ج٨ص٣٢٩
طلوع الصبح في نفسه بالتنفس، ولا يخفى حاله والنسخة الثانية فيها ميل له فتأمّل. قوله :( فإنه قاله عن الله ) أي نقله لأنّ قول الرسول قول مرسله وأنما ينسب إليه لأنه واسطة فيه، وتفسيره بالقرآن هو الظاهر وجعله للأخبار عن الحشر تعسف، ومعنى كريم عزيز عند الله أو متعطف كما مرّ في السورة السابقة، ولذا لم يتعرّض له المصنف رحمه الله هنا، وقوله : كقوله شديد القوى وقد مرّ تفسيره، وبيان قوته على تحمل أعباء الرسالة وعلى كل ما يؤمر به على ما مرّ من قصة المؤتفكة. قوله :( عند اللّه ذي مكانة ) أي مرتبة وشرف قرب لأنّ المكان والمنزل تزاد فيه الهاء إذا نقل للمرتبة المعنوية غير المحسوسة، ولما كان علو المكانة بعلو الممكن قال عند ذي العرش ليدل على عظم منزلته عند الله، وأنه مطاع أمره في الملأ الأعلى على ما حققه الزمخشريّ واليه أشار المصنف رحمه الله بقوله : مطاع في ملائكته فلم يهمله كما توهم. قوله :
( وثم الخ ) هي إشارة إلى المكان وإذا اتصل بما قبله فهو بيان لا طاعة الملائكة له، وإذا اتصل بما بعده فهو لأمانته عندهم، وقوله : قرى ثم بضم الثاء وهي عاطفة، وقوله : تفضيلاً لها لدلالتها على التراخي الرتبي، وقوله : سائر الصفات تعريفه للعهد والمراد الصفات المذكورة هنا، وقوله : كما تبهته الكفرة من البهتان أي كما تقول الكفرة في حقه ذلك بطريق الكذب، والبهتان وفي قوله : صاحبكم تكذيب لهم بالطف وجه إذ هو إيماء إلى أنه نشأ بين أظهركم من ابتداء أمره إلى الآن فأنتم أعرف به، وبانه أتم الخلق عقلاَ وأرجحهم نبلاً وأكملهم، وأصفاهم ذهنا فلا يسند له الجنون إلا من هو مركب من الحمق والجنون ولله در البحتري في قوله :
إذا محاسني اللاقي أذل بها كانت ذنوبي فقل لي كيف أعتذر
قوله :( واستدل الخ ( المستدل هو الزمخشري وزبدته ما قرّره المصنف رحمه الله فلا وجه للنزاع فيه والقول بأنه لم يقصد الموازنة، وقوله : إذ المقصود الخ بيان وتعليل لضعفه ونفي قوله : إنما يعلمه بثر مأخوذ من كونه قول : رسول كريم عند ذي العرش فإنه دال على أنّ المتلقي منه ملك لا بشر، وقوله : افترى على الله كذبا مأخوذ من أنه أوصله إليه ملك مؤتمن عند الملائكة فكيف يكون ما بلغه كذباً على الله، وقولهم أم به جنة نفيه معلوم من قوله : وما صاحبكم بمجنون فوصفه بما ذكر للدلالة على نفي ما أسندوه له لا للإطراء في وصف جبريل دون النبيّ ﷺ مع أنه لو سلم ذلك كان مدحا بليغا في حقه لأنّ الملك إذا أرسل لأحد من هو معزز معظم مقرّب لدبه دل على أنّ المرسل إليه بمكانة عنده، ليس فوقها مكانة كما لا يخفى وما قيل من أنه يكفي لأداء هذا المقصود لقول رسول كريم أو ملك كريم، فالزيادة فضول تعد لكنة عند البلغاء إلا أنه كلام على السند الأخص والأسلم أن يقال في الجواب إنّ الكلام مسوق لحقية المنزل، وصدق ما فيه من أحوال القيامة وأهوالها كما تدل عليه الفاء الشبية في قوله : فلا أقسم، وهو يقتضي وصف الآني به دون المنزل عليه فلذا اقتصر على نفي ما بهت به، وأنّ الأظهر أن يتلو يا أيها الذي نزل عليه الذكر إنك لمجنون أن حقيق بأن يقال له :
سارت مشرقة وسرت مغربا شتان بين مشرق ومغرب
والحرّ تكفيه الإشارة والمسألة معروفة في الأصول. قوله :( بمطلع الشمس الأعلى ) أراد
به وسط السماء فإنه أعلى مكان تطلع منه في كل يوم، وقيل هو رأس السرطان والأعلى صفة مطلع. قوله :( من الظنة وهي التهمة ) بضم التاء وفتح الهاء ما يتوهم به وعليه وتسكين الهاء لا يجوز إلا في ضرورة شعرية، وقول الفاضل ابن كمال في شرحه لمفتاحه أنه بسكون الهاء لا بفتحها غلط مته، وتقديم قراءة الظاء المشالة لا يسئل عنه لأنه سؤال دوري فإن سلم ذلك فوجهه أنه أنسب بالمقام لاتهام الكفرة له بما مرّ ونفي التهمة أولى من نفي البخل وأيضا التهمة تتعدى بعلى دون البخل فيما قيل، لا لأنّ نفي المحقق أولى من نفي المقدر كما قيل إذ لا وجه لتفضيل بعض القراآت المتواترة على بعض، ولا طائل في البحث عنه أيضا. قوله :( بالضاد من الضن ) بالكسر والفتح قال في النثر، وهو كذلك في جميع المصاحف ولا ينافي هذا قول أبي عبيدة إنّ الضاد والظاء في الخط القديم لا يختلفان إلا بزيادة رأس إحداهما على الأخرى زيادة يسيرة قد تثتبه وهو كما قال : ويعرفه


الصفحة التالية
Icon