ج٨ص٩١
فرض ممتدّاً واقعا في أجزائه وإن كان الحامل عليه عدم احتياجه إلى التقدير فيجوز أن يكون ذلك إشارة إلى زمان النفخ الدال عليه الفعل فلا يحتاج للتقدير أيضا فقد دفعه المعترض، وادّعاء البعد فيه سهل والإشارة إلى زمان الفعل مما لا نظير له بخلاف الإشارة لمصدره. قوله :( مكاناً غير بعيد ) فهو صفة للظرف قام مقامه، وانتصب انتصابه فهو متعلق
بقوله : أزلفت وعلى كل حال فهو للتأكيد ودفع التجوّز كما في الحالية فإنه بعد ذكر أنها قربت لا يحتاج إلى كونها غير بعيدة والحالية من الجنة وهي مؤنثة فلذا أوّله بتقدير شيء أو تأويل الجنة بالبستان أو لكونها على زنة المصدر الذي من شأنه أن يستوي فيه المذكر، والمؤنث فعومل معاملته وأجرى مجراه، وقوله : على إضمار القول أي مقولاً لهم وهو حال من المتقين. قوله :( بدل من المتقين بإعادة الجار ) مرّ الكلام فيه وأنه لا حاجة إليه، أو الجار والمجرور بدل من الجار والمجرور. قوله :( بدل بعد بدل ) يحتمل أنه بدل من كل المبدل من المتقين وهو الأولى أو أنه بدل من المتقين أيضا بناء على جواز تعدّد البدل، والمبدل منه واحد وقول أبي حيان تكرار البدل والمبدل منه واحد لا يجوز في غير بدل البداء وسره أنه قد طرح فلا يبدل منه مرّة أخرى غير مسلم فإنّ ابن الحاجب في أماليه جوّزه ونقله الدماميني في أوّل شرحه للخزرجية وأطال فيه، وكون المبدل منه في نية الطرح ليس على ظاهره فأعرفه، وقوله : أو بدل من موصوف أوّاب الخ بناء على جواز حذف المبدّل منه وقد جوّزه ابن هشام في المغني لا سيما وقد قامت صفته مقامه حتى كأنه لم يحذف. قوله :( ولا يجوز أن يكون ) أي من خشي الرحمن في حكم أوّاب بأن يجعل صفة للمقدر مثله، ولذا لم يبدل من أوّاب لأنه لو أبدل منه كان له حكمه فيكون صفة والأسماء الموصولة لا يقع منها صفة إلا الذي على الأصح، وإن جوز بعض النحاة الوصف بمن أيضاً لكنه قول ضعيف كما بين في المفصلات. قوله :( على تأوبل الخ ) لأنّ الإنشاء لا يقع خبراً بغير تأويل ولا يخفى تكلفه لما فيه من التقدير وتاويل ضمير الجمع، وقوله : ملتبسة إشارة إلى أنّ الباء للملابسة، وقوله : حيث خشي عقابه الخ إشارة إلى أن تليس الخشية بالغيب إمّا باعتبار المخشوّ منه، وهو الله أو المخشي نفسه، وهو العقاب أو الخاشي بأن يخاف الله في خلوته كما يخافه في جلوته لأنه لا يخفى عليه خافية وقوله : خشي عقابه يحتمل أنه بيان لحاصل المعنى، وهو الظاهر أو لتقدير مضاف فيه قبل الرحمن كما قيل. قوله :) وتخصيص الرحمن ) دون غيره من أسماء الله مع أنّ غيره مما يدعو للخشية بحسب الظاهر أنسب إذ الرحمة ربما تقتضي عدمها للاتكال عليها فأجاب بأنّ صرف
الخشية قريب من الناس، وهم بنن الرجاء والخوف فلما ذكر الخوف وصف المخوف منه بما يشعر بأنهم لهم وجاء أيضاً كما أشار إليه بقوله : رجوا الخ والثاني إنّ هذا إنما يكون أنسب إذا أريد التحريض على الخشية أمّا إذا أريد مدح الخاشي بأنه خاس له على كل حال غير تارك للخشية اغترارا برحمته كما في قوله : لو لم يخف الله لم يعصه كان ذكر الرحمن أنسب كما أشار إليه بقوله : أو بأنهم يخشون خشية الخ. قوله :( إذ الاعتبار الخ ) يعني هو وإن كان وصفا لصاحبه لكنه في الحقيقة صفة للقلب لأنّ المعتبر رجوعه، وقوله : سالمين الخ يشير إلى أنّ الجارّ والمجرور حال وأنه إمّا من السلامة أو من التسليم والتحية من الله أو الملائكة، وقوله : يوم تقدير الخلود لأن الإشارة إلى وقت الدخول، وهو ليس زمان الخلود فلا بد لصحة الحمل من تقدير مضاف أي ابتداء الخلود وتحققه وهو أحسن مما قدّره إذ هو المعروف في الحال وما نحن فيه ليس كذلك، وكون الإشارة إلى زمان السلام لا يصح من غير تأويل بما ذكر ونحوه كالأعلام بالخلود كما توهم، وكذا ما قيل من أنه لكونه ابتداء الخلود جعل يوم الخلود لما بينهما من الملابسة أو اليوم بمعنى الزمان وهو كالشيء الواحد والإشارة لم بعده كهذا أخوك. قوله :( فخرقوا في البلاد ) هو أصل معناه الحقيقي، وقوله : وتصرفوا فيها تفسير للمراد منه فالتنقيب التصرف فيها بملكها ونحوه، وقوله : أو جالوا الخ فالتنقيب السير وقطع المسافة وفي الأساس خرقت المفازة قطعتها والنوق مخراق المفازة، وما قيل من أنّ الثاني لم ينقل عن أحد مما لا وجه له ومقام المصنف رحمه الله أجل من ذلك، وقوله : فالفاء الخ لأنها عاطفة على معنى ما قبله أي اشتدّ بطشهم فنقبوا الخ وتصرفهم فيها


الصفحة التالية
Icon