ج٨ص٤٠٧
المجلس سبحانك اللهمّ وبحمدك أسنغفرك وأتوب إليك، ولذا سميت سورة التوديع فإن قلت إذا سلم أنّ مجيء النصر والفتح والأمر بالتسبيح والاستغفار يدل على ذلك لكنها معلقة فكيف تدل عليه، قلت : هما وإن علقا وقعا في معرض الوعد ووعد الكريم يدل على قرب الموعود به لأنّ أهنأ البر عاجله، ولذا قال بعض البلغاء جعل الله عمر عداتك كعمر عداتك فسقط ما قيل من أنه إن أراد أن الأمر دال على النعي فهو معلق هنا، وإن أراد أنّ السورة دالة كليه فلا نسلمه. قوله :( وعنه عليه الصلاة والسلام الخ ) موضوع والحمد لله على التمام، وعلى رسوله وآله وصحبه أفضل صلاة وسلام.
سورة تبت
وتسمى سورة المسد ولا خلاف في عدد آياتها ولا في كونها مكية.
بسم الله الرحمن الرحيم
قوله :( والتباب خسران يؤدّي إلى الهلاك ) كذا فسر به السلف كما في البخاري، ومادّتهتدور على القطع وهو مؤذ إلى الهلاك وقال الراغب : التباب الاستمرار في الخسران، ويقال : استتب له كذا أي استمرّ وما قيل : من أنه لم يوجد تقييده بالخسران في اللغة مما لا يلتفت إليه. قوله :( نفسه ) فاليدان إمّا كناية عن الذات والنفس لما بينهما من اللزوم في الجملة أو مجاز من باب إطلاق الجزء على الكل كما قاله : محيي السنة وودّه بأنه يشترط فيه أن يكون الكل يعدم بعدمه كالرأس، واليد ليست كذلك غير مسلم وإن ذكر في الأصول لتصريح من يقتدي به بخلافه هنا، وفي قوله :﴿ وَلاَ تُلْقُواْ بِأَيْدِيكُمْ إِلَى التَّهْلُكَةِ ﴾ [ سورة البقرة، الآية : ١٩٥ ] كما مرّ في سورة البقرة أو المراد بذلك الشرط أنه يعدم حقيقة أو حكماً كما في إطلاق العين على الربيثة واليد على المعطي أو المتعاطى لبعض الأفعال فإنّ ذاته من حيث اتصافها بما قصد اتصافها به تعدم بعدم ذلك العضو إذ لا تكون رؤية بدون عين كما لا يكون معطياً بغير يد فتدبر. قوله :( وقيل إنما خصتا الخ ) قدّم اليدين لرميه بهما، وهذا هو المصحح للمجاز كما عرفت والجملتان دعائيتان فالأولى دعاء على يديه والثانية على نفسه، وقيل : إنه كان يحسن إلى قريش والى النبيّ ﷺ، ويقول : إن كان الأمر لمحمد فلي عنده يد وإن كان لقريش فكذلك فاليد بمعنى النعمة، وقد أخبر بخسرانه في يده عند النبيّ ﷺ، وعند قريش والحديث المذكور صحيح رواه الشيخان وضعف كون المراد به الدنيا والآخرة لبعد. ، ولذا قيل : إنّ المراد باليد حينئذ العمل لأنها سببه وآلته وهو إمّا للدنيا أو الآخرة. قوله :( والتكنية تكرمة الخ )
لجري العادة على أنّ من يعظم لا يخاطب باسمه فلا ينافي كون بعض الكنى مشعراً بالذم كأبي جهل، وقول أبي حيان الاسم أشرف من الكنية ولذا تركت التسمية هنا تنقيصا له، ولذا لم تكن الأ!ا- في القرآن تطيين لعين الشمس، وعدم تكنية الأنبياء في القرآن لأنه مقام عظمة وكبرياء كسما لا يخفى، وقوله : لاشتهاره الخ يعني ليس المراد تكريمه بل تشهيره. قوله :( كانت الكنية أوفق الخ ) الأوفقية باعتبار ما قصد بها الآن كما قرر في المعاني في التعريف بالعلمية فلا ينافيه قول مقماتل إنه كني بأبي لهب لحسنه واشراقه، والأب الصاحب للشيء والملازم له كما يقال أبو ا!خير فهو يدل على كونه جهنميا إمّا لأنه يعتبر في الأعلام معانيها الأصلية، وهو ملازم اليب الحقيقي فلوحظ هنا لينتقل منه إلى ملزومه وهو كونه جهنمياً أو أنه لما اشتهر بهذا الاسم، وبكونه جهنمياً دلّ اسمه على كونه جهنمياً دلالة حاتم على أنه جواد فإذا أطلق وقصد، الانتقال إلى هذا المعنى يكون كناية عنه بلا اعتبار لمعناه الأصلي، وقوله : أو ليجانس الخ أي لوافقه لفظاً ومعنى والقول بأنه ليس بتجنيس لفظي لأنه ليس في الفاصلة وهم فإنهم لم يشترطو. فيه، وقراءة أبو بالواو لحكاية الرفع الذي هو أشرف أحوال اللفظ وأسبقها، ولذا حوفظ عليه واشتهر الاسم به وأمّا تسكين الهاء في قراءة ابن كثير فلأنهما لغتان فيه نهر، ونهر !!ا شاله أبو البقاء، وغيره أو لأنه مقيس في العين الحلقية، واتفقوا على فتحه في ذات لهب لأف في الفاصلة، وقال الزمخشريّ هو من التغيير في الإعلام لئلا يلتبس بمعناها الأصلي كما قالوا في شمس بن مالك شمس بضم الشين.