ج٨ص٩٩
خبر مبتدأ محذوف، وقوله : إلى تكذيبهم أي كفار قريش، وقوله : نصبه بأتى على أن يكون صفة لمصدره وذلك بمعنى الإتيان، وقوله : أو ما يفسره وهو أتى آخر مقدّو على شريطة التفسير لأنّ ما لا يعمل لا يفسر عاملا في ذلك الباب كما صرّح به النحاة ففاعل يفسر ضمير أتى ومفعوله ضمير ما، وقيل الضمير البارز لذلك والمراد بما فسره قالوأ، والإشارة على هذا للقول، والمعنى إلا قالوا ساحر أو مجنون قولاً مثل ذلك القول ولا يخفى أنه مع تعسفه ليس مراداً للمصنف رحمه الله. قوله :( كان الأوّلين والآخرين الخ ) فالاستفهام للتعجيب من تواردهم على ذلك لا للإنكار سواء كان بمعنى لم وقع أو لم يقع لأنه لا وجه له بوجهيه فلا وجه لتجويزه هنا، وقوله : لتباعد أيامهم متعلق بإضراب، وقوله : ولا تاع التذكير فالأمر للدوام عليه لئلا يكون تحصيلاَ للحاصل، وقوله : من قدر الله إيمانه وأمّا المؤمن بالفعل فهو متذكر فالمؤمن بمعنى المشارف والمستعدّ للإيمان، وقوله : أو من آمن فهو على حقيقته، والمراد بالانتفاع زيادته، وزيادة التبصر به. قوله :( لما خلقهم الخ ( لا يخفى أنه إن قيل بأن أفعاله تعالى لا تعلل بالأغراض أو قيل به بناء على أنها يترتب عليها حكم ومصالح أرادها الله منها لا على الاستكمال بها يحتاج هذا للتأويل أمّا على الأوّل فظاهر، وأمّا على الثاني فلأنها لا تترتب على الخلق بالنسبة إلى الجميع، وحاصله كما قرّره بعض فضلاء عصرنا أنّ الآية بظاهرها دالة على أنّ العبادة هي الغاية المطلوية من الخلق الباعثة عليه، وهو مخالف لما تدلّ عليه الأدلة العقلية من عدم كون أفعاله معللة بالأغراض، وكون جميع المقدورات من الإيمان، والكفر والخير والثرّ، والطاعة والعصيان، وغيرها واقعة بقدرته، وارادته، وكان ذلك أيضاً منافياً لظاهر قوله :﴿ وَلَقَدْ ذَرَأْنَا لِجَهَنَّمَ كَثِيرًا مِّنَ الْجِنِّ وَالإِنسِ ﴾ [ سورة الأعراف، الآية : ١٧٩ ] الدال على إرادة المعاصي ليستحقوا بها العذاب، وعذاب جهنم، وهذا أيضاً مبنيّ على أنّ غاية فعل الفاعل المختار مرادة له أيضاً فلذا أوّلها المصنف بما سنبينه
لك إن شاء الله تعالى. قوله :( على صورة متوجهة إلى العبالة الخ ) المراد بالصورة الصفة، والحالة كما يقال صورة المسألة كذا، ومعنى كونها متوجهة، ومقبلة لها كما في بعض النسخ أنها مقتضية لذلك مقبلة بوجوه الاستعداد عليها، والمعنى أنه ركب فيهم عقولاً وخلق لهم حواس ظاهرة، وباطنة لو خليت، ونفسها عرفت صانعها وانقادت له كما في الحديث. قوله :( كل مولود يولد على الفطرة ) فشبه اقتضاء حالهم لما ذكر بجعلها غاية له واستعمل فيه ما وضع له، وهو اللام بطريق الاستعارة التبعية. قوله :( مغلبة لها ) كذا في بعض النسخ وفي بعضها مقبلة لها، ومرّ تفسيره، وأمّا على هذه، وهي بزنة الفاعل من التغليب فالمعنى أنّ تلك الصفة تغلب العبادة على غيرها مما ركب فيهم من صفات النفس الأمارة كالغضب، والشهوة كما قيل. قوله :( جعل خلقهم منيي بها مبالنة في ذلك ) يعني أنه مع أنه ليس غاية جعل غاية لما مرّ فهو استعارة لتشبيه المعدّ له الشيء بالغاية قيل، وهو شائع في الظروف كما يقال للقويّ جسمه هو مخلوق للمصارعة، وفي الكشف أنّ أفعاله تعالى تنساق إلى الغايات الكمالية، وهو ما وضع له اللام، والإرادة له ليس من مقتضى لام الغاية إلا إذا علم أنّ الباعث مطلوب في نفسه فهي على حقيقتها، ولا تحتاج إلى تأويل فإنهم خلقوا بحيث يتأتى منهم العبادة وهدوا إليها وجعلت تلك غاية كمالية لخلقهم، وتعوّض بعضهم عن الوصول إليها لا يمنع كون الغاية غاية وهذا معنى مكشوف ا هـ، ولا يخفى ما فيه وأنّ كون الغاية لا يلزم أن تكون مرادة للفاعل المختار خلاف ما يشهد له العقل فإنّ الغرض ما يقصد من الفعل فتأمّل. قوله :( مع أنّ الدليل يمنمه أليس المراد بالدليل ما تقرّر من أنّ أفعاله تعالى لا تعلل بالأغراض كما قيل لأنه لا دليل على منعه فقد ذهب إليه كثير من المحدثين، والأدلة على خلافه كثيرة كما يدل عليه كثير من الآيات، والأحاديث، وإنما المراد أنّ الدليل قائم على أنّ الله تعالى لم يخلق الخلق لأجل العبادة أي لإرادة العبادة منهم إذ لو أواد العبادة منهم لم يتخلف ذلك وقد قام الدليل على التخلف بالمشاهدة، واستلزام الإرادة الإلهية للمراد، وقد قام الدليل عليه في الأصول. قوله :( لنا في ظاهر قوله الخ ) إنما قال ظاهر قوله : لأنه يحتمل أن يكون لام لجهنم لام العاقبة فلا ينافي كونها ليست بعلة، وقوله : وقيل الخ هذا منقول عن ابن عباس وعليّ رضي الله عنهم فالمعنى إلا لآمرهم