ج٨ص٥٨
اص، يعني أنّ اسم الله استعارة بالكناية تشبيها له بالمبايع، واليد استعارة تخييلية مع أنّ فيها أيضاً مشاكلة لذكرها مع أيدي الناس وامتناع الاستعارة في اسم الله إنما هو في الاستعارة التصريحية دون المكنية لأنه لا يلزم إطلاق اسمه تعالى على غيره، ومن سخيف الكلام ما قيل إنه يلزم من المشاكلة أي ازدواج اللفظ في يبايعونك وأنما يبايعون أن يكون الله تعالى مبايعا وأن لا بد للمبايع من يد فيتوهم له تعالى شيء كاليد وهي القدرة ويطلق عليه لفظ اليد، وهذه الاستعارة منضمة إلى المشاكلة أو يقال المبايعة المنسوبة له تعالى تخييلية تنزيلا له تعالى منزلة رسوله ﷺ وأثبت له يد على سبيل التخييل ترشيحاً فصار يد الله قد انضم إليها المشاكلة كما حققه السعد، والسيد في شرح المفتاح فما ذكره السكاكيّ غير ما في الكشاف فلا تغتر ربما في بعض الشروح من التخليط والتخبيط هنا، وقد أجمل المصنف ما فصلناه وأقحم لفظ سبيل كما أقحم الزمخشريّ لفظ طريق دفعا لم يتوهم من أن التخييل لا يصح استعماله في حقه تعالى، وقد قيل
الصواب إبدالها بالتمثيل فتدبر. قوله :( بضم الهاء ) كما تضم في نحو له وضربه ومن كسرها راعى الياء قبلها، وقوله : في بيعة الرضوان وهي البيعة الواقعة بالحديبية سميت بيعة الرضوان لقول الله تعالى فيها لقد رضي الله عن المؤمنين إذ يبايعونك الآية. قوله :( أسلم الخ ) هي قبائل من العرب معروفة، وقوله : استنفرهم أي طلب منهم أن ينفروا معه أي يخرجوا معه والخذلان منه تعالى إذ لم يوفقهم لطاعة رسوله صلى الله عليه وسلم. قوله :( من يقوم بإشنالهم ) أي بأشغال الأهل والأموال فغلب العقلاء على غيرهم في الضمير، وقوله : بالتشديد أي تشديد الغين المعجمة، وقوله : من الله متعلق باستغفر أي اطلب لنا منه مغفرة لذنبنا الصادر منا وهو التخلف فعلى للتعليل، وقوله : تكذيب الخ يعني أنّ كلامهم من طرف اللسان غير مطابق لما في الجنان كناية عن كذبهم، والكذب راجع لما تضمنه الكلام من الخبر عن تخلفهم بأنه كان لضرورة داعية له وهي القيام بمصالحهم التي لا بد منها وعدم من يقوم بها لو خرجوا معه وأما تكذيبهم في الاستغفار وهو أمر وإنشاء لا يحتمل الصدق والكذب فباعتبار ما تضمنه من اعترافهم، وايمانهم بأنهم مذنبون وأنّ دعاءه لهم يفيدهم فائدة لازمة لهم مع أنّ اعتقادهم يخالفه. قوله :( فمن يمنعكم الخ ) فسريملك بيمنع على أنه مجاز عنه أو ضمن معناه لتعديته بمن ولما عقب بقوله : إن أراد بكم الخ لزم تقدير المشيئة بعده لأنه كالتقسيم له واللام إمّا للبيان أو للصلة أي قل لهم إذ لا أحد يدفع ضره ولا نفعه فليس الشغل بالأهل والمال عذراً وفي الانتصاف إنّ فيه لفاً ونثرا وكان الأصل فمن يملك لكم من الله شيئا إن أراد بكم ضرا ومن يحرمكم النفع إن أراد نفعا لأنّ هذا ورد في الضر مطرداً كقول :﴿ قُلْ فَمَن يَمْلِكُ مِنَ اللّهِ شَيْئًا إِنْ أَرَادَ أَن يُهْلِكَ الْمَسِيحَ ابْنَ مَرْيَمَ ﴾ [ سورة المائدة، الآية : ١٧ ] وكذا في الحديث خطاباً لعشيرته ﷺ :" لا أملك لكم من الله شيئاً الخ ) وفيه بحث. قوله :( ما يضركم ) فليس المراد به المعنى المصدري وهو
إمّ الحاصل به أو مؤوّل بالوصف، وقوله : كقتل وهزيمة ظاهر وما قيل عليه من أنّ المراد به ما يضر من هلاك الأهل والمال وضياعهما حتى تخلفوا عن الخروح لحفظهما والنفع ما ينفع من حفظ المال والأهل، وتعميم الضر والنفع يردّه قوله : بل كان الله بما تعملون خبيراً فإنه إضراب عما قالوا وبيان لكذبه بعد بيان فساده على تقدير صدوره كلام أو هي من بيت العنكبوت لأنّ في التعميم إفادة لما ذكر مع زيادة لا تضر بل تفيد قوّة وبلاغة وفي كلام المصنف إشارة إليه، وقوله : تعريض بالردّ أي بردّ اعتذارهم كما قرّرناه من أنه يفيد أن تخلفهم ليس لما ذكر بل لخوف الهلاك وظن النجاة بالقعود، ثم إنّ الإضراب الأوّل ردّ أن يكون حكم الله أن لا يتبعوهم واثبات الحسد والثاني إضراب عن وصفهم بإضافة الحسد إلى المؤمنين إلى وصفهم بما هو أظلم مته، وهو الجهل وقلة الفهم كما في الكشاف ويستأصلونهم بمعنى يقطعون أصلهم فكني به عن قتلهم جميعاً. قوله. ( وأهلون الخ ) جمعه جمع السلامة على خلاف القياس لأنه ليس بعلم ولا صفة من صفات من يعقل، وقوله : وقد يجمع على أهلات بملاحظة تاء التأنيث في مفرده تقديراً فيجمع كتمرة وتمرات، ويجوز تحريك عينه أيضا فيقال :


الصفحة التالية
Icon