ج٨ص٣١٢
النفوس الفاضلة ) معطوف أيضاً على قوله :
صفات ملائكة فالمراد بالنازعات النفوس المفارقة لأبدانها بالموت، ووصفها بالنزع لأنه يعسر عليها مفارقة البدن بعد الإلفة، ولذا قال ﷺ :" إق للموت لسكرات " فلا يختص بغير المؤمنين على هذا، وقيل : النزع بمعنى الكف على هذا، وقوله : تنشط من النشاط وهو خفة السوق، وقوله : وتسبح فيها أنث الضمير سواء رجع للعالم أو الملكوت لتاويله بمؤنث وارادة المقارّ ونحوه يعني أنها تتوجه لعالم العقول المجرّدة فترقي الملكوت من مرتبة إلى أخرى بسرعة فتسبق لحظائر القدس بالطهارة من النقائص، وهو مقام القرب من الرب. قوله :( فتصير لشرفها وقوّتها من المدبرات ) يحتمل أنّ المراد بالمدبرات الملائكة، وأنّ النفوس بعد الاستكمال ومفارقة البدن ودخولها في الحظائر المقدسة تلتحق بالملائكة، ولذا ألفت المقام الأعلى، وصلحت للخلود أو هو صفة للنفوس المفارقة العالية فإنها بقوتها، وشرفها تصلح للوصف بأنها مدبرة كما قال الإمام إنها بعد المفارقة قد يظهر لها آثار وأحوال في هذا العالم فقد يرى المرء أستاذه بعد موته فيرشده لما يهمه، وقد نقل عن جالينوس أنه مرض مرضا عجز عن علاجه الحكماء فوصف له في منامه علاجه فأفاق وفعله فأفاق، وقد ذكره الغزالي، ولذا قيل : إذا تحيرتم في الأمور فاستعينوا من أصحاب القبور، إلا أنه ليس بحديث كما توهم ولذا اتفق الناس على زيارة مشاهد السلف والتوسل بهم إلى الله وإن أنكر. بعض الملاحدة في عصرنا، والمشتكي إليه هو الله. قوله :( أو حال سلوكها ) معطوف على قوله : حال المفارقة والأوّل على أنه من صفات الأرواح بعد الموت، وهذا في الحياة والسلوك في العرف تطهير الظاهر والباطن، بالاجتهاد في العبادة والترقي في المعارف الإلهية، وقوله : فإنها الخ تفسير للنزع على هذا بالحذف من حضيض الهوى إلى أوج التقوى وما بعده ظاهر، وقوله : فتنشط الخ إشارة إلى أنّ فيه ترتبا لكنه وكل إلى فهم السامع. قوله :( حتى تصير من المكملات ) بصيغة اسم الفاعل أو المفعول، والظاهر الأوّل لأنه تفسير للمدبرات، وقوله : أو صفات أنفس الغزاة معطوف على قوله : صفات ملائكة، وقوله : أو أيديهم معطوف على قوله : أنفس الغزاة والقسيّ جمع قوس، وقوله : بإغراق السهام أي المبالغة في جذبها للرمي، وقوله : ينشطون بالسهم للرمي أي يرسلونه بعد الجذب من قولهم : نشط العقدة إذا حلها كما في التاح وغير. ومثله يسند لليد وصاحبها، نعم ما بعده إسناد محتاج للتحويل للملابسة فما قيل من أنّ في إسناد النشط وما بعده إلى الأيدي كلاما لا يخلو من القصور أو التقصير، وقوله : يدبرون أمرها الضمير للحرب لأنها مؤنثة. قوله :( فإنها تنزع في أ عها نزعاً ) يحتمل أنه كقوله :
يجرج في عراقيبها نصلي
أي تمد أعنتها مداً قوياً حتى تلصق الأعنة بالأعناق من غر ارتخاء لها فتصير كأنها انغمست فيها، أو هو مجاز من قولهم : نزع في القوس إذا مذها لأنه يتعدى بفي كما ذكره الأزهري، وتسبح في جريها هو مستعار من سبح في الماء لكنه الحق بالحقيقة لشهرته، وقوله : فتدبر أمر الظفر أسند التدبير إليها مجازاً لأنها سببه، وقوله : وإنما حذف أي جواب القسم، وتقديره لتبعثن أو لتقومن القيامة ونحوه. قوله :) وهو منصوب به ) أي ما بعده الدال عليه، وهو قوله : يوم ترجف الراجفة منصوب بالجواب المقدر لأنه ظرف وتقديره ما مرّ وعلى ما فسره به المصنف لا بدّ من اعتبار زمان النفخة الأولى ممتدا فلا يرد أن البعث وقيام الساعة بعد النفخة الثانية ويينهما أريعون سنة فيما قيل : فلا حاجة إلى التعسف، وتكلف جعل يوم مبنياً فاعلا للجواب وتقدير. ليأتين يوم الخ. قوله :( والمراد بالراجفة الخ ) فتسميتها راجفة باعتبار الأول ففيه مجاز مرسل وبه يتضح فائدة الإسناد، وانه ليس من قبيل يقوم القائم وتعريفه للعهد فيه وفيما بعده، وقوله : ترجف الإجرام الخ إشارة إلى أنّ الإسناد إليها مجازي لأنها سببه أو التجوّز في الظرف بجعل سبب الرجف راجفا قيل : ولو فسرت الراجفة بالمحركة جاز وكان حقيقة لأنّ رجف يكون بمعنى حرك وتحرك. قوله :( التابعة ) من ردفه إذا تبعه ولوقوع ذلك فيها بعد الرجفة الأولى جعلت رادفة لها، وقوله : أو النفخة الثانية تفسير آخر للرادفة، وقوله : في موقع الحال من الرأجفة قيل : وهي حال مقدّرة أو هي مستأنفة كما ذكره المعرب وفي الكشاف فإن قلت : كيف جعلت يوم ترجف ظرفاً للمضمر الذي هو لتبعثن، ولا يبعثون عند النفخة الأولى


الصفحة التالية
Icon