ج٨ص٣٨٣
في السورة ومجموعها ثلاثون. قوله :( وتسميتها بذلك ) أي بليلة القدر فالقدر إمّا بمعنى التقدير لتقدير الأرزاق والآجال فيه والمراد إظهار تقديره للملائكة إذ التقدير أزلي أو القدر بمعنى الشرف لشرفها أو شرف المنزل فيها، أو شرف الطاعة فيها أو شرف من يحييها، وقوله : فيها يفرق الآية مرّ تفسيرها في سورة الدخان وهذا على أنّ المراد بالليلة المباركة ليلة القدر كما مرّ. قوله :( لما روي الخ ) رواه ابن أبي حاتم مرسلا، وقوله : فيه إسرائيلياً أي رجلا من بني إسرائيل قيل : إنه حزقيل، وقوله : لبس السلاج أراد الدرع والسلاح فغلبها، وقوله : تقاصرت إليهم أعمالهم أي ظهر لهم قصر أعمالهم بالنسبة لما أعطيت الأمم السالفة من طول الأعمار وكثرة الأعمال فعلى هذا الألف على ظاهرها، وفي الوجه الأوّل المراد التكثير فإنّ الأعداد يكنى بها عن ذلك كثيراً، وقوله : هي خير أي ثوابها مع قصرها أعظم من ثواب تلك السنين وهو تفضل وتكرم منه تعالى، على هذه الأمّة بمضاعفة أجورهم، ومن الغريب هنا ما رواه الترمذي وغيره وضعفه ابن جرير وقال غيره إنه منكر قال : قام رجل إلى الحسن رضي الله عنه لما بايع معاوية فقال : سوّدت وجوه المؤمنين فقال : لا تؤذني رحمك الله فانّ النبيّ ف قد رأى بني أمية على منبره وعددهم رجلا رجلا فساءه ذلك فنزلت :﴿ إِنَّا أَعْطَيْنَاكَ الْكَوْثَرَ ﴾ ﴿ إِنَّا أَنزَلْنَاهُ فِي لَيْلَةِ الْقَدْرِ ﴾ الخ فقوله :﴿ أَلْفِ شَهْرٍ ﴾ أي تملكها بنو أمية
بعدك يا محمد فعددنا مذتهم فإذا هي كذلك لا تزيد ولا تنقص يوما، وقد استدلّ به على أنّ السورة مدنية وقد عرفت ضعفه على أنه مشكل إذ لا يظهر وجه الدلالة فيه على المعنى الذى ذكره الح!سن رضي الله عنه فتأمّل. قوله تعالى :( ﴿ وَالرُّوحُ ﴾ ) قال المعرب يجوز رفعه بالابتداء، والجار والمجرور بعده خبره وأن يرتفع بعطفه على الملائكة وفيها متعلق بتنزل والضمير لليلة، وعلى الأوّل للملائكة والجملة حالية والثاني أولى وأظهر وقوله : بيان أي استئناف بياني لا صفة شهر كما قيل : والروح جبريل أو ملائكة أخر أو جند من جنوده أو بمعنى الرحمة وقد مرّ تفصيله، وقوله : وتنزلهم مصدر مبتدأ خبره قوله : إلى الأرض وقوله : تقربهم معطوف على الخبر يعني التنزل إمّا بمعنى النزول من السماء إلى الأرض، أو بمعنى دنوهم من المؤمنين من أهل طاعته، وهذا على أحد. تفسيري سلام الآتي لا على قراءة امرئ بمعنى إنسان كما توهمه من قال : تنزلهم على هذا عن مراتبهم العلية في الاشتغال بالله أو التنزل إلى الأرض والمقابلة باعتبار كون الأوّل من أجل أمر قدر وهذا باعتبار أنه في أجل كل إنسان فهو على قراءة كل امرئ. قوله :( من أجل كل أمر قدّر ) فمن بمعنى اللام متعلقة بقوله : تنزل، وهذا إعادة إلهية لحكمة خفية لا يعلمها إلا الله والا فلا حاجة لنزولهم للأرض وعلى هذا فالجار والمجرور متعلق بقوله :﴿ تَنَزَّلُ ﴾، وقد قيل : إنه متعلق بقوله : سلام أي سلامة من كل أمر مخوف وهو إمّا على التوسع في الظرف فيجوز تقديمه على المصدر أو على تقديره بمقدر يفسره المذكور في الآية فالوقف على قوله : سلام، وقيل : من بمعنى الباء أي تنزل بكل أمر من الخير والشرّ كقوله : يحفظونه من أمر الله أي بأمره ومعنى نزولهم لأجله نزولهم لأجل إنفاذه وأعلامه وقوله : من كل امرئ أي بهمزة في آخره. قوله :( ما هي إلا سلامة ) يعني سلام مصدر بمعنى السلامة وهو خبر مقدم فيفيد الحصر كما في نحو تميمي أنا، وقوله : لا يقدر الله فيها إلا السلامة بمعنى أنها جعلت عين السلامة وقال مجاهد : المعنى أنّ ليلة القدر سالمة من الشيطان، وأذاه فالمعنى أنه لا يوجد ولا ينفذ تقدير. ويتعلق قضاؤه لأنّ التقدير أزلي لا معنى لطيّ الزمان فيه إلا باعتبار إيجاده وتعلقه ومن غفل عن هذا قال الأظهر لا يفعل الله فيها لأن قضاء كل أمر في السنة فيها فكيف يصح حصر المقدّر فيها في السلامة فتدبر. قوله :( أو ما هي الإسلام الخ ) يعني أنّ السلام مصدر بمعنى التسليم، وقوله : ما يسلمون ما مصدرية فيه أي لكثرة السلام والمسلمين فيها، وجعلها عين السلام مبالغة أيضا. قوله :( أي وقت مطلعه ) أي
طلوعه يعني أنّ المطلع هنا مصدر ميمي بمعنى الطلوع وقبله مضاف مقدّر بوقت لتتحد الغاية، والمغيا فيكونا من جنى واحد وهذا على قراءته بفتح اللام كما يعلم من مقابلتة بقراءة الكسر، وهي قراءة الكسائيّ وأبي عمرو في رواية


الصفحة التالية
Icon