ج٨ص٧٨
بالفاء للتعليل، ولذا وضع الظاهر في قوله : بين أخويكم موضحع الضمير مبالغة في تقريره، وقوله : والتخصيص بمهملتين أو معجمتين، وقوله : وقيل المراد الخ فالأخوين بمعنى الحيين المذكورين سمي كلاً منهما أخا لاجتماعهم في الجدّ الأعلى، ويؤيد هذا التأويل القراءة المذكورة ولذا ذكرها عقبه. قوله :( أي لا يسخر بعض المؤمنين الخ ) فالتنكير للتبعيض، وقوله : والقوم توجبه لمقابلته للنساء في النظم لأنه جمع أو في معنى الجمع للذكور فظهر تقابله مع النساء، وقوله : أو جمع أراد به الجمع اللغوي لأنه اسم جمع على الأصح لأنّ فعلاً ليس
من أبنية الجموع لغلبته في المفردات، وهذا مراد من قال : إنّ قابلاً يجمع على فعل كصاحب وصحب وقوله : والقيام بالأمور الخ بيان لوجه اختصاصه بالرجال والمراد بالقيام بالأمور كونهم أصلا لفعلها وصدورها عنهم، وقوله : بالقبيلين أراد الرجال والنساء وعلى التغليب فهو ظاهر وعلى الاكتفاء يكون مستعملا في معناه الحقيقي ودل عليهن بالالتزام لعدم الانفكاك ففيه لزوم عاديّ. قوله :( واختيار الجمع الخ ) أي لم يقل لا يسخر رجل من آخر ولا امرأة من أخرى مع أنه الأصل الأشمل الأعتم جريا على الأغلب من وقوع مثله في مجامع الناس، وبين الأقوام دون الآحاد لأنّ السخرية كما في الأحياء ذكر نقائص المرء بحضرته على وجه يضحك منه وهي في الأغلب بمحضر من الناس فعبر عنهما بالقوم لكون كل منهما في جماعة سواء كانت في جماعة المسخور منه جماعة الساخر، أو لا فكم من ملتذ بها وكم من متالم منها فجعل ذلك بمنزلة تعدد الساخر والمسخور منه، ولوقوعه فيما بينهم نسب لهم وما قيل من أنه لا يفي ببيان اختيار الجمع في جانب المسخور منه غفلة عن تصوّر المراد منه. قوله :( وعسى الخ ) اختلف فيما إذا أسندت إلى أن والفعل فقيل إنها تامّة لا تحتاج إلى خبر وأن وما بعدها في محل وفع، وقيل : ناقصة وسد ما بعدها مسد الجزأين واليه ذهب المصنف ولا يخفى حينئذ أنّ لها محلاً من الإعراب فإن قيل هو رفع أو نصب لزم التحكم، وإن قيل له محلان باعتبارين فله وجه وقد ارتضاه بعض مشايخنا، وقوله : عسوا أن يكونوا الخ وكونها ذات خبر حينئذ قول للنحاة وفيه الإخبار عن الذات بالمصدر أو يقدر مضاف مع الاسم أو الخبر أو يقال هي بمعنى قارب، وأن وما معها مفعول أو قرب وهو منصوب على إسقاط الجار. قوله :( ولا يعتب بعضكم بعضاً الخ ) اللمز الاعتياب وتتبع المعايب كما قاله الراغب : فقوله : لا يعتب تفسير لا تلمزوا وأما قوله : بعضكم بعضا فبيان لحاصل المعنى وأنه الأصل في التعبير عنه فضمير تلمزوا للجمع بتقدير مضاف فيه وأنفسكم عبارة عن بعض آخر من جنس المخاطبين، وهم المؤمنون فجعل ما هو من جنسهم بمنزلة أنفسهم كما في قوله :﴿ لَقَدْ جَاءكُمْ رَسُولٌ مِّنْ أَنفُسِكُمْ ﴾ [ سورة التوبة، الآية : ١٢٨ ] وقوله :﴿ وَلاَ تَقْتُلُواْ أَنفُسَكُمْ ﴾ [ سورة النساء، الآية : ٢٩ ] فأطلق الأنفس على الجنس استعارة كما أشار إليه بقوله : فإنّ المؤمنين الخ فعلى هذا فيه تجوّز وتقدير مضاف والنهي على
هذا مخصوص بالمؤمنين، وهو مغاير لما قبله وإن كان مخصوصا بالمؤمنين أيضاً كما مرّ بحسب المفهوم لتغاير الطعن والسخرية فلا يقال إنّ الأوّل مغن عنه إذ السخرية ذكره بما يكره على وجه مضحك بحضرته، وهذا ذكره بما يكره مطلقا أو هو تعميم بعد التخصيص كما يعطف العام على الخاص لإفادة الشمول كشارب الخمر وكل فاسق مذموم، وقيل : إنه من عطف العلة على المعلول أو اللمز مخصوص بما كان على وجه الخفية كالإشارة أو هو من عطف الخاص على العام لجعل الخاص كجنس آخر مبالغة فتأئل. قوله :( فإنّ المؤمنين كنفس واحدة ) بيان لوجه التجوّز، وأنّ أنفسكم بمعنى بعض من جنسكم كما مرّ وكونه تعليلا للنهي بعيد، وقوله : أو لا تفعلوا الخ وجه ثان فأنفسكم على ظاهره والتجوّز في قوله : تلمزوا فهو مجاز ذكر فيه المسبب، وأريد السبب والمراد لا ترتكبوا أمرا تعابون به وأخره لأنه بعيد من السياق وغير مناسب لقوله : ولا تنابزوا كما في الكشف، وكونه من التجوّز في الإسناد إذ أسند فيه ما للمسبب إلى السبب تكلف ظاهر وكذا كونه كالتعليل للنهي السابق لا يدفع كونه مخالفاً للظاهر، وكذا كون المراد به لا تتسببوا في الطعن فيكم بالطعن على غيركم كما في الحديث :( من الكبائر أن يشمتم الرجل والديه ) إذ فسر بأنه إذا شتم والدي غيره شتم الغير، والديه أيضا وترك المصنف الأوّل من الوجوه الثلاثة المذكورة في الكشاف، وهو أنّ المعنى خصوا


الصفحة التالية
Icon