ج٨ص٧٢
فتأمّل. قوله :( وقد روي الخ ) ثابت بن قيس هذا صحابيّ معروف وما ذكره المصنف ذكره البخاريّ وغيره وهو حديث صحيح، وقوله : جهوريا بفتح الجيم وسكون الهاء وفتح الواو وراء مكسورة بعدها ياء مشددة صيغة مبالغة من الجهر وهو ضد الإخفاء في الصوت ويوصف به الرجل وكلامه، وقوله : قد حبط قد كفرت واستوجبت النار بذلك، ولذا قال ﷺ :" إنك من أهلى الجنة تطميناً لقلبه وإزالة لخوفه " وقوله : فتفقده أي طلب سبب فقده وغيبته عن مجلسه، وقوله : لست هناك كناية عن نزاهته عما ظته بنفسه لأنه نفي عنه أن يكون في مكان تحبط فيه الأعمال فيلزم ذلك بطريق برهاني أن لا يحبط له عمل. قوله :( إنها محبطة ) بيان لمفعوله المقدر بقرينة ما قبله، وقوله : عن مخالفة النهي عداه بعن لأنه ضمنه معنى الاجتناب، وقوله : يسرإنه الضمير للنبيّ ﷺ أي يخاطبانه بصوت خفيّ كالسرّ حتى أنه لا يسمعه أحيانا فيستفهم منهما عما قالا. قوله :( جرّبها للثقوى الخ ) أصل معنى الامتحان التجربة والاختبار، وهذا مما
لا يسند إلى الله تعالى لأنّ الاختبار إنما يكون لمن لم يعرف المختبر فيفعله ليعرفه فلذا أوّله بوجوه، الأوّل قوله : جرّبها الخ فالتجربة بيان لمعناه الحقيقيّ، وقوله : مرّنها بيان للمراد منه فلذا عطفه عليه عطفاً تفسيرياً، والمراد من تمرّنهم واعتيادهم أنهم صبروا على التقوى واحتملوا مشاقها فالامتحان مجاز عن الصبر بعلاقة اللزوم وقيل إنه كناية تلويحية عن الصبر والاحتمال المذكور لأنّ الممتحن يعود للفعل مرّة بعد أخرى فيكون له قوّة عليه، وأورد عليه أنه لا يجوز إرادة المعنى الموضوع له هنا فلا يصح كونه كناية ولاستشعار صاحب الكشف لهذا قال : إنّ الإسناد إلى الله تعالى للدلالة على التمكن كما في ختم الله على قلوبهم ففيه مع الكناية تجوّز في الإسناد والأصل امتحنوا قلوبهم لها بتمكين الله لهم، وهو معنى قول الطيبي معنى الآية راجع للعباد ولا يخفى تكلفه، وقيل : إنه من المجاز المتفرع على الكناية أو هو مبنيئ على أنه لا يشترط في الكناية إرادة الحقيقة بل جواز الإرادة وإن امتنعت في محل الاستعمال، وكله تكلف لا حاجة إليه مع ما قدمناه. قوله :( أو عرفها الخ ) هذا هو التأويل الثاني على أنه مجاز مرسل وضمع فيه الامتحان موضمع المعرفة لأنه سببها فإن قيل الله تعالى لا يوصف بالمعرفة فإنه لا يقال : عرف الله بل علم قلت : الممتنع إطلاق لفظ المعرفة لا معناها فإنه العلم بعينه مع أنه، وإن اشتهر غير صحيح أيضاً لأنه في نهج البلاغة أطلق العارف على الله وقد ورد في الحديث أيضاً فتدبر. قوله :( واللام صلة محذوف ) أي كائنة أو خالصة للتقوى على أنّ الجارّ والمجرور حال من المفعول أعني قلوبهم أو هي متعلقة بامتحن باعتبار معناه الأصلي لا الكنائي ولا المجازي إذ معناه معتادة للتقوى، وهذا على الوجهين لا على الثاني ولا عليهما على اللف والنشر المشوّس كما قيل : واعلم أنّ اللفظ إذا كان مجازاً أوءضاية عن معنى واختلفت تعدية المعنى الأوّل والثاني يجوز أن يراعي كل منهما وقد فصلناه في غير هذا الموضع، وقوله : للفعل معطوف على صلة بتقدير أو صلة للفعل أو على محذوف على توهم أنه صلة محذوف فمانّ الإضافة لامية. قوله :( او ضرب اللّه قلوبهم الخ ) هذا التأويل الثالث فعلى هذا الامتحان الضرب بالمحن، والمراد التكاليف الشاقة والضرب الإصابة فهو حقيقة واللام للتعليل والعلة، والغرض هو ظهور التقوى لا هي والاصطبار مستفاد من نفس التقوى وإليه أشار بقوله : فإنها الخ. قوله :( أو أخلصها للتقوى الخ ( هو التوجيه الرابع ومعنى أخلصها للتقوى أنه ليس لغير التقوى فيها حق كأن القلوب صارت ملكا للتقوى، وهو استعارة أو تمثيل كما ذهب إليه شراح الكشاف ولا يأباه تفسيره بإخلاصها حتى يتعين أنه من إرادة المطلق بالمقيد كما توهم فإنه تفسير للمعنى المراد منه بعد التجوّز فيه كما لا يخفى، وابريزه بمعنى خالصه يقال : ذهب إبريز أي خالص وخبثه ما خالطه من غيره. قوله :( لذئويهم ) بيان لمتعلق المغفرة وقوله : لغضهم أي
أصواتهم عند النبيّ ﷺ، وأفرده عن سائر الطاعات لاقتضاء السياق له وهو بيان لمقتضى الثواب، وقيل : إنه تعليل لمتعلق الخبر وهو الثبوت وفيه نظر، وقوله : والتنكير الخ يعني تنكير ما وقع جزاء لهم وهو مغفرة وأجر ففي قوله : عظيم مبالغة في عظمه فإنه :( ما لا عين رأت ولا أذن سمعت ) والجملة لهم مغفرة الخ. قوله :( لبيان