ج٨ص٦٤
الفتح الظفر بالبلد عنوة أو صلحاً بحرب أو بغير حرب، اهـ فليس له وجه لأنّ المصنف له أن يلتزم الأوّل ويخص الأثر بالسور الطوال على أنّ مقصوده الرد على الزمخشري، وهو معترف بما ذكره وكونه إخباراً عن الغيب خلاف الظاهر والمتبادر من الفتح ما ذكره المصنف رحمه الله وما ذكره هذا القائل معنى مجازي يحتاج الحمل عليه إلى قرينة، ثم إنّ الفتح وإن كان مطلق الظفر لكن الظفر إذا تعدى بعلى كما هنا أقتضى ما ذكر هنا بخلاف المعدى بالباء كما أشار إليه بعض شزاح الكشاف فتدبر. قوله :) من مقاتلتهم ) عدل عن الخطاب مع أنّ تفسيره عليه لأنه المناسب لزمان التفسير، ولو قيل المصدر مضاف للمفعول على أنّ ضمير مقاتلتهم وكفهم ويجازيهم للكفار لا للمؤمنين كانت الغيبة على مقتضى الظاهر فتأمّل. قوله :( يدل على أنّ ذلك الخ ا لأن صدّ الهدي وعكوفه أي حبسه عن بلوغ محله إنما كان بها، وفاعل يدل المستتر يعود على قوله والهدي الخ وذلك إشارة إلى الصذ ولو جعل الضمير لقوله : هم الذين كفروا الخ لتضمنها للدالّ والإشارة للظفر المار ذكره لاتحاد زمان الصذ والظفر عند المصنف رحمه اللّه لما مرّ من نزول السورة دفعة واحدة عنده لم يكن به بأس فالرد على قائله بما ذكر من لزوم ما لا يلزم. قوله :( مكانه الذي يحل فيه نحره ( على أنّ المحل مكان
الحل لا مكان الحلول، وقوله : والمراد مكانه المعهود لا مطلق المكان إذ هو بالغ محله لأنّ محله حيث أحصر عند الشافعيّ فلا بدّ من هذا التأويل عنده بل مطلقا كما سيأتي. قوله :( وإلا لما نحره الخ ) إلا هذه مركبة من أن الشرطية ولا النافية وقد أوقع اللام في جوابها، وقيل : إنه خطأ إذ لم يسمع مثله وإن كثر في كلام المولدين، ووجهه بعضهم بأنه حمل فيه إن على لو وليس بشيء فالصواب أن يقال : لو مقدرة في مثله ترقيا من احتمال العدم إلى الجزم به والتقدير، وإن لم يحمل على المعهود فلو حمل على الأعمّ لما وتقدير الشرط غير عزيز، وأما قول بعض الحنفية أنّ بعض الحديبية من الحرم كما قاله الزمخشري : أو غيره فقال في الكشف إنه خلاف ما عليه الجمهور، وحدود الحرم معروفة من زمن إبراهيم عليه الصلاة والسلام ولا يعتدّ برواية شذ بها الواقديّ، وقد صرّح البخاري في صحيحه بخلافه نقلاً عن الثقات، وما ووي فيه عن الزهرقي لم يثبت ولذا لم يلتفت المصنف رحمه الله لما في الكشاف. قوله :( فلا يتمهض حجة للحنفية ) أي لا يصلح للدليل، والحجة وهو مجاز من نهض إذا قام بسرعة لاستقامته وتوجيهه كما يقال قام الدليل واستقام فإنه مجاز مشهور فيه، وهو ردّ على الزمخشريّ حيث قال وهذا دليل لأبي حنيفة على أنّ المحصر محل هديه الحرم فإن قلت : فكيف حل رسول الله ﷺ ومن معه، وأنما نحر هديهم بالحديبية قلت بعض الحديبية من الحرم وروي أنّ مضارب رسول اللهءلمجح كانت في الحل ومصلاه بالحرم فإن قلت فإذن قد نحر في الحرم فلم قيل : معكوفا أن يبلغ محله قلت المراد المحل المعهود وهو منى، اهـ ووجه الاستدلال به أنّ المسجد الحرام يكون بمعنى الحرم وهم لما صدوهم عنه ومنعوا هديهم أن يدخله فيصل إلى محله دل بحسب الظاهر على أنه محله ولا ينافيه أنه نحر في طرف منه كما لا ينافي الصدّ عنه كون مصلاه فيه لأنهم منعوهم فلم يمتنعوا بالكلية أو المقصود من المنع منه المنع من دخول مكة، والوصول إلى الكعبة فحينئذ لا بد من تأويل محله بالمحل المعهود لأنه بلغ محله فورد عليه من طريق الجدل الإلزام بأنه لم يبق فيه محل للاستدلال لاحتماله غير مذهبه أيضا وتقرير الزمخشري فاسد لأنه عليه لا له وهو غريب منه جدّا وقد مز تفصيله في سورة البقرة. قوله :( لاختلاطهم بالمشركين ) فيه إشارة إلى أنّ العلم المنفي أوّلاً كناية عن اختلاطهم، وعدم تميزهم كما ذكره في الكشف وبه يندفع التكرار أيضاً واستبعاده ليس بشيء. قوله :( أن توقعوا بهم وتبيدوهم ) أي تهلكوهم يعني أن الوطء استعير هنا للبطش المهلك وهي استعارة حسنة واردة في كلامهم قديماً وحديثا ووجهها ظاهر. قوله :
( ووطثتنا وطأعلى حنق وطء المقيد نابت الهرم (
هو من شعر للحرث بن وعلة الذهلي يخاطب به قومه لما قتلوا أخاه أوّله :
قومي هم قتلوا أميم أخي فإذارميت يصيبني دى حممي
والوطء مرّ تفسيره وفسره المرزوقي بالقهر والحنق أشد الغيظ والهرم بسكون الراء المهملة أو الزاي المعجمة


الصفحة التالية
Icon