأنه لا يخلق بعده شيء منها، ولذا يقال له اليوم الآخر. قوله :( أو حدا للخلائق ينتهون إليه ) يعني أنّ الميقات أخص من الوقت، وهو الوقت المحدود كالميعاد والميلاد لتوقيت زماني الوعد والولادة فبين أنّ ذلك الوقت إمّا حد للدنيا، وامّا حد للخلائق على المعنيين، وكونه حداً للدنيا ظاهر وأمّا كونه حدا للخلائق فلانهم يرجعون إليه لتتميز أحوالهم ويعلم الشقي من السعيد. قوله :( روي أنه ﷺ الخ ) قال ابن حجر أنه حديث موضوع وآثار الوضع لائحة عليه،
والقردة جمع قرد وقوله : يسحبون الخ تفسير لقوله : منكوسون، وعمي جمع أعمى، وقوله : يتقدرهم أي يكرههم كما تكره الأمور القدرة وأهل الجمع هم أهل المحشر، وقوله : يلبسون مشدد ومخفف، وما قيل من أنه لا بدّ من التغليب في قوله : فتأتون إذ لا يمكن الإتيان للمصلوب والمسحوب على الوجه ولا من غير أيد وأرجل ليس بشيء فإنّ أمور الآخرة لا تقاس على أمور الدنيا، والقادر على البعث قادر على جعلهم ماشين بلا أيد وأرجل وأن يمشي بهم عمد النار التي صلبوا عليها، وقد قيل له ﷺ : كيف يمشون على وجوههم فقال :!الذي أمشاهم على أرجلهم قادر أن يمشيهم على وجوههم " مع أنه لا يلزم أن يأتوا بنفسهم لجواز أن تأتي بهم الزبانية فأعرفه. قوله :( ثم فسرهم بالقتات ) بفتح القاف كالنمام لفظا ومعنى والمراد به الجنس، ويجوز ضم قافه على أنه جمع قات بمعنى نمام وتشصيصه بهذه الصورة لأنها معهودة في المسخ وهو لما غير ما نقله وكذب غير الله صورته، وأهل السحت هم الذين يأكلون الحرام غير الربا كالرشوة وهم أيضا يعدلون عما أحله الله لغيره فلذا غيرت صورتهم، وجعل الجائرين منكوسين لعدولهم عن الحق والمعجبين بأعمالهم عمياً لنظرهم لأنفسهم، ومن خالف قوله : عمله أصم أبكم لأنه لم يسمع ما قاله للناس في حق نفسه والمؤذي لجاره على صورة تؤذي أهل المحشر والسعاة لمشيهم إلى السلاطين قطعت أطرافهم والتابعين للشهوات على عمد النار تشهيرا لتعذيبهم، وألبس من تكبر ثياب القطران لأنها غاية المذلة فكان الجزاء من جنس العمل فأعرفه، وقوله : الخيلاء هو بضم الخاء المعجمة وفتح المثناة التحتية واللام والمد أصل معناها المعروف فيها أنها بمعنى التكبر فإمّا أن يكون وصف هنا بالمصدر أو هو جمع خائل كجاهل وجهلاء. قوله :( وشقت ) إشارة إلى أنّ المراد بالفتح المضاف للجميع ليس ما عرف من فتح الأبواب، وإن جاز لكن هذا هو الموافق لقوله :﴿ إِذَا السَّمَاء انشَقَّتْ ﴾ [ سورة الانشقاق، الآية : ا، ﴿ إِذَا السَّمَاء انفَطَرَتْ ﴾ [ سورة الانفطار، الآية : ا ] ونحوه فإنّ القرآن يفسر بعضه بعضاً والفتح يكون بمعنى الشق كفتح الجيوب وما ضاهاها وأمّا حمله على فتح الأبواب على أنّ السماء تمى أبوابها وتشقق أيضا فلا وجه له لأنها إذا شققت لا تحتاج لفتح الأبواب، وإذا جاء نهر الله بطل
نهر معقل وعبر عن الثق بالفتح إشارة إلى كمال قدرته حتى كان تشقق هذا الجرم العظيم كفتح الباب بسهولة وسرعة وهو معطوف على تأتون ولا مخالفة بينهما لأنّ المراد تفتح وعبر الماضي لتحققه، ولو جعل حالاً بتقدير قد كان وجهاً حسنا كما في الكشف. قوله :( فصارت الخ ) إشارة إلى أن كان من الأفعال الناقصة، ومعناها اتصاف المبتدأ بالخبر في الزمن الماضي نحو كان زيد فائماً وقد ترد بمعنى صار كما ذكره ابن مالك في التسهيل، وغيره فتدل على الانتقال من حال إلى أخرى كما في قوله تعالى :﴿ فَكَانَتْ هَبَاء مُّنبَثًّا ﴾ [ سورة الواقعة، الآية : ٦ ] والسماء بالثق لا تصير أبواباً حقيقية فلا بدّ من تأويلها فأما تشبه شقوقها بالأبواب في السعة، والكثرة تشبيها بليغاً أو يقدّر فيه مضاف كما ذكره